ذات يوم.. 27يوليو 1956..العلم المصرى يرتفع لأول مرة على أبنية شركة قناة السويس.. ورئيس الوزراء البريطانى: «ناصر استولى على القناة.. خطفها من يدنا ولن أتركه يفوز بما فعل»

اثنين, 27/07/2020 - 09:14

انتهى فريق تأميم قناة السويس بقيادة المهندس محمود يونس من السيطرة على جميع مكاتب الشركة فى الإسماعيلية وبورسعيد والسويس بعد ساعتين من بدء العملية فور استماعهم إلى كلمة السر «ديلسيبس» فى خطاب عبدالناصر بميدان المنشية بالإسكندرية مساء 26 يوليو 1956..

يذكر المهندس عبدالحميد أبوبكر، مساعد يونس، فى مذكراته «قناة السويس والأيام التى هزت الدنيا»: «نفذنا فور سماع كلمة ديليسبس أول مرة، بالرغم من أن عبدالناصر كررها 17 مرة خوفا من أن تفوتنا».. يضيف: «تم جرد المكاتب والخزائن، وتمكن ضباط وجنود القوات المسلحة من سلاح الإشارة من السيطرة على محطات الإشارة الإحدى عشرة التى تنتشر على طول القناة».

يتذكر «أبوبكر»: «أنزلنا علم القناة عن أبنية الشركة، وخفق محله العلم المصرى يضىء الطريق للجميع فى قناة السويس، وحوالى الساعة الثانية صباح 27 يوليو، مثل هذا اليوم،1956، كان كل شىء هدأ، وكان الجو شديد الحرارة ولا توجد أى مرطبات، وبدأنا نشعر بالجوع ولم نجد أى شىء نأكله أو نشربه سوى ماء ساخن، وافترش محمود يونس الأرض واستراح بملابسه الداخلية فى حجرة «مينيسييه» مدير إدارة الشركة فى بورسعيد، وفعلنا نفس الشىء أنا وعادل عزت فى الغرف المجاورة».

 

يؤكد أبوبكر: «فى صباح 27 يوليو طلبنا من البنوك أن تضع جميع أموال شركة القناة المؤممة التى لديها فى البنك الأهلى باسم «هيئة قناة السويس»، وفى الساعة الثانية عشرة ظهرا كان البنك تسلم 9 ملايين جنيه من البنوك فى مدن القناة الثلاث والقاهرة والإسكندرية».

وفيما كان الحماس الوطنى فى عز توهجه بمصر تأييدا لقرار التأميم، كان الغضب فى ذروته بالعاصمة البريطانية لندن.. يذكر الصحفى الأمريكى «دونالد نيف» فى كتابه «عاصفة على السويس 1956» ترجمة وتعليق وتقديم «عبدالرؤف أحمد عمرو» عن المركز القومى للترجمة، القاهرة»: «كان رئيس الوزراء البريطانى «أنتونى إيدن» على مائدة العشاء التى أقامها على شرف ملك العراق فيصل الثانى ورئيس وزرائه نورى السعيد فى مقر الحكومة، وقت إعلان عبدالناصر قرار التأميم».

 

كان «نيف» معاصرا للأزمة شابا، واعتمد فى كتابه على الوثائق السرية للأزمة فى أمريكا، ولقاءات مع شخصيات عاصرتها، وزار القاهرة وعمان ودمشق والرياض، وعواصم الدول التى صنعت الأزمة، وأصدر كتابه عام 1981، وانتهى إلى رأى يقول فيه: «العاصفة على السويس 1956 عاصفة هوجاء هبت على قناة السويس، وظن بطل هذه الأحداث، Bنتونى إيدن- معتمدا على إرثه التاريخى- أن النصر بيمينه، ولم يخطر بباله، أن تكون النتيجة مخيبة لآماله وأحلامه، ومخططاته، وخرج مهزوما مخذولا، بالتالى أهمله التاريخ، وأصبح نسيا منسيا، فى حين بقى ناصر، منتصرا، مرفوع الرأس شامخا».

يرصد «نيف» رد فعل «إيدن» فور علمه بقرار عبد الناصر: «كان معه بعض الشخصيات الإنجليزية ضيوفا، وحينما سمع النبأ المزعج، ظل يترنح، يجىء ويذهب، وكأن تاج الإمبراطورية البريطانية يكاد يطير فى الهواء من فوق رأسه.. قال نورى السعيد له: لابد من ضرب ناصر بكل قوة والآن، فهو عدو لدود لدى الغرب، وانتقل الملك فيصل ورئيس وزرائه إلى مكتب «بنيامين درزائيلى» رئيس الوزراء الذى كان مسؤولا عن شراء نصيب مصر فى أسهم شركة قناة السويس 1875، وهو يهودى عجوز، وكان سببا فى كل المشاكل، واندهش نورى، ولكنه لم يتلق إجابة من إيدن، إذ لم يكن فى حالة مزاجية تمكنه من التجاوب معه فى الحديث».

 

يضيف «نيف»: «استدعى إيدن مجلس الوزراء للاجتماع، وقائد عام القوات الإنجليزية، والسفراء الممثلون لفرنسا وأمريكا، وفى نحو منتصف الليل كان جميع المسؤولين فى مقر مجلس الوزراء، وكان مكتب إيدن لا ينقطع عنه رنين التليفون، والكل يدلى برأيه فى أذنه بما يراه حلا لهذا الموقف، فى وقت كان المصريون قد قبضوا على رقبة البريطانيين.. قال إيدن للمجتمعين بكل أسى: هذه هى النهاية، وليس فى إمكاننا أن نفعل أى شىء، ومعنى هذا أن ناصر يبتزنا الآن، إنه استولى على القناة، وخطفها من يدنا، وسوف يسىء إدارتها، وهذا أمر يحد من نشاطنا التجارى عبر العالم، وهذا الوضع من المستحيل قبوله، إن وضعنا الآن يجبرنا أن نتخذ خطوة قوية.. أريد أن أقبض على القناة وأتولى مسؤوليتها مرة ثانية.. سوف لن أتركه يفوز بما فعل