قادة بلدان غرب إفريقيا "إيكواس"يتراجعون: الحوار "أساس" مع قادة انقلاب النيجر

خميس, 10/08/2023 - 17:24

شدد قادة بلدان غرب إفريقيا الخميس على أنهم سيجعلون التفاوض مع القادة العسكريين الذين استولوا على السلطة في النيجر "أساس" مساعيهم لنزع فتيل الأزمة، في تراجع عن التهديد بالتدخل عسكريا لإعادة الحكومة المنتخبة.

وقال الرئيس النيجيري بولا تينوبو الذي يترأس القمة الطارئة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) في أبوجا "نمنح أولوية للمفاوضات الدبلوماسية والحوار كأساس لنهجنا".

وأجرى رؤساء دول غرب أفريقيا محادثات مغلقة في نيجيريا اليوم الخميس لمناقشة ردهم على الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر الشهر الماضي بعد تحدي المجلس العسكري في نيامي لتهديدهم السابق باستخدام القوة لاستعادة الديمقراطية.

عُقد الاجتماع بعد ساعات من تشكيل قادة الانقلاب في النيجر لحكومة جديدة، الأمر الذي فرض نفسه على جدول أعمال القمة قبل بدئها.

ومنذ انقلاب 26 يوليو (تموز)، الذي أحدث صدمة في المنطقة، يرفض المجلس العسكري المبادرات الدبلوماسية وتجاهل مهلة انتهت في السادس من أغسطس (آب) حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم للسلطة.

حكومة جديدة

شكلت السلطات العسكرية المنبثقة عن الانقلاب في النيجر حكومة، بحسب ما أفاد بيان صادر عن قائد المجموعة الانقلابية، الجنرال عبد الرحمن تياني بثه التلفزيون الوطني ليل الأربعاء- الخميس.

ويترأس الحكومة التي أُعلنت قبل عقد الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) قمة الخميس في أبوجا، رئيس الوزراء علي الأمين وتضم عشرين وزيراً، ووزيرا الدفاع والداخلية فيها هما جنرالان في المجلس العسكري الذي استولى على السلطة.

مبعوثان من نيجيريا

وكان المجلس العسكري التقى مبعوثين اثنين من نيجيريا، مما يمنح أملاً للحوار قبيل عقد قمة بين قادة المنطقة يمكن أن يؤدي إلى عمل عسكري لاستعادة الحكم الديمقراطي في البلاد.

ومن المقرر أن يجتمع رؤساء دول "إيكواس"، اليوم الخميس بالعاصمة النيجيرية أبوجا، لبحث مسألة النيجر بما يشمل الاستخدام المحتمل للقوة لاستعادة النظام الدستوري.

 

غوتيريش قلق على بازوم

 

من جهة ثانية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه "قلق جدا" بشأن ظروف اعتقال رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، داعياً إلى الافراج عنه.

واستنكر غوتيريش الأربعاء، "الظروف المعيشية البائسة التي يقال إن الرئيس بازوم يعيش في ظلها مع عائلته"، وفق بيان صادر عن الأمم المتحدة.

وأفادت شبكة "سي أن أن" أمس الأربعاء أن المتمردين الذين أطاحوا ببازوم وضعوه في عزلة وأجبروه على تناول الأرز الجاف والباستا.

وذكرت الشبكة أن الرئيس قال في سلسلة من الرسائل النصية التي تبادلها مع أحد اصدقائه إنه "محروم من أي اتصال مع انسان منذ يوم الجمعة"، إضافة إلى عدم تزويده بالطعام أو الدواء.

وقال المتحدث باسم غوتيريش إن الأمين العام "يعيد التأكيد على قلقه بشأن صحة الرئيس وعائلته وسلامتهما، ويدعو مجدداً إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وإعادته إلى منصبه رئيساً للدولة".

 

تهديد وجودي

 

 من ناحية أخرى، اعتبر رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو الأربعاء أن الانقلاب في النيجر يشكل تهديداً وجودياً للجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إيكواس).

وقال إمبالو للصحافيين قبل توجهه إلى أبوجا لحضور اجتماع إيكواس اليوم الخميس، إن بازوم هو الزعيم الشرعي والوحيد للنيجر. وأضاف "الرئيس الوحيد الذي نعترف به هو بازوم، إنه الشخص الذي اختاره الشعب". وأضاف "إذا كنت لا تريد حكومة أو رئيساً ما، عاقبهم من خلال صناديق الاقتراع... يجب حظر الانقلابات".

وقال إمبالو إنه في أعقاب انقلابات في ثلاث دول أخرى أعضاء في الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا منذ عام 2020، فإن مستقبل التكتل الإقليمي قد يكون موضع شك. وأضاف "إن الوضع الذي تمر به إكواس مثير للقلق بحق، فهذه المنظمة كانت حتى الآن الأكثر أماناً والأقوى في القارة بأكملها"، متابعاً "اليوم نحن نخاطر بجعلها تختفي". لكنه استطرد بأنه لا يعتقد أن الأمر سيصل إلى هذا الحد.

ولفت إمبالو إلى إنه في حال اختارت إيكواس التدخل عسكرياً في النيجر، فإن مجلس الدفاع الوطني لغينيا بيساو سيقرر ما إذا كانت البلاد ستشارك بجنود في هذه القوة أم لا.

وقال "إذا تم اتخاذ القرار على هذا المستوى، يمكن للرئيس عندها أن يصدر مرسوماً بذلك دون المرور عبر البرلمان".

وشهدت غينيا بيساو العديد من الانقلابات ومحاولات الانقلاب منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974. وجرت آخر محاولة انقلابية هناك في فبراير (شباط) 2022.

