.jpg)
كم من قطاع في البلد يعرف التأخرأو التعطيل، أو حتى الشلل التام، ويكون سبب ذلك وجود (مسئول) آلَ إليه الأمر عن طريق ظاهرة المحسوبية التي تجذرت في العشرية السوادء . وهو غير مؤهل لتحمل المسؤلية, فعندما تغيب المبادئ والقيم الأخلاقية، يصبح المحظور مباحًا، وتصبح العلاقات الإنسانية تحكمها مبادئ المصلحة وسلطة النفوذ التي شكلت عاملاً مهددًا لسلامة المجتمع وتطوره، خاصة أنها خلفت واحدة من الظواهر السيئة التي تَغلغلت في الادارات العمومية للدولة ، لكنها تعمقت اكثر في بعض مكاتب الجمارك.فهناك اشخاص من بينهم الفياه ولد المعيوف وعبد الرزاق تفننوكثيرا في ظاهرة استخدام المحسوبية والنفوذ في تحقيق المأرب الخاصة ، غير مدركين بالتغيير الذي حصل في البلاد. وبخطورة ما يعرف بالمحسوبية أو الواسطة التي باتت تشكل حاجزًا يصعُب فيه التمييز بين الكفاءة وإسهامات المرء الفعلية، وحتى وإن كانت تمثل الفساد بعينه إن صح التعبير، إلا أنها في نظر البعض المنقذ والمسلك الوحيد في تحقيق الاهداف الخاصة ، بل أضحت مصدر تفاخر يتباهى فيه صاحبه بقوة جاهه ومعارفه،
المحسوبية هي عبارة عن تعيين مسؤل علي مصلحة ويوظفها في مصلحته الخاصة على حساب المصلحة العامة، فهذا يعني انه غير مؤهل لتحمل المسؤولية،
و(المسئول) الواصل إلى المسؤولية التي تفوق كفاءته وقدرته عن طريق المحسوبية، دائم التبجح بالكفاءة والأهلية؛ لأنه يقر في قرار نفسه أنه حصل على مسؤولية ليس أهلاً لها، وهو يعلم علم اليقين أن الرأي العام يستنكر حصوله على هذه المسؤولية، تمامًا كما أنه هو نفسه غير مقتنع بأهليته لتبوأ هذه المسؤولية، ومع ذلك يعطل ضميره، ويحاول جهده وباستمرار إقناع الرأي العام بأنه في مكانه المستحق بطرق شتَّى أشهرها إلى درجة الابتذال وسائل الإشهار المختلفة؛ حيث يعتمد على شِرذمة من الوصوليين والانتهازيين من أصحاب المصالح الخاصة أمثاله؛ ليقوموا بدور الدعاية الرخيصة له، وتمجيده كذبًا وزورًا، وهم - المتمجدين الذين يصنعون الاستبداد..
وهؤلاء الوصوليون والانتهازيون يحولون الفشل الواضح الفاضح لمسئول والمحسوبية بنفاقهم إلى منجزات؛ فالمسئول الذي يصل إلى مركز القرار في بعض القطاعات والإدارات عن طريق المحسوبية، لا يقرأ النسب المئوية الخاصة بالفشل والتعثرات، ويكتفي بقراءة نسب النجاح الضئيلة قراءة نفخ وتضخيم، ولا تنطلي حِيَل قراءته المغرضة إلا على السُّذَّج والعوام، وهذا (المسئول) المزورلا تربطه بمن يحيط به من الوصوليين والانتهازيين سوى علاقة المصلحة الشخصية الضيقة الزائلة بزوال درجة نفعها، وهو في أعماقه يحتقرهم ويزدريهم، كما أنهم يشاركونه الاحتقار والازدراء؛ بحيث إذا ما خلوا إلى بعضهم البعض كما تختلي الشياطين إلى بعضها، ذكروه بكل سوء، وذموه شرَّ ذمٍّ.
ومن المخزي بالنسبة لبعض من صاروا مسئولين في بعض القطاعات عن طريق المحسوبية، أن الرأي العام يعرف جيدًا كيف صاروا مسئولين، وفيهم من يسخر الناس من مقايضته المسؤولية حتى بعرضه وشرفه، ومع ذلك يقبل تجرع مرارة الهوان والذل من أجل الاحتفاظ بمنصب المهانة اليومية واللعنة الأبدية.
محاباة سلبية مختلفة على سبيل المثال، حين تتم مكافأة أحدهم بالترقية والمنصب ليس بناءً على امتلاكه الكفاءة أو الخبرة أو المؤهلات العلمية، ولكن بشكل رئيس بسبب انتمائه القبلي أو السياسي أو الجهوي ، ولا أعتقد أنني أُبالغ في هذا السياق إذا جادلت بأن استمرار وجود أي مظهر من مظاهر المحسوبية في المجتمع يدل على عدم تكرُّس مبدأ "تكافؤ الفرص"، وربما يشير إلى التناقض الواضح بين ما يتم إطلاقه من شعارات اجتماعية رنانة، وبين ما تتم ممارسته على أرض الواقع.
إن مفهوم المحسوبية والوساطة ليس جديدًا، بل كان منذ قديم الزمان، وحتى إنه ورد في القرآن الكريم، لكنه كان بمفهوم الشفاعة الحسنة، إلا أنه حاليًّا لا يتسم بالمفهوم الشرعي،.
