حين لا يكون المعلم صاحب قيم

أربعاء, 30/10/2019 - 15:07

ترددت كثيرا قبل أن أقوم بكتابة هذه السطور، و لمدة سنوات طويلة كتمت الأمر، لأنه أمر مشين، أمر لا يمكن تصوره أو البوح به، كما أنه لا يجوز كتمانه.

تعود أحداث هذه القضية إلى سنوات ماضية (لا أرغب في تحديدها) حين كنت تلميذة في المرحلة الابتدائية، كان هناك نوعان من الأشخاص بالسنبة لي، أفراد أسرتي و الغرباء، كل من هو سوى أفراد أسرتي بالنسبة لي غرباء، أي أشخاص علي أن أكون على قدر كبير من الحذر و الخوف منهم، بيد أن ينضاف إلى النوع الأول معلمي الذي كان دائما بالنسبة لي يشبه "بابا" معصوم في نظره، شخص مقدس، لا يمكن أن يحب لي إلا الخير، و من هنا وقعت فاجعتي.

لقد كنت ألاحظ بعقلي القاصر أن معلمي ذلك يكن لي نوع خاص من التقدير، و يميزني دائما تمييزا إيجابيا غير أنني كنت أعتبر أن ذلك بسبب أني تلميذة متفوقة، مجتهدة، مرت الأيام و ذلك المعلم يعاملني باهتمام و يحاول دائما أن يستقصي أخباري بالسؤال عن وسطي الاجتماعي، إلا أن حد في يوم من الأيام أن دعاني لأمر ما لأنجزه له، و لما أصبحنا منفردين حاول أن يلمس مناطق خاصة من جسدي، فاقشعر بدني، و سالت دموعي و اصفر وجهي، و حاولت الهرب، فمنعني محاول إفهامي أنه لم يقصد ذلك، و أنه على استعداد تام بالزواج بي.

لقد تشوهت صورة القديس بداخلي، و صرت أكره العالم، و خاصة ذلك المعلم، و تلك المدرسة، و صرت أخاف كل الرجال، هذه القصة لا تفارق مخيلتي أبدا، و ذلك الجرح لم يندمل، و تلك الفضيحة لا شيء يمكن أن يغطي عليها أو ينسيني فيها.

قبل أيام بحثت كثيرا عن هذا المعلم (الذي كنت أدعوه بكل فخر "سيدي" ) و عرفته بنفسي و بالكاد تمكن من التعرف علي، و حين ذكرته بالقضية و طلبت منه الاعتذار قطع الخط بعد أن شتمني كثيرا، لقد كنت أبحث عن سبب لأسامحه.

لقد كان هذا المعلم اسمه على ما أذكر عمار بشير، لا أعرف كم فتاة بعدي وقعت ضحيته، لكنني أتمنى أن يبقى في الطاقم التربوي أناس يستحقون تحمل هذه المسؤولية الكبيرة، أناس ينظرون إلى التلاميذ كأبناء لا كفرائس، و أتمنى أن أرى اليوم الذي تكون فيه عقوبات رادعة لمثل هذا الرجل الذي ترك بي جرحا نفسيا لن يندمل، و كان سبب تعثر مسيرتي الدراسية.

كريمة بنت يحي

نواكشوط..