“زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية أن أحد منفذي عملية ميونخ، بقي في ألمانيا وعاش في برلين متخفيا لسنوات طويلة بعد العملية.
ووفقا للصحيفة الألمانية، فإن الشرطة والأجهزة الأمنية كانت على علم بوجود هذا الشخص، وهو ما يعزز الاحتمال القائم أن ألمانيا أدارت صفقة مع الفلسطينيين في تلك الفترة، لضمان عدم تنفيذ عمليات أخرى أو تنفيذ أية عمليات انتقامية بحقهم لاحقا.
وفي 5 أيلول/ سبتمبر عام 1972، اقتحم ثمانية مسلحين من منظمة “أيلول الأسود” الفلسطينية جناح الفريق الإسرائيلي في القرية الأولمبية، وقامت شرطة ألمانيا الغربية بالرد بعملية إنقاذ فاشلة قُتل فيها أحد عشر رياضيا ومشرفا إسرائيليا وشرطي ألماني، اثنان منهم قُتلا في القرية الأولمبية، وتوفي الآخرون خلال عملية تحرير فاشلة في مطار فورستينفيلدبروك.
ولاحقا قُبض على الخاطفين الثلاثة المتبقين، لكن تم إطلاق سراحهم بعد أسابيع في عملية تبادل إثر خطف مسلحين لطائرة لوفتهانزا في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1972 ومطالبتهم بالإفراج عنهم. واستندت الصحيفة في مزاعمها الى تقرير من أرشيف شرطة ميونخ.
وفقا للتقرير لم يتعرض أحد المهاجمين الأولمبيين الثلاثة الباقين على قيد الحياة منذ عام 1972 للملاحقة في برلين لمدة 13 عاما من احتجاز الرهائن الدامي في ميونخ. وأبلغت الشرطة في بافاريا من قبل مخبر من مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية عن مكان وجود الفلسطيني، الذي كان يتنقل بشكل شبه يومي بين الأجزاء الغربية والشرقية من المدينة. وبحسب التقرير، فإن الفلسطيني المعني كان يعيش في برلين الغربية، وأنه يقصد برلين الشرقية يوميا تقريبا للعمل في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية هناك.
وتفيد المعلومات، أن ولاية ميونخ تحتفظ في أرشيفها بمعلومات يمكن لعدد محدود من الناس الوصول إليها، وهو من قاد لهذا الاكتشاف. ورجحت الصحيفة وجود وثائق أخرى لم تتمكن من الوصول لها. بيد أن الشرطة أكدت أنه لم يتم توضيح موثوقية المخبر الذي أوصل المعلومات.
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البافارية، إن معالجة الملفات تقع على عاتق لجنة المؤرخين التي تم الاتفاق على إنشائها بين الحكومة الفيدرالية والناجين الإسرائيليين في سياق مفاوضات التعويض. وقال المؤرخ الألماني دومينيك آوفليغر الذي اطلع على التقرير، للصحيفة “بإمكاننا طرح السؤال ما إذا كانت الشرطة قد أرادت حقا التحرك، أو انها أرادت التخلي عن اعتقال شخص ما لتجنب هجوم جديد من قبل مسلحين فلسطينيين” في ألمانيا الغربية.
وفي الذكرى الخمسين للهجوم في أيلول/ سبتمبر، سعت ألمانيا لطلب “الصفح” من عائلات الضحايا الإسرائيليين. ويعتبر احتجاز الرهائن في ميونيخ أحد أخطر الأعمال الإرهابية في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية. واعترفت الشرطة والسلطات فيما بعد، بأخطاء جسيمة أثناء عملية التحرير الفاشلة. بعد عقود من المفاوضات، اتفق أهالي الناجين من الضحايا الإسرائيليين مع الحكومة الألمانية على دفع تعويضات بلغت 28 مليون يورو قبل أيام قليلة فقط من الذكرى الخمسين للعملية.
وقالت الصحيفة إن هذه المعلومات قد تؤكد نظرية طرحها سابقاً الناجون الإسرائيليون، وقالوا فيها إن الحكومة الألمانية قد عقدت صفقة مع الفلسطينيين لضمان عدم تنفيذ المزيد الهجمات على الأراضي الألمانية. في المقابل، كان يجب على ألمانيا إطلاق سراح الفلسطينيين.
وبحسب تقرير سابق لمجلة شبيغل، فإن التحقيقات المشتركة كشفت أنه كانت هناك تحذيرات مسبقة بإمكانية حدوث الهجوم، لكن السلطات الأمنية الألمانية لم ترغب في التورط في سيناريو هجوم إرهابي خلال الأولمبياد. حيث أظهرت الملفات السرية فشل المنظمين وجهودهم للتستر عليها، بحسب شبيغل. وكشفت التقارير وجود تضارب كبير بين وجهات النظر الألمانية والإسرائيلية في كيفية حل مشكلة اختطاف الرهائن، والتي ابتدأت أثناء انعقاد دورة الأولمبياد الصيفية عام 1972.
فالإسرائيليون لا يريدون المفاوضات مع الخاطفين، ويرون بذلك مسّاً بهيبة إسرائيل، خاصة في صراعها أمام الفلسطينيين. ولذلك طلبت إسرائيل من الألمان تحرير الرهائن بأي طريقة، حتى لو أدى ذلك إلى الاصطدام المباشر مع الفلسطينيين وقنصهم جميعا، وهو ما رأته ألمانيا تشددا غير مقبول لدى أوساط الساسة الإسرائيليين، وأثار تساؤلات لدى الحكومة الألمانية إن كان من الحكمة فعل ذلك، بل تخطى ذلك كله تساؤلات من أعضاء في البرلمان والحكومة الألمانية إن كان هناك واجب على ألمانيا بأن تقحم نفسها في الصراع العربي الإسرائيلي.
رئيس الموساد في ذلك الحين، تسيفي زامير، والذي كشفت الوثائق أنه استشاط غضبا من تصرف الفلسطينيين، وكادت حدته وعصبيته أن تؤزم العلاقة المتدهورة أصلا في ذلك الوقت مع المسؤولين الألمان، سافر إلى ميونخ فورا برفقة خبراء عسكريين ناطقين بالعربية في حالة كان التفاوض لا مفر منه، وقام زامير بتحميل الألمان مسؤولية التعرض للإسرائيليين، مذكرا بالتاريخ الدموي لألمانيا النازية بحق اليهود، وتلفظ بألفاظ أثارت رعب الحكومة الألمانية واستنكارها، خاصة بعد انتقاداته للشرطة الألمانية، ما حدا بالحكومة الألمانية إلى الاتصال مباشرة مع غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، وغيرها من المسؤولين، لحثهم على عدم تعريض العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين للخطر، بحسب مجلة شبيغل