ألفسادُ في العراق أصبح ملازماً, لكل الحكومات المتعاقبة, وبالرغم من وجود مفاصل برلمانية وأخرى حكومية؛ عملها الكشف والمحاسبة للفاسدين, إلا أنه صار من البديهيات, حتى نجح مروجو التفكير الجمعي, باتهام جميع الساسة بالفساد!
المواطن العراقي وقع في حيرة من أمره؛ فهو لا يرى غير الصراع السياسي, فالكُلُ يتهم وكلهم يدعي, البراءة من الفساد والسرقة, وإن شمل نفسه فيصرح" كي لا يقال قد برأ نفسه من الفشل" ولا يقول الفساد! فمن يقفُ خلف الفساد؟ ومن هم الفاسدون الكبار؟ إذ لم نشهد خلال السنوات الماضية, أسماء قد تم حسابها, إلا القليل لتشمل بعدها بعفوٍ, أو الحُكم مع إيقاف التنفيذ, مع الصمت المطبق, عن إعادة الأموال المسروقة, والتي أقل ما تستحق من عقوبة, هي مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة.
هَدر الأموال وسرقتها, سواءً عن طريق وضع الموازنة, أو العقود مع الشركات الوهمية, أو تحت استبدال الأثاث سنوياً, لكل مكاتب الحكومة, بدءً من مكاتب رئاسة الجمهورية, ومجلس الوزراء وما تلاها نزولا, لإدارات المديريات العامة, والتي كَلفت الموازنات, مبالغ تصل للتريليونات, يذهب جزء كبيرٌ منها, في جيوب الفاسدين وأرباب العمولات, ألايفادات التي كان أغلبها, للراحة والاستجمام وأمور أخرى, لا يعلمها إلا الخالق والراسخون في الفساد, وعندما يتم الكشف عن الفساد, فإن أول عذرٍ عند الفاسدين, بعد دفع (المالات) لقد كانت الاتهامات, عبارة عن استهداف سياسي ليس إلا, وتغلق القضايا بالتراضي, رغم علمهم أن التأويل غي مُقنع, للقاصي والداني, فلا دخان من غير نار.
الانتخابات الأخيرة التي جرت, في تشرين الأول عام 2022, أظهرت نتيجة لم تكن بالحسبان, ما أخر تشكيل الحكومة عاماً, شهدت فترة التأخير أحداثاَ كثيرة, ومخاطر جِسام كادت تصل لحرب أهلية, تم انتخاب رئيس الجمهورية, ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني, الذي قطع على نفسه وعوداً منها, اختيار الوزراء والقضاء على الفساد, لتماديهم بسرقة الأموال, حتى سولت نفوس بعضهم, التجاوز على أمانات الضرائب في مصرف الرافدين؛ وسرقة مبلغ 3,7 تريليون دينار عراقي, لتظهر بعد ذلك فضيحة أكبر, أفصح عنها وزير المالية بالوكالة، المستقيل من منصبه إحسان عبد الجبّار, أعلن أنه كشف وجود سرقة بمبلغ, لا يقل عن 800 مليون دولار, بعد عشرة أيام من تسلمه المنصب.
السرقات التي تم الكشف عنها مؤخرا, جريمة كبرى, لا يكفي الحكم فيها استرداد الأموال, بل يجب أن يوازي مبلغ السرقة, عدد سنوات سجن مجزية للفعل, فهل يتمكن القضاء العرقي, من إقامة العدل, دون تدخل من الساسة الداعمين للفساد؟ وهل من الممكن أن يقوم, معالي رئيس مجلس الوزراء, السيد محمد شياع السوداني, بحيتان الفاسدين الكبار؟ ليُريح البلاد والعباد, من فساد الفاسدين والمُفسدين, لينعم المواطن بثروات بلده, بعد سنوات من الخراب والفقر؟
فضائح الفساد التي كُشِفت, خلال شهر تشرين الأول قليل, فلدينا أموال موازنة 2022, وأموال مشروع قرار الدعم الغذائي, إضافة للسرقات السابقة المتراكمة, فهل يدع الفاسدون الحكومة الجديدة, والبرلمان الذي يجب أن يثبت نجاحه, دون دعم حقيقي؟