صراع الأجندات الخارجية بمنطقة الساحل.. أين تتموضع موريتانيا؟

سبت, 25/09/2021 - 11:17

تتجه مالي لكي تكون واحدة من أبرز ساحات التنافس الدولي بين القوى الغربية وروسيا في إفريقيا، وهو ما يطرح تحديات استراتيجية لدول الجوار، خصوصا بالنسبة لموريتانيا والجزائر اللتين تجمع بينهما حدود طويلة.

وبرز الملف المالي بشدة خلال الآونة الأخيرة، بعد تقارير عن اتفاق السلطات الانتقالية في البلاد، مع مجموعة "فاغنر" الروسية للأمن، حيث سارعت قوى أوروبية إلى تحذير باماكو من مغبة الذهاب في هذا الاتجاه.

ويطرح التوغل الروسي في منطقة الساحل التي تعد موريتانيا واحدة من بلدانها، عدة تحديات، خصوصا بالنظر إلى السجل المظلم لهذه المجموعة في مجال حقوق الإنسان.

ولا تزال سوريا وليبيا، وغيرهما شاهدة على جرائم هذه المجموعة، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات المشروعة حول خطورة تدخلها في منطقة الساحل، من بوابة مالي.

جسر بين الدول

وقال الخبير في شؤون منطقة الساحل، أحمد ولد محمد المصطفى، إن موقع موريتانيا في علاقتها مع دول الجوار، يجعلها دائما جسرا بين أطراف متعددة سواء دول الجنوب والشمال، كما أنها كانت جسرا بين الدول التي شكلت مجموعة الساحل، "وتمتعت بثقة بين دول كانت بينها تناقضات".

وسجل المصطفى، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، ما وصفه بالتراجع الفرنسي خلال السنوات الأخيرة في منطقة الساحل، موضحا أن هذا التراجع تجلى في فشل باريس في الحصول على اعتماد للقوة المشتركة، وفقا للبند السابع في الأمم المتحدة من قبل مجلس الأمن.

وأشار إلى أن ذلك مثل رسالة لتغير الدور الفرنسي، و"بدأت بعدها الأجندات تتعدد في المنطقة".

وأضاف الخبير الموريتاني أن روسيا دخلت على الخط، من خلال علاقاتها مع الماليين، وكذا الانقلاب الذي توصف قياداته بأن لها علاقات خاصة مع الروس"، موضحا أن "عددا من ضباط الانقلاب عادوا من تدريبات بإشراف روسيا".

وعن محصلة التدخل الفرنسي في منطقة الساحل، أشار محمد المصطفى إلى أنه بعد ثماني سنوات من الوجود العسكري الفرنسي، لم ينعكس ذلك بشكل إيجابي على الوضع الأمني، وطفا إلى السطح سؤال أفق هذا الوجود الأجنبي، "خصوصا وأن مالي التي كانت محور هذا التدخل، ازدادت فيها الأوضاع سوءا ودخلت في سلسلة انقلابات، كما فقدت الدولة المركزية السيطرة على نحو ثلثي أراضيها".

 

صراع أجندات خارجية

 

وتبعا لذلك، يعتقد الباحث المتخصص في القضايا الأمنية في الساحل، أن "المنطقة مقبلة على صراع أجندات خارجية"، مشيرا إلى أن "فرنسا ستكون أكبر الخاسرين فيه بجميع الأحوال".

 

وفي هذا السياق، أفاد المصطفى بأن هذه الأجندات الدولية تزاحمت من خلال الدخول إلى مالي والحديث عن اتفاق بين الحكومة المالية ومرتزقة فاغنر، "وهذا لاشك يمثل تطورا خطيرا، وبدأت أطراف خارجية مثل فرنسا، وداخلية مثل أزاواد، تستشعر خطورة هذا الاتفاق وتحذر منه، وتعتبره تهديدا حقيقيا للاستقرار بالنظر إلى سمعة هذه المليشيات السيئة في مجال حقوق الإنسان.

 

وذكرت تقارير سابقة أن "فاغنر" لديها آلاف المرتزقة في ليبيا وسوريا وفنزويلا والسودان وغيرها من البلدان. وفي يونيو، أفاد تقرير للأمم المتحدة بأن المرتزقة الروس يرتكبون جرائم حرب في إفريقيا.

 

النفود التركي

 

وإلى جانب التنافس الروسي والفرنسي في المنطقة، نبه البعض إلى النفوذ التركي المتزايد في المنطقة، "فتركيا تركز على إفريقيا وعلى منطقة الساحل بشكل خاص".

ورغم إصدارها بيانا يدين الانقلاب، بدأت تركيا جهودا لتوطيد علاقتها مع القائمين على المرحلة الانتقالية في مالي، بعد الإطاحة بالرئيس أبو بكر كيتا، في مسعى قد يهدف إلى تنصيب رئيس موال لأنقرة.

ونقل تقرير من "نوريدك مونتير" أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، كان أول مسؤول رفيع المستوى غير أفريقي يزور مالي منذ الانقلاب، في أغسطس الماضي.

وفي هذا السياق قال محللون ، إن لتركيا استثمارات كبيرة في مالي والسنغال، مشيرا إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عقد اتفاقيات مع دول المنطقة، مضيفا أنه "من الواضح أن تركيا بدأت تبحث لها عن موطئ قدم في الساحل، وقد تكون مالي المدخل الرئيسي لذلك".

المصدر: أصوات مغاربية