تقرير: المغرب والجزائر يخلقان "عدوّاً وهميّا" أمام المشاكل الداخلية‎

أحد, 21/10/2018 - 17:34

بعدَ سنواتٍ من العداء المحمُوم بين الجزائر والمغرب، لا تظهر أيّ مؤشرات في المستقبل القريب لانفراجٍ يتطلّع إليه الشَّعبان المُجاوران، اللذان يتقاسمان التاريخ والثقافة والدين والعادات واللغة، إذ أنّ مُشكل الصحراء يأبى إلا أن يدفع بهذه العلاقات إلى القطيعة والخُصومة الدائمة، فقد أدّى الخلاف الحدودي، حسب ورقة نشرها مركز إسباني، إلى تنافس عنيد تفاقَمَ بسبب النزاع حول الصحراء، عندما أصبحت الجزائر الداعم الرَّئيس لجبهة "البوليساريو".

ويتوقع الباحث الإسباني بابلو مورال، الذي صاغ ديباجة الورقة المنشورة بمركز "Elorden mundial" المتخصص في الدراسات الاستراتيجية، أنّهُ "بعد أكثر من عشرين سنة من الجفاء السياسي لا يبدو أن العلاقات بين الرباط والجزائر ستتحسَّن في الأيام القادمة، رغم أن هناك من يربط هذه الأزمة بالنخبة العسكرية الحاكمة في قصر المرادية، التي لا تسعى إلى الخروج بهذه العلاقات من المسالك الضيقة إلى رحابة الاندماج والتعاون"، مضيفا أنَّ "مستقبلاً غامضاً ينتظرُ قيادة البلدين".

وفسّر الباحث الإسباني أنَّ "هذا الصراع المستمر منذ أكثر من أربعين سنة وريثٌ لعقليات حاكمة في كلا البلدين؛ وقد ساهمَ هذا الوضع المعقَّد، بحسبه، في تأخير قطار التنمية، وضياع فرص تعزيز التعاون المشترك بين الدول المغاربية، مؤكدا أنَّ "المغرب كان دائماً مهووساً بفكرة التوسع، وقد اتضح هذا بجلاء في مفهوم المغرب الكبير، الذي طرحهُ لأول مرة زعيم حزب الاستقلال، علال الفاسي، لكن الجزائر شكلت عقبة أمام هذا التوجه التَّوسعي الذي سار فيه المغرب".

لكنْ، من النَّاحية الدبلوماسية، لا يبدو أن هناك تنافساً بين البلدين، فالمغرب يتميّز بـ"نشاط دبلوماسي مثير"، لا سيما بعد زيارات الملك محمد السادس إلى الخليج وبعض دول إفريقيا، فمنذ وصوله إلى السلطة زارَ العاهل المغربي أزيد من ثلاثين دولة إفريقية، وأصبح المغرب ثاني أكبر مستثمر إفريقي في القارة، في حين يعاني الرئيس الجزائري من تبعات أزمة مرضية أقعدته في كرسي متحرك منذ إصابته بجلطة دماغية سنة 2013.

كما أنَّ المغرب يروّجُ لإسلام معتدل ناعمٍ من خلال إذاعة محمد السادس ومعهد محمد السادس، الذي يوفر العشرات من المنح الدراسية للأئمة الأفارقة. وتتوقف الورقة البحثية عند "دعوة الرباط القادة الجزائريين إلى فتح الحدود سنة 2008 كخطوة أولية لتجاوز سنوات الخلاف، إلا أن الجارة الشرقية ظلت متشبثة بموقفها المساند للصحراويين في الجبهة، وأن الحلّ يجبُ أن ينطلق من إيجاد تسوية للنزاع في الصحراء".

ويضيف التقرير الإسباني أنه "خلال الآونة الأخيرة أظهرت كل من الجزائر والرباط أن التَّرويج بوجود عدو يمثل أمراً مفيداً للنظامين معاً، لتغطية أوجه القصور الداخلية الخاصة بهما. أمّا في المجال الأمني، فإنَّ الانقسام الثنائي يفضي إلى الافتقار التام للتنسيق في الحرب ضد الإرهاب، وهو مصدر قلق مُلح لكلا البلدين".

وأخيراً، ومن الناحية الاقتصادية، فإنَّ إغلاق الحدود، حسب التقرير، يجعلُ المغرب العربي المنطقة الأقل تكاملاً من حيث المبادلات التجارية في العالم؛ إذ هناك فقط 4.8 بالمائة من حجم المبادلات بين بلدان المغرب العربي، وتمثل هذه النسبة أقل من 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي. ومع اندماج كلّي، سينمو الناتج المحلي الإجمالي الفردي لهذه البلدان بنسبة 5 بالمائة على الأقل، وفق ما توقعه مؤلف التقرير.

 

هسبريس