 

اتهام لفرنسا وباريس تنفي

 

يأتي ذلك فيما اتهم المجلس العسكري فرنسا بانتهاك المجال الجوي للبلاد ومهاجمة معسكر للجيش وتحرير "إرهابيين" في إطار خطة أشمل لزعزعة الاستقرار في النيجر، وهي اتهامات سرعان ما نفتها باريس.

وجاءت الاتهامات في بيان مصور لضابط الجيش أمادو عبدالرحمن، من دون أن يقدم أدلة، في وقت يشهد توتراً متزايداً إذ من المقرر أن يبحث رؤساء دول غرب أفريقيا خيارات تشمل التحرك العسكري ضد قادة الانقلاب في قمة الخميس.

وقال عبدالرحمن في البيان "ما نشهده هو خطة لزعزعة استقرار البلاد".

ورفضت وزارة الخارجية الفرنسية الاتهامات قائلةً إن تحركات الطائرة جزء من اتفاق سابق مع قوات النيجر وإن قواتها المتمركزة في النيجر موجودة هناك بطلب من السلطات الشرعية.

وأضافت الوزارة في بيانها رداً على اتهامات المجلس العسكري "لم ينفذ أي هجوم على معسكر في النيجر".

رفض مبادرات دبلوماسية

وخلال الأزمة، رفض المجلس العسكري مبادرات دبلوماسية من مبعوثين من أفريقيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. ولكن مصدراً بحكومة نيجيريا قال إن المجلس العسكري التقى مبعوثين اثنين للرئيس النيجيري بولا تينوبو، الذي يرأس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، في عاصمة النيجر نيامي.

 

وسمح للمبعوثين، وهما الزعيمان البارزان لاميدو محمد سانوسي وعبد السلام أبو بكر، بدخول البلاد على رغم الحدود المغلقة.

 

اقرأ المزيد

 

بلينكن تحدث إلى بازوم ونيجيريا تفرض عقوبات جديدة على انقلابيي النيجر

 

"إيكواس" لا تستبعد أي خيار بالنسبة إلى النيجر

 

30 ألف متظاهر في النيجر دعما للانقلاب قبيل انتهاء مهلة "إيكواس"

والتقى سانوسي فقط بزعيم المجلس العسكري الجنرال عبدالرحمن تياني ، بينما التقى أبو بكر بممثلين آخرين في المطار.

 

وقال سانوسي للصحافيين لدى عودته إلى أبوجا "سارت الأمور على ما يرام"، من دون أن يخوض في التفاصيل.

 

 ظروف احتجاز "قاسية"

 

وجه الحزب المنتمي إليه محمد بازوم رئيس النيجر اتهامات إلى المجلس العسكري، الذي استولى على السلطة في 26 يوليو (تموز)، بإبقاء الرئيس وأسرته في ظروف احتجاز "قاسية" و"غير إنسانية" في القصر الرئاسي.

 

وقال "حزب النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية" إن أسرة بازوم لا يوجد لديها ماء جار أو كهرباء أو أغذية طازجة ولا يفحصهم أطباء. ودعا الحزب في بيان إلى تعبئة وطنية لإنقاذهم.

 

مخاوف على سلامة بازوم

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن سلامة بازوم ولا تزال تبحث عن سبيل لإلغاء الانقلاب العسكري.

وأضاف في إفادة صحافية "نواصل التواصل مع شركائنا في المنطقة. ونواصل التواصل مع الحكومات الأخرى".

وهناك قوات أميركية في النيجر إلى جانب قوات فرنسية وإيطالية وألمانية في إطار الجهود الدولية لمحاربة الإرهابيين في منطقة الساحل بموجب اتفاقات مع الحكومة المدنية المعزولة الآن.

مقاومة داخلية

وردت أنباء في وقت سابق من أمس الأربعاء تفيد بأن زعيم متطرفين سابقاً دشن حركة معارضة للمجلس العسكري، في أول إشارة إلى المقاومة الداخلية لحكم الجيش في الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة الساحل الأفريقي.

وأصبحت وضع السياسة الداخلية أيضاً أكثر تعقيداً، الأربعاء، مع إعلان ريسا أج بولا المتمرد السابق إنشاء "مجلس للمقاومة من أجل الجمهورية" بهدف إعادة الرئيس المعزول بازوم للسلطة. والرئيس محتجز في قصره منذ حدوث الانقلاب.

وورد في بيان أج بولا "النيجر ضحية مأساة دبرها أشخاص مكلفون بحمايتها"، مضيفاً أن المجلس سيستخدم "أي وسائل ضرورية" لمنع الجيش من حرمان شعب النيجر من حرية الاختيار.

الانقلاب العسكري وضع النيجر في عزلة إقليمية ودولية (رويترز)

مخاوف الصراع

ويزيد تحدي أج بولا احتمال حدوث صراع داخلي في النيجر التي ظلت حتى حدوث الانقلاب حليفاً مهماً للغرب في منطقة انقلبت فيها دول أخرى على الحلفاء الغربيين، خصوصاً فرنسا، ووطدت علاقاتها مع روسيا.

وتخشى القوى الغربية من تنامي النفوذ الروسي إن حذا المجلس العسكري في النيجر حذو مالي في طرد قوات الغرب ودعوة المرتزقة من مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة.

وذكر بيان أج بولا أن مجلس المقاومة من أجل الجمهورية يدعم إيكواس وأي جهات دولية أخرى تسعى إلى إنهاء الحكم العسكري في النيجر، مضيفاً أن المجلس سيكون متاحاً أمام "إيكواس" من أجل أي غرض مفيد.

وأدى أج بولا دوراً بارزاً في انتفاضات الطوارق، وهم جماعة عرقية بدوية في صحراء شمال النيجر خلال تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومثل العديد من المتشددين جرى دمجه بالحكومة في عهد بازوم وسلفه محمدو إيسوفو.