باحث أميركي: موريتانيا توازن علاقاتها التجارية مع المغرب مع مخاوف الجزائر بشأن الصحراء

خميس, 18/02/2021 - 10:59

قال الباحث في العلوم السياسية في جامعة برينستون الأميركية، وصاحب كتاب "موريتانيا: نضال من أجل الديمقراطية"، نويل فوستر، إن محاكمة الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، هي الموضوع الوحيد الذي يمكن أن تتفق عليه كل من الحكومة والمعارضة في البلاد.

واعتبر فوستر أن التحقيق الذي جرى مع الرئيس الموريتاني السابق بتهم الفساد ليس بمعزل عن السياسة، موضحا أن التهم الموجهة لولد عبد العزيز كانت نتيجة تقارير رسمية للجنة برلمانية تحقق في فساده المزعوم، ثم جرى تحويلها إلى النيابة العامة.

وأشار فوستر في حوار مع "أصوات مغاربية" إلى أن غياب الانقلابات عن البلاد منذ 2008، لا يعني غياب الجيش في السياسة، مضيفا أنه "طالما لا يوجد نظام حقيقي للضوابط والتوازنات على السلطة الرئاسية، فضلا عن وجود معارضة سياسية ممزقة بموريتانيا، فمن المرجح أن يستمر الجيش في لعب أدوار سياسية".

وبخصوص نزاع الصحراء قال فوستر إنه من غير المرجح أن تثير نواكشوط عداء جيرانها بتغيير سياستها الرسمية القائمة على الحياد، موضحا أن على موريتانيا أن توازن علاقاتها التجارية المتنامية مع المغرب مع مخاوف الجزائر بشأن الصحراء الغربية.

نص الحوار:

    كيف ترى الواقع الحالي للأحزاب السياسية في موريتانيا؟

نويل فوستر

لم تقم الأحزاب السياسية الموريتانية حتى الآن ببناء قواعد انتخابية تتخطى الانقسامات العرقية والاجتماعية في البلاد، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن قيادة الأحزاب السياسية الـ 28 بعد أن كان عدد هذه الأحزاب يصل إلى 107 قبل عامين. كما لم تقم أحزاب المعارضة ببناء القدرة المؤسسية للقيام بحملات فعالة في جميع أنحاء البلاد، باستثناء حزب "تواصل" الإسلامي.

وتبعا لذلك، لا تمثل الأحزاب السياسية الموريتانية تحديا كبيرا للحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية) حتى الآن، نظرا للاستياء العام من مجموعة متنوعة من القضايا، مثل الفساد والتمييز والركود الاقتصادي الحالي وضعف الاستثمار الأجنبي.

    بما أنك تحدثت عن الحزب الحاكم، لم تشهد موريتانيا أي انقلاب عسكري منذ عام 2008، رغم أنها شهدت ثلاث انقلابات عسكرية منذ عام 2003. برأيك هل طوت موريتانيا صفحة الانقلابات العسكرية؟

غياب الانقلابات، مثل غياب السياسيين بالزي العسكري، لا يعني غياب الجيش في السياسة. فالغزواني يعد نتاجا للجيش الموريتاني وصديقا سابقا لمحمد ولد عبد العزيز، كما أن ترشحه للرئاسة كان نتيجة لرفض كل من الجيش والطبقة السياسية الموريتانية السماح لعبد العزيز بتأمين فترة ثالثة غير دستورية وسلطة غير مقيدة.

    بماذا تفسر ذلك؟

طالما لا يوجد نظام حقيقي للضوابط والتوازنات على السلطة الرئاسية، فضلا عن وجود معارضة سياسية ممزقة بموريتانيا، فمن المرجح أن يستمر الجيش في لعب أدوار سياسية.  بما أنك ذكرت الغزواني ووصوله لسدة الحكم، ما الذي تغير في هيكل السلطة في موريتانيا بعد توليه منصب الرئيس؟

طرد محمد ولد الغزواني أفراد عائلة سلفه وأشد الموالين من السلطة، لكن طبيعة سياسة المحسوبية في موريتانيا لم تتغير بعد كما تظهر تحقيقات الفساد الجارية. ويمثل ذلك مصدر قلق ملح بشكل خاص، ليس فقط بالنظر إلى عواقب الركود في موريتانيا بسبب جائحة كورونا، ولكن أيضا بالنظر إلى المطالب طويلة الأمد للحد من الفساد وانخراط فئة من الشباب المتنوعين في السياسة.

