صحيفة اصوات مغاربية ولد بوحبيني: يقول سجلنا 12 حالة عبودية في موريتانيا العام الماضي

سبت, 31/10/2020 - 09:19

 تشير تقارير هيئات المجتمع المدني في موريتانيا إلى أن هناك "مئات الآلاف من العبيد في البلد"، بينما تؤكد السلطات على أن "هناك مزايدات ومتاجرة بالموضوع"، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" يفصل رئيس "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في موريتانيا،  المحامي أحمد سالم ولد بوحبيني، في هذا الجدل الكبير، كما يكشف عن آخر الأرقام التي توصلت إليها اللجنة حول حالات العبودية والإجراءات التي اتخذتها السلطة للقضاء على هذه الجريمة.

قمتم مؤخرا بجولة شرقي البلاد للتحسيس ضد العبودية. ماذا كانت نتائجها؟

نحنُ نعتبر أن من يهتم بموضوع حقوق الإنسان يجب أن يكون على صلة مباشرة بالمواطنين، لهذا السبب ارتأينا أنه من الضروري أن تكون اللجنة على صلة مباشرة مع المواطنين عن طريق القافلات التي قمنا بها، فضلا عن الشكاوى التي نتوصل بها على مستوى اللجنة.

قمنا بجولات مباشرة إلى سبع ولايات إلى حد الساعة، وكانت نتائجها جيدة، لأنه كانت هناك صلة مباشرة مع المواطنين، وكانت فرصة مباشرة للتواصل مع السلطات المحلية.

ما يميز هذه الزيارة أنها كانت بالتعاون مع المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الاقصاء (تآزر)، فنحنٌ نطلع على الإشكالات الحقوقية، بينما (تآزر) تعنى بالجانب الاقتصادي، إذ لديها الوسائل المالية الكبيرة لحل المشاكل، سواء تعلق الأمر بالتعليم والصحة والمشاريع المدرة للدخل للنساء.

وماذا عن التحسيس ضد العبودية؟

فيما يخص العبودية نحنُ طرحنا الإشكال، أولاً لأن مسألة العبودية تهم "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان"، وتعني اللجنة بالدرجة الأولى، قبل أن تكون من شأن منظمات المجتمع المدني، أو المدافعين عن حقوق الإنسان أو المناضلين.

هي في الحقيقة من صميم مهمتنا، لأنها أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، وبما أن اللجنة تعنى بحقوق الإنسان بصفة عامة، إذن، إشكالية العبودية وضعناها على رأس اهتماتنا.

قمنا خلال الجولة بالتحسيس في الداخل، حول التوعية والتثقيف حول خطورة جريمة العبودية، وأيضا حول ما قامت به السلطات في هذا الصدد، خصوصا ما يتعلق بإنشاء محاكم مختصة في العبودية، وسن قوانين مكتملة، والباقي هو التعاطي الإيجابي مع الموضوع، وخاصة مع تطبيق هذه القوانين.

 

لاحظنا أن هناك جدلا كبيرا بين منظمات غير الحكومية التي تعتبر بأن هناك مئات الآلاف من العبيد، وتعتبر كل مرة أنها وجدت حالات من العبودية، ومن ناحية أخرى السلطات تقول إن هناك مزايدات ومتاجرة بالموضوع.

 

لم ندخل في هذا الجدل، ولم نأخذ موقفاً منه، إنما قررنا أن نحل هذه الإشكالية عن طريق الاتفاق مع مكتب الأمم المتحدة في موريتانيا وبعض المنظمات غير الحكومية مثل "فوناد" (وهو منتدى المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان في موريتانيا) و"الرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان" AMDH، وقررنا الوقوف على كل حالة عبودية، إضافة إلى التحسيس حول خطورة العبودية وكونها جريمة ضد الإنسانية معتبرة في القانون الموريتاني، نقف على كل حالة عبودية ذكرت، فإذا كانت حقيقية، فالمحاكم موجودة، فنواصل العمل من أجل متابعة المجرمين، ومساعدة الضحايا، وإن لم تكن حالة عبودية، نصرح بأنها ليست حالة عبودية، وبالتالي نعتبر أن هذا الموضوع يحلُ الإشكال، ولم تعد هناك سلطات تغطي على حالات العبودية، ولن تكون هناك منظمات تتاجر بالعبودية، نحنُ جاهزون لهذا العمل.

المحامي أحمد سالم ولد بوحبيني

المحامي أحمد سالم ولد بوحبيني

 

بخصوص العبودية دائما، منظمات دولية عديدة تصنف موريتانيا على أنها أكبر معقل للعبودية في العالم. ماهو ردكم؟

 

بخصوص موضوع العبودية، نحنُ نعتبر أننا حسمناه، إذ قمنا بلقاء جميع السفراء الأجانب في موريتانيا، وجميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة، كما دعونا المنظمات غير الحكومية مثل هيومن رايتس واتش وأمنستي إنتر ناسيونال، ووجهنا نداءً لكل هؤلاء بالإضافة للمنظمات المحلية بأن كل من لديه معلومات بخصوص حالات عبودية في الولايات التي قمنا بجولات فيها، أن يبادر بالاتصال باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وشركائها، ومن ضمنهم مكتب الأمم المتحدة في موريتانيا لحقوق الإنسان، وبالتالي، لا مجال للتشكيك في مصداقية العمل.

 

إذن، بدل أن يكون النقاش في منابر الخارج حول وجود مئات الآلاف من العبيد، لنحول هذا النقاش إلى عمل ميداني للوقوف على حالات العبودية وللتعاطي معها.

