يوم.. 13 يناير 1972..السادات يكشف أسرار تراجعه عن الوفاء بوعد «عام الحسم» ضد إسرائيل فى سنة 1971

جمعة, 13/01/2023 - 13:31

فى بداية عام 1971، أعلن الرئيس السادات فى خطاب له: «أقول بكل أمانة ووضوح أن سنة 1971 هى سنة الحسم»، واستقبل الناس ذلك على أنه العام الذى ستخوض فيها مصر حربها ضد إسرائيل، التى يتم الاستعداد لها منذ هزيمة 5 يونيو 1967، غير أن السنة انتهت دون أن يحدث شىء على هذا الصعيد، فبدت الأمور وكأنها تخصم من مصداقيته، وفى 13 يناير، مثل هذا اليوم، 1972، كشف فى خطاب له أسباب عدم تنفيذه لوعده.

روى السادات فى خطابه الذى نشرته الصحف المصرية يوم 14 يناير، 1971، قصة جعلها مثلا يقيس عليه تراجعه عن «عام الحسم».. قال:  «فى يوم الأحد 9 يوليو 1967 بالتحديد، لم يكن مضى على معركتنا مع العدو أكثر من شهر، تحرك لواء إسرائيلى مدرع نحو القنطرة شرق، وكانت قيادتنا تتابع هذا كله، كانت أخبار من الأمم المتحدة ومن مصادر كثيرة بتأكد إن الإسرائيليين عايزين يعبروا إلى الضفة الغربية، ووصلت قيادتنا إلى قرار رفعته إلى الرئيس جمال-الله يرحمه- هذا القرار مقتضاه أنه طالما هناك لواء مدرع إسرائيلى بيتحرك نحو القناة، نحو القنطرة شرق بالذات، فلا بد أن تتعامل معه القيادة قبل العبور كما تقضى الأصول العسكرية، وأعطى الرئيس جمال الموافقة على هذا القرار، وخرجت القاذفات والطائرات المصرية يوم الأحد 9 يوليو 1967 لكى تتعامل مع هذا اللواء المدرع قبل أن يعبر إلى الضفة الغربية، وظلت قاذفاتنا ومقاتلاتنا فى الجو لمدة ساعتين، والضباب يخيم على المنطقة بالكامل، ولا تستطيع لا القاذفات ولا المقاتلات أن تحدد أهدفها بسبب هذا الضباب، عندئذ اتصلت القيادة بالرئيس جمال، وكانت الساعة 12 ظهرا، وأبلغوه بالموقف أن القاذفات والمقاتلات مش قادة ترى أهدافها لأن فيه ضباب، فألغى القرار».

«الرئيس جمال حقيقة، وكما قلت أنا سابقا، إنه كان عبقرية سياسية، وأيضا عبقرية عسكرية، وكان تقديره إن هذا اللواء بيتحرك ليس للعبور، كما أرادوا أن يشنوها حربا نفسية علينا، وإنما لتعزيز موقعهم فى القنطرة شرق، ولكن القيادة تحوطا منها أن يكون هذا بدء لعملية عبور إلى الضفة الغربية، اتخذت قرارها، وأبلغت الريس.. الساعة الواحدة بعد الظهر، قال لهم: قفوا.. كان تقديره فعلا أنه ليس إلا تعزيز للجبهة، جبهة الإسرائيليين شرق القناة، ولكن كانت عملية العبور فى نظره فى ذلك الوقت، وكما ثبت بعد ذلك مستبعدة».

يذكر السادات هدفه من ذكر هذه الواقعة، قائلا: «أردت أن أحكى لكم هذا التاريخ، لأننى فى الأيام الأخيرة من نوفمبر الماضى واجهت هذا الموقف تماما، تعلمون أننى أعلنت وبعد حساب دقيق أن سنة 1971 لا بد أن تكون سنة الحسم، طبعا سأل الكثير من الأصدقاء والأعداء.. لماذا هذا القرار؟ ببساطة، شرحت للكل أن هذا القرار يعنى أنه إذا لم نتوصل إلى الحسم فى سنة 1971، ستظل القضية معلقة إلى ما بعد 1973، 1974، وهو ما تريده إسرائيل، وما يريده الأمريكان وقد يمتد الأمر إلى فترة أطول وسنوات أطول، فيصبح أمر واقع الاحتلال الإسرائيلى للضفة الشرقية للقناة والأرض العربية الأخرى، ولعل آخر تصريح لموشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، يوضح هذا الكلام، لأنه بيقول إنه بيستغل فترة من 10 إلى 15 سنة على ما تنحل هذه القضية، علشان يفرض الأمر الواقع».

«فى أكتوبر الماضى دعيت المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتدارسنا كل الموقف سياسيا وعسكريا، وانتهينا إلى قرار، وأصدرت تعليماتى بالتجهيز للعمل قبل انتهاء سنة 1971، مضى شهر أكتوبر، وكان كل شىء يسير حسب الخطة تماما، جاء شهر نوفمبر، وكل شىء يسير حسب الخطة تماما، الأيام الأولى من شهر ديسمبر وهم منتظرين منى الإشارة بالبدء، لكن حصل الضباب، قامت معركة بين دولتين صديقتين هما الهند وباكستان، المعركة شدت انتباه العالم كله، وأصبحت معركة بين القوى الكبرى اللى هى بتمس معركتنا، روسيا بينها معاهدة وبين الهند، وباكستان فى الأحلاف الغربية، فى الحلف المركزى، وفى حلف جنوب شرق آسيا، وميزان القوى اللى لا يجب أبدا أن نتجاهله لما نخش معركتنا، أصبح فيه كلام وفيه اختلاف فى اللحظة الأخيرة، ومن يتصور أن معركتنا منفصلة عن التوازن العالمى اللى موجود بين القوى الكبرى أو لا تؤثر فيها الأحداث اللى بتجرى من حولنا واهم وخاطئ، وأنا غير مستعد أورط نفسى أو أورط القوات المسلحة فى عملية أنا مش حاسب حسابها تماما، احنا مستعدين نضحى بكل ما تطلبه المعركة، ولكن غير مستعدين أن نتورط، وكما أصدر الرئيس جمال قراره الساعة الواحدة بعد الظهر يوم 9 يوليو 1967، أصدرت أنا قرارى للفريق محمد أحمد صادق، وزير الحربية، وقلت له: لا بد من إعادة الحسابات».