    على ذكر الشباب، كيف تقيم مشاركة هذه الفئة إلى جانب النساء في الحياة السياسية الموريتانية؟

يبلغ متوسط ​​العمر في موريتانيا 21 عاما، ومع ذلك لا يزال الرجال المسنون فوق 60 سنة يهيمنون على الطبقة السياسية في موريتانيا، في حين أن النساء والمجموعات مثل الحراطين، أحفاد العبيد، وكذلك الأفرو-موريتانيين، بعيدون عن التمثيل العادل. ومع ذلك ، فقد سمح ظهور وسائل التواصل الاجتماعي للكثير من الشباب الموريتانيين بأن يصبحوا أكثر وعيا سياسيا وأكثر نشاطا وحتى بالنسبة للبعض ليصبحوا ناقلين للمعلومة والتعبئة في مجتمع يحترم الأجيال الأكبر سنا.

    عودة لموضوع الغزواني وولد عبد العزيز، ورغم العلاقة القوية التي كانت تجمع بين الرجلين، إلا أن هذه العلاقة توترت ورأينا منذ فترة، استدعاء عبد العزيز للتحقيق في تهم الفساد. برأيك،  ما هي أسباب ذلك؟

في أكتوبر 2019 ، سعى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إلى إعادة تأكيد سلطته بعد أشهر فقط من تولي الغزواني منصبه. تم إقناع عبد العزيز بعدم الترشح لولاية ثالثة غير دستورية كرئيس فقط في يناير 2019 في آخر لحظة، مع التأكيد على ما يبدو أنه سيحتفظ بالحصانة الرئاسية رغم أنه كان متهما بالفساد خلال بداية حكمه في عام 2009 .

من خلال محاولة العودة إلى السياسة، بدا أن الجنرال السابق يتراجع عن التزامه، ما أدى إلى مواجهة بين عبد العزيز والغزواني، حيث استمال هذا الأخير العديد من أنصار عبد العزيز، وكذا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الأمر الذي سهل بعد ذلك جلسات الاستماع البرلمانية بشأن فساده المزعوم.

    هل تعتقد أن التحقيق مع الرئيس السابق مؤشر على استقلالية المؤسسات أم أنه يبقى مجرد أداة سياسية؟

التحقيق ليس بمعزل عن السياسة، فالتهم الموجهة لعبد العزيز كانت نتيجة تقارير رسمية للجنة برلمانية تحقق في فساده المزعوم، ثم جرى تحويلها إلى النيابة العامة. ومع ذلك، فإن محاكمة الرئيس السابق عبد العزيز هي الموضوع الوحيد الذي يمكن أن تتفق عليه كل من الحكومة والمعارضة. حتى الآن يبدو أن أدلة موثوقة كانت وراء هذا التحقيق، إذ لا يخضع عبد العزيز للتحقيق وحده، فقد استقال رئيس الوزراء أثناء فترة التحقيق، بينما خضع العديد من الوزراء السابقين للتدقيق بشكل متكرر.

وبالفعل، هنا يأتي السخط العام من دور السياسة في القضاء أو بالأحرى من التصورات بأن التحقيق لم يقطع شوطا كافيا في التحقيق مع الفاعلين السياسيين المؤثرين الآخرين.

    في ما يخص نزاع الصحراء، ظلت موريتانيا ملتزمة بمبدأ الحياد، برأيك هل يمكن أن نرى تغييرا لموقفها في المستقبل؟

من غير المرجح أن تثير نواكشوط عداء جيرانها بتغيير سياستها الرسمية القائمة على الحياد، يجب أن توازن نواكشوط علاقاتها التجارية المتنامية مع المغرب مع مخاوف الجزائر بشأن الصحراء الغربية.

 

 

 

المصدر: أصوات مغاربية