هل تحمي "الحصانة الدستورية" الرئيس الاسبق ولد عبد العزيز وأركان حكمه؟

خميس, 11/03/2021 - 11:41

 تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط، اليوم ، بداية مرحلة سياسية جديدة، بعد انتهاء مرحلة التحقيق الابتدائي وإحالة عشرات المسؤولين السابقين والحاليين إلى النيابة العامة في إطار الملف المتعلق بشبهات فساد خلال فترة حكم الرئيس السابق.

وتتجه الأنظار خاصة إلى محاكمة محمد ولد عبد العزيز، الذي اعتبر دفاعه مرارا أن ما يتعرض له من ملاحقات قضائية هو "استهداف سياسي له ولأشخاص محسوبين "

وبحسب قانونيين ، فقد غادر الرئيس السابق، ادارة الأمن رفقة جميع المشمولين في الملف ، نحو قصر العدل بالعاصمة نواكشوط، استعدادا للمثول أماموكيل الجمهورية.الذي يستعد الأن لتلاوة بيان النيابة ..

وفي الوقت الذي يشدد دفاع ولد عبد العزيز على أن الأخير يتمتع بحصانة دستورية، فإن العديد من فقهاء القانون الدستوري والسياسيين في موريتانيا يؤولون مبدأ "الحصانة الدستورية" بطريقة تهدد اليوم حرية الرئيس السابق.

ولد الداهي: الحصانة تحمي الوظيفة لا الأشخاص

يقول الخبير الدستوري الموريتاني، محمد الأمين ولد الداهي، إن الحصانة الدستورية "ليست مبدأ شاملا يحمي الرئيس من أي متابعة قضائية"، مضيفا أن "أي فصل دستوري يحمي الرئيس لا يجب أن يجعل منه مواطنا فوق القانون والمحاسبة".

ويتابع الأمين ولد الداهي - وهو أحد محرري الدستور الموريتاني الأخير - أن الرئيس "ما دام في السلطة، يتمتع بحصانة دستورية تحميه إلى حد كبير من الملاحقة القضائية، لكن عندما تنتهي مأموريته فإنه معرض كأي مواطن لمبدأ المساءلة"، مردفا أن "الحصانة الدستورية تحمي وظيفة الرئيس وليس الأشخاص".

وينص الدستور الموريتاني في المادة 93 على أن "رئيس الجمهورية لا يكون مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، و بالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية".

ويعتبر دفاع الرئيس السابق أن هذه المادة الدستورية تحمي الرئيس السابق من أفعال منسوبة إليه خلال فترة توليه الرئاسة.

وفي هذا الصدد، يقول الأمين ولد الداهي إن "الرئيس فعلا لا يمكن استدعاؤه إلى المحكمة خلال فترة توليه الرئاسة إلا في حالة الخيانة العظمى. أما عندما يغادر منصبه فهو كأي مواطن موريتاني آخر يخضع لقوانين البلد". 

 

ويضيف "الحصانة الدستورية تحمي أيضا الرؤساء السابقين بشكل مطلق فيما يتعلق بممارسة وظائفهم الدستورية مثل التعيينات والإقالات وحل البرلمان وغيرها من الوظائف التنفيذية لرئيس الجمهورية، لكن لا يوجد في الدستور ما ينص على حماية الرئيس في قضايا متعلقة بالفساد".

 

وتحدث الخبير الدستوري والرئيس السابق لجامعة نواكشوط أيضا عن "الخيانة العظمى"، قائلا إن "البرلمان وحده القادر على سن قوانين تحدد بالضبط ماذا يعني الدستور بتهمة الخيانة العظمى. فهذه التهمة غير واضحة في الدستور حاليا"، مردفا "إذا قرر البرلمان اعتبار أن بعض قضايا الفساد ترتقي إلى تهم الخيانة العظمى، فإنه يجب أن يحيل أي ملف بهذا الخصوص إلى المحكمة الدستورية، وهي التي تقضي بإدانة الرئيس أو تبرئته".

الأمين الداه: فرضية سجن الرئيس السابق قائمة

من جانبه، يقول المحلل السياسي، محمد الأمين الداه، إن الملف الذي يتابع فيه الرئيس السابق "لا يتعلق بالتأويل الدستوري للحصانة الدستورية، إنما يندرج في إطار الرقابة البرلمانية للسلطة التنفيذية".

ويتابع الأمين الداه مبرزا في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، أن "لجنة التحقيق البرلمانية أصدرت تقريرا حول مجموعة من الصفقات والمشاريع الحكومية في فترة الرئيس السابق. وتظن اللجنة أن هذه المشاريع تتخللها شبهات فساد".

ويضيف موضحا بأن "المدعي العام من حقه أن يسائل المشمولين في هذه الملفات. وطبعا دفاع الرئيس السابق لديه نظرية قانونية مضادة يؤكد فيها أن المحكمة الدستورية هي الوحيدة المخولة بالاستماع إلى رؤساء الجمهورية، وفي موضوع واحد وهو الخيانة العظمى".

ويؤكد محمد الأمين الداه أن موضوع الخيانة العظمى "غامض دستوريا، ما يخلق جدلا بين فقهاء القانون حيال محاكمة ولد عبد العزيز، ويجعل الطرفين معا يتمسكان بتأويلاتهما في سجال قانوني لم يسبق أن شهدته موريتانيا".

وبخصوص اتهامات موجهة للجنة التحقيق البرلمانية بـ"تصفية حسابات سياسية" مع ولد عبد العزيز، يقول المتحدث إنه "لن يدافع عن موقف أي طرف دون آخر" قبل أن يردف مؤكدا أن "كل الإجراءات التي اتخذت في هذا الجانب مضبوطة إلى حد ما، إذ لم تسفر عن اعتقالات سياسية من حاشية الرئيس السابق أو المسؤولين الحاليين الذين ظلوا في مناصبهم إلى حد أمس بمعنى الكلمة".

وقد أدى استدعاء النيابة العامة لمسؤولين حاليين إلى إقالتهم من مناصبهم، الإثنين، للتفرغ للدفاع عن أنفسهم.

 وقد شمل هذا الإجراء وزيرا واحدا في الحكومة ومدراء شركات كبرى أبرزها شركة التنظيف والأشغال والنقل والصيانة، وشركة الموريتانية للطيران، بالإضافة إلى حوالي 10٠ شخصية أخرى.

وفي هذا الصدد، يقول الأمين الداه إن "دفاع الرئيس السابق حاول أن يُجنب الأخير الوقوف أمام المدعي العام، لكن يبدو أن المراقب العام اقتنع على ما يبدو بأن الملف يحترم المساطر العادية للقضاء".

وبخصوص مخاوف البعض من التداعيات السياسية لملف محاكمة الرئيس أو ربما إيداعه السجن، يرى المتحدث أن "المشمولين بالمتابعة وعددهم كبير جدا، ستبقى ملفاتهم لدى النيابة العامة لفترة أطول من الفترة التي قضتها لجنة التحقيق البرلمانية في هذه الملفات، نحن إذن أمام أشهر طويلة قبل الوصول إلى الأحكام النهائية في هذه القضايا"، مشيرا إلى أن "فرضية سجن الرئيس السابق قائمة، ولكن لا نعرف بالضبط كيف ستكون تداعياته السياسة على البلد".

اصوات مغاربية+الاعلامي