من أسعد اللحظات لدي حين أرى شخصا يرقص، فلاشيء يعبر عن فيض مشاعر السعادة الغامرة والإحساس الطافح كما يعبر الرقص حين يتحول الجسد إيقاعاتٍ ترسم دفقَ الروح وتخط مشاعرَها، والذي يعيش حالة الغمر أو الفيض هذه لن يلقي بالاً لمن يريدون له أن يكون مجرد حجر بجدار، فالرقص هو أفضل الطرق للتواصل مع الذات أولا، ومع الآخر المنفعل بالايقاع أي إيقاع.
ومع الوقت فشلت كل محاولات الفقهاء لضبط هذا الدفق الهائل من المحبة لدى المتصوفة، إذ المحبة لا تحكمها التشريعات فهي غاية كل تشريع ومطلق قصده.
ولقد تراجعت كل وسائل التعبير التقليدية، فالشعر والنثر في انحسار، والرواية في تراجع كما الفن التشكيلي والمسرح وغيره، ولا زال الرقص تعبيرا دينيا وسياسيا وأدبيًا يتحدى جمود الماضي ويستعصي كسره على كل منتجات الحداثة، وفي كل الحالات سيظل الرقص اللغة الخفية لذلك الإنسان في فرحه وسعادته وحزنه وكآبته وانكساره وتمرده، وفي ذوبانه وتلاشيه شوقا وتعلقا