بعد اعتماد السفيرالموريتاني وتبادل السفراء.. هل تطوى صفحة خلاف الرباط ونواكشوط؟

ثلاثاء, 28/08/2018 - 10:09

بعد أشهر من الحديث عن "توتر في العلاقات" بين الرباط ونواكشوط، استقبل الملك محمد السادس الجمعة الماضية، السفير الموريتاني الجديد في الرباط محمد الأمين ولد آبي ولد الشيخ الحضرامي، إلى جانب سفراء عدد من العواصم بالمملكة.

اعتماد أوراق السفير الموريتاني الجديد في الرباط، يأتي في وقت عاشت في العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة حالة من المد والجزر، إثر بروز عدد من الخلافات بين المغرب وموريتانيا.

وكان المغرب قد أعلن خلال أبريل الماضي، عن تعيين حميد شبار سفيرا له في نواكشوط، بعد أكثر من سنة ونصف من شغور هذا المنصب، وذلك منذ وفاة السفير المغربي في نواكشوط عبد الرحمان بنعمر في ديسمبر 2016.

وفي طليعة الملفات التي تلقي بظلالها على العلاقات الموريتانية المغربية، قضية الصحراء الغربية، فرغم أن موريتانيا لا تعتمد سفيرا لجبهة البوليساريو في نواكشوط، إلا أن هذه الأخيرة حافظت على تواصلها مع الجبهة، من خلال استقبال مسؤولين صحراويين، وكذا حضور مسؤولين موريتانيين رسميين في أنشطة نظمتها جبهة البوليساريو في الأراضي التي تسيطر عليها.

​في مقابل ذلك، فإن نواكشوط، لا تنظر كثيرا بعين الرضا، لإقامة معارضين موريتانيين في المغرب، وقد صدرت في حقهم مذكرات متابعة بتهم متعلقة بالفساد، كما هو الحال بالنسبة لرجل الأعمال محمد ولد بو عماتو، ومدير أعماله محمد ولد الدباغ، اللذين يقيمان في المغرب.

'على موريتانيا أن تحذر'

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض في مراكش، إدريس لكريني، إن السنوات الأخيرة، شهدت محطات "يبدو أنها أثرت على العلاقات بين البلدين"، مضيفا أن "المغرب كان دائما حريصا على توضيح الأمر، وإعطاء إشارات إيجابية بأنه مصرّ على تمتين العلاقات مع موريتانيا".

ويضيف لكريني في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن هناك انتظارات عدة لدى البلدين، سواء على مستوى البناء المغاربي والاهتمامات المشتركة، خصوصا فيما يتعلق بالتهريب والإرهاب والهجرة السرية.

اقرأ أيضا: الرباط ونواكشوط.. هل تعود المياه إلى مجاريها؟

ويتحدث أستاذ العلاقات الدولية المغربي عن موقف موريتانيا من علاقاتها مع جارتها الشمالية، بالقول إن "موريتانيا عاشت خلال السنوات الأخيرة على وقع مشاكل سياسية أثرت على سلوكها الخارجية، كما يبدو أنها مصرة على تقوية علاقاتها مع المغرب وموازنتها مع الجزائر كذلك".

ويشدد المتحدث ذاته على أن تعيين سفير موريتاني جديد في الرباط "مؤشر إيجابي يعكس أن الأمر يتعلق ببلدين تجمعهما علاقات تاريخية ومتطورة"، موردا أن "تمتين العلاقات بين المغرب وموريتانيا سينعكس على المسار المغاربي، خصوصا فيما يتعلق بتفعيل آليات الاتحاد الذي سيكمل 30 سنة على تأسيسه، ومواجهة تحديات كثيرة كالقضايا العابرة للحدود والتي تستدعي مواجهتها بشكل جماعي".

اقرأ أيضا: موريتانيا والمغرب.. كواليس المد والجزر

ويشير لكريني إلى أن "المرحلة الحالية تقتضي التكتل والتعاون، وتمتين العلاقات الدبلوماسية ومد الجسور بين الدول المغاربية وطي صفحة المشاكل والخلافات".

وظلت قضية الصحراء إحدى أبرز محددات العلاقات المغربية الموريتانية طوال السنوات الأخيرة.

وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش، أن "قضية الصحراء حيوية بالنسبة للمغرب، ما يفرض على موريتانيا الحذر وعدم السقوط في مواقف يمكن أن يعتبرها المغرب مسا بوحدته"، وفق تعبيره، مضيفا أنه "لحد الآن تبقى موريتانيا واعية بهذا الإشكال، ما يجعلها تدعم العلاقات التي يفترض تطويرها".

'حرب باردة'

أما الخبير الموريتاني في العلاقات الدولية سليمان الشيخ حمدي، فيرى أن "علاقات البلدين ضاربة في القدم ولا يمكن أن تقاس بمعايير قطع العلاقات أو عودتها، أو من خلال إعادة فتح معبر حدودي، بل يجب العودة إلى أصولها التاريخية والجغرافية".

ويشير حمدي في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن العلاقات بين البلدين منذ الاستقلال تميزت بنوع من الخصوصية، بداية بعدم اعتراف المغرب باستقلال موريتانيا، قبل أن تتطور العلاقات ويشترك الطرفان في حرب الصحراء، "لكن بالرغم من ذلك ظلت بعض النقط الغامضة".

ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية الموريتاني، أن من أبرز التحديات التي تواجه البلدين، قضية الصحراء وموقف موريتانيا من هذا النزاع، مشيرا إلى أن "موقفها يقوم على الحياد الإيجابي الذي لم يرق للمغرب كثيرا، حيث تريد الرباط أن تقف نواكشوط في صفها".

ويورد في السياق ذاته أنه "كانت هناك عدد من السجالات الواضحة بين المغرب وجبهة البوليساريو على الصعيد الأفريقي، وكان المغرب يريد من موريتانيا أن تقف إلى جانبه لكنها لم تفعل، ولا تريد أن تكون في صفه لصالح أطراف أخرى من بينها الجزائر"، وفق تعبيره.

في المقابل ترخي العلاقات المغربية السنغالية بظلالها على الجارة موريتانيا، بالنظر إلى الخلافات التاريخية بين نواكشوط وداكار.

ويعتقد سليمان الشيخ حمدي، أن موريتانيا "ترى في العلاقات المغربية السنغالية عمقا وتطورا، يفترض أن يجمع الرباط بنواكشوط، الأقرب إليها من حيث التاريخ والجغرافي".

ويشدد المتحدث ذاته على ضرورة التعاون والتكتل بين البلدين بعد أن "خبرا حربا باردة منذ مدة طويلة دون نتيجة تذكر، وفق تعبيره، مضيفا أن "التحديات المشتركة التي تواجههما تفرض عليهما إخراج العلاقات إلى إطار أوسع".

ويؤكد في هذا السياق "تعيين السفراء بعد مخاض عسير يمكن أن يكون بداية لوضع لبنة أساسية في العلاقات بين البلدين، وتوطيدها رغم وجود بعض الخلافات
  .