مجازر مروعة وعشرات جثث الشهداء.. جيش الاحتلال ينسحب من مستشفى “الشفاء” بعد تدميره بالكامل)

اثنين, 01/04/2024 - 10:18

انسحب جيش الاحتلال بشكل كامل من داخل مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به غربي مدينة غزة، فجر الإثنين، ما كشف عن عشرات الشهداء ودمار هائل في المستشفى ومحيطه، بعد أسبوعين من اقتحامه.

دمار كبير

وغيرت عملية الاقتحام الأكبر والأوسع ضد مدينة غزة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، معالم مشفى الشفاء، الذي كان يعد أكبر مشفى في القطاع.

واكتست واجهات مباني المستشفى باللون الأسود بسبب القصف والتدمير الممنهج وعمليات الحرق التي نفذتها قوات الاحتلال. وأوضحت مصادر طبية، أن جيش الاحتلال دمّر خلال العملية العسكرية طوابق بشكل كامل في مبنى الجراحات التخصصية، كما أحرق بقية المبنى، فيما أحرق مبنى الاستقبال والطوارئ الرئيسي، ودمر عشرات من غرفه وجميع الأجهزة الطبية فيه.

وقام جيش الاحتلال بإحراق مباني الكلى والولادة وثلاجات دفن الموتى والسرطان والحروق، ودمر مبنى العيادات الخارجية.

وبذلك خرج المشفى رسميا عن الخدمة، بسبب شدة القصف الذي دمر المباني والأجهزة.

ومن شأن ذلك أن يزيد من حجم مأساة سكان مدينة غزة، الذين لم يعد لهم مشفى يلجأون إليه للحصول على الخدمة الطبية، بعد تدمير مشفى القدس التابع للهلال الأحمر في الأسابيع الأولى للحرب، وإجبار طواقمه ومرضاه وقتها على النزوح القسري إلى مناطق وسط وجنوب قطاع غزة.

هذا وقد تناثر حطام مستشفى الشفاء في الساحات، فيما وُجدت الكثير من جثث الشهداء في باحاته وفي الطرقات المحيطة به، ولم يكن أحد يستطيع الوصول إليها بسبب الاستهداف الإسرائيلي خلال عملية الاجتياح.

وعقب الانسحاب، عثر على العديد من جثث الشهداء التي تحللت جراء بقائها بدون دفن، حيث انتشل الأهالي جثامين 50 شهيدا في الساعات الأولى بعد الانسحاب.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الرائد محمود بصل، إن هناك نحو 300 شهيد في مجمع الشفاء ومحيطه بعد انسحاب قوات الاحتلال.

 

من جهتها، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الجيش قتل 200 واعتقل 500 آخرين واحتجز نحو 900 للتحقيق خلال عمليته بالمجمع الطبي ومحيطه.

 

وكانت قوات جيش الاحتلال فرضت حصارا محكما على المشفى، وأجبرت الطواقم الطبية والمرضى على البقاء في أحد المباني الإدارية، دون أن يوصل إليهم الطعام والدواء.

 

وطول فترة الاجتياح والحصار، كان يتواجد في المشفى 107 مرضى، معظمهم من الحالات الصعبة التي كانت في وحدة العناية المركزة، و60 من الطاقم الطبي.

 

وحسب شهود من المكان، فقد أشاروا إلى أن من بين الشهداء من وُجدوا مكبلي الأيدي، بما يؤكد أنهم تعرضوا بعد اعتقالهم لعمليات “إعدام ميداني”.

 

وحسب الشهادات، فقد أقدمت قوات الاحتلال على إعدام عدد من مرافقي المرضى، فيما جرى اعتقال عدد منهم، وإجبار آخرين على النزوح القسري إلى مناطق وسط وجنوب غزة.

 

وهناك توقعات بأن يرتفع عدد الشهداء كثيرا، في ظل وجود الكثير من الجثث تحت ركام المباني التي دُمرت في محيط مجمع الشفاء.

 

مشاهد من يوم القيامة

وفي ساعات الصباح، تفقد سكان المنطقة المحيطة بالمجمع المكان، بعد أن بقوا في منازلهم طوال فترة الأسبوعين الماضيين، يشتكون من نفاد الطعام والشراب، فيما عاد للمنطقة بعض السكان الذين نزحوا قسرا بصعوبة إلى مناطق وسط مدينة غزة.

 

ووفق أحد السكان، فقد تحولت المنطقة التي يقطنها وتقع إلى الغرب عشرات الأمتار من مستشفى الشفاء إلى “مدينة أشباح”، وقال لـ”القدس العربي” إن “لم يعد هناك شيء على حاله”، لافتا إلى أن حجم الدمار الأخير فاق كل عمليات القصف والاجتياح السابقة للمنطقة.

 

وأكد هذا الشاهد الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه لم يعد هناك مبنى في المنطقة إلا ودُمر أو تعرض لقصف أو حرق من قبل قوات الاحتلال.

وأشار إلى أن ركام وحطام المباني يتناثر في الطرقات، حيث تصعب الحركة في تلك المنطقة حتى مشيا.

ويوضح أن هناك سيدات قدمن لتفقد منازلهن وانهرن من البكاء، حين علمن باستشهاد أسرهن، فيما ذُهل الجميع من هول مشاهد الدمار.

وقال شاهد عيان آخر، تمكن من الخروج مع أسرته إلى وسط مدينة غزة، بعد أربعة أيام من حصار المنطقة، إنهم شاهدوا الموت بأعينهم، وظن أكثر من مرة خلال سيره في الطرقات هربا من القصف، أنه سيقضى وأسرته في غارة تنفذها طائرة مسيرة. وقال لـ”القدس العربي” إن ما عزز شعورهم بالخوف، هو جثث الشهداء الملقاة في الشوارع.

هذا وقد بدأ السكان وطواقم المسعفون، رغم الإمكانيات البسيطة، العمل على إخراج جثث الضحايا من تحت الركام.

وعلاوة على الاستهداف الذي طال المباني، تعرضت البنى التحتية في تلك المنطقة خاصة إمدادات المياه إلى التدمير، ما يحول دون قدرة سكان المنطقة للعودة والسكن فيها.

إلى ذلك، لا تزال قوات الاحتلال تواصل حصارها لمشافي مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وكانت تلك القوات قد عادت منذ الأسبوع الماضي لحصار مشفيي “الأمل” التابع للهلال الأحمر، و”ناصر” التابع لوزارة الصحة، ومن ثم أجبرت المرضى والطواقم الطبية في مشفى “الأمل” لتركه قسرا والتوجه إلى مناطق غرب خان يونس.

وفي السياق، ناشدت وزارة الصحة الجهات الدولية بالعمل من أجل إعادة مشفى “ناصر” للعمل من جديد، بعد أن خرج هو الآخر من الخدمة، لافتة إلى أن توقفه يعتبر “ضربة قاسمة للخدمة الصحية التي تقلصت إلى أدنى مستوياتها، ويحرم المرضى من الحصول على الخدمات العلاجية”.

يشار إلى أنه بهذه العملية العسكرية الجديدة ضد مشافي خان يونس، ضغطت قوات الاحتلال بشكل كبير على المنظومة الصحية جنوبي القطاع، حيث يضطر المرضى والمصابون للتوجه إلى مشافي مدينة رفح التي بالكاد تلبي احتياجات السكان والنازحين هناك