 

نحنُ قمنا باللقاء المذكور، وقلنا إننا لا نصدق أو نكذب من يقول إن هناك مئات الآلاف من العبيد، كل ما في الأمر أننا مستعدون الآن للتعاطي مع هذه القضية بموضوعية ومهنية وبمصداقية نتيجة للشركاء الذين يعملون معنا.

 

كلما ذكرت حالة عبودية نقف عليها، ونواصل المشوار من أجل أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، وبالتالي، من الآن فصاعداً لن يكون من المجدي أو من المصداقية أن يتوجه أحد إلى الخارج للشكوى من حالات عبودية، وإنما الأحسنُ والأفضل أن يتوجه إلى هذه الآلية الموجودة حاليا، والتي يشهد عليها جميع الشركاء.

 

بالتالي هذه الآلية ستحسمُ الموضوع بصفة عامة، ستحسمُ أولا هل "صدقوا أم كذبوا؟ هل فعلا الحكومة تتستر على حالات العبودية، أم هل المنظمات تضخم حالات العبودية؟".

 

ثانيا، بالنسبة للعالم اليوم، أعتقد بعد النشريات التي قمنا بها، جل الدول وجل المنظمات الدولية تعرف وتدرك جيدا أن هناك ديناميكية جديدة في التعاطي مع هذا الملف، أعتقد أنها ستسد الباب أمام تلك الادعاءات الكاذبة، والمزايدات بخصوص العبودية.

 

هل هناك تقديرات رسمية من طرفكم لعدد حالات العبودية في موريتانيا؟

 

لا، نحنُ ليست لدينا أرقام، وبالتي لا ندخل في تكذيب أولئك الذين يعتقدون أن عشرين في المائة من المواطنين تحت نير العبودية، ولا ندخل في جدل أيضاً مع أولئك الذي يعتبرون أن العبودية غير موجودة، وأننا فقط أمام انعكاسات أو مخلفات للعبودية، لا ندخل في هذا الجدل.

 

 

تأتيكم شكاوى من وجود منظمات غير حكومية حول حالات عبودية، كم من مرة ثبت لديكم أن هناك حالات عبودية؟

 

حتى الآن وصلتنا حالتان بشكل رسمي، من مبادرة الحركة الانبعاثية (إيرا) في منطقة كيدي ماغا، ووقفنا على الحالتين وأعددنا تقريرنا، كان هناك تكوين على المنهجية من طرف مكتب الأمم المتحدة في موريتانيا، وكنا مصحوبين بشركائنا في موريتانيا مثل "فوناد" و AMDH. وسلمنا تقريرنا للمنظمات غير الحكومية في موريتانيا، وأرسلنا نسخة لمنظمة الأمم المتحدة، والسفارات الأجنبية.

 

هل ثبت لديكم أن هذه الحالات المذكورة حقيقية؟

 

لا، نحنٌ وجدنا أنها ليست حالات عبودية، وقلنا في الرسالة أنها ليست حالات عبودية، لو كانت هناك حالات عبودية لقمنا بما يلزم، لم نقم بالنشر حول هاتين الحالاتين، ولكن سلمنا التقرير للمنظمة المعنية، وسلمنا نسخاً للمنظمات الأخرى، ولكن في المستقبل سننشر.

 

وهذا لايدل على أن موريتانيا خالية من العبودية، ولكن لحد الساعة لم نقف على حالات عبودية.

 

ولكن في السنة الماضية وقفنا على 12 حالة عبودية، وهذه الحالات هي موضوع متابعة قضائية في محكمة النعمة (شرقي موريتانيا)، للأسف أعتقد أن جل المعنيين بالأمر كانوا فارين إلى دولة مالي، مما أدى بنا إلى المطالبة بالمساعدة القضائية، وإلى تفعيل العلاقة القضائية بين موريتانيا ومالي، وهي اتفاقية قضائية بين موريتانيا ومالي تمكنُ من ملاحقة المجرمين في كلا البلدين.

 

ما هو تقييمكم لوضع حقوق الإنسان في موريتانيا؟

 

وضع حقوق الإنسان في موريتانيا لا يمكنُ أن نقول أبدا أنه جيد وأنه مكتمل.

 

وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا  مليئة بالاختلالات، كسائر بلدان العالم، ولكن ليس هذا هو المشكل، أو ليس هذا هو المشكل الأساسي، المهم أن يكون هناك استعداد للتعاطي مع قضايا حقوق الإنسان، استعداد من طرف السلطات واستعداد من طرف هيئات المجتمع المدني، واستعداد من الجهات الخصوصية كاللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.

نحنُ مرتاحون لأن هناك توجها مشتركا بين المجتمع المدني والهيئة الحقوقية، ولذا شاهدنا مؤخرا تعاطي الجميع يدا بيد مع الشأن الحقوقي، خاصة في الجولات الأخيرة التي قامت بها اللجنة.

ماهو تقييمكم لتعاطي نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزاوني معكم؟

نحنٌ في هذه المأمورية منذ سنة ونصف، وتعاطي السلطات كان إيجابيا حتى الآن، لا توجد ملاحظات عليه، لا يعني ذلك أن كل المشاكل الحقوقية تجدُ حلولاً، ولكنها تجدُ آذانا صاغية، والبعض منها يجد حلولاً، وما دام الأمر هكذا فنحن نعتبر أننا نقومنا بدورنا كهيئة استشارية للحكومة.

 

في المقابل، نستنقص قليلا علاقتنا مع البرلمان، فاللجنة أيضا مستشارة للبرلمان، ومن المفروض على هذا الأخير بحكم ما يسمى "مبادىء بلغراد" أن تكون لديه علاقات مباشرة مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. نعتقد أن هذه الإشكالية ستحل قريبا خلال لقاء مبرمج مع البرلمان.

 

    المصدر: أصوات مغاربية