أثار حلف سياسي أبرمه الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، السبت الماضي، مع حركة “أفلام” (المشعل الأفريقي)، المناضلة من أجل حقوق الأقليات الزنجية الموريتانية، جدلا كبيرا في موريتانيا، حيث هاجمه كتاب و مدونون، ورد عليه الحزب الحاكم، فيما تبرأ منه قياديون في حركة افلام..
وكان اللافت في هذا الجدل دخول مجموعة كبيرة من قادة ومسؤولي حركة المشعل على خط هذا التجاذب، فقد أكدوا “رفضهم وتنديدهم للقاء الذي تم مؤخرا بين نشطاء في حركة المشعل الرئيس السابق وتأسيسهم معه لمنصة سياسية وإعلامية.
وأوضح قادة حركة “المشعل”، في بيان،أنهم يرفضون أي تقارب أو حوار مع المسؤولين البائدين عن الوضعية الصعبة للتي توجد فيها موريتانيا، وأن حركة المشعل واعية كل الوعي بالأزمة التي تمر بها موريتانيا وبأن حلها لا يمكن دون مساهمة جميع أبناء وبنات موريتانيا بمختلف انتماءاتهم وفئاتهم”.
وسارع حزب “الإنصاف” الحاكم في موريتانيا ليؤكد، في بيان نشره في خضم هذا الجدل: “من يسمون أنفسهم “ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة”، حاولوا من خلال هذا الاسم، بطريقة فجة وعارية من المصداقية، تشويه صورة ما أحرزته موريتانيا من تقدم على مستويات عدة”.
ورد الحزب، في بيانه، على الانتقادات التي وجهت لنظام الرئيس الغزواني، مؤكدا، عكس ما ذهب بيان الحلف، “أن مكانة موريتانيا تعززت على المستوى الدبلوماسي، وكرس مفهوم دولة المؤسسات، وتمت حماية ثروات الشعب واسترجع ما نهب منها، كما تم التصدي لمختلف الأزمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، بحكمة قل نظيرها”.
“إننا، بقدر ما نسجل استهجاننا للرعونة التي طبعت هذا “الإعلان”، يضيف الحزب الحاكم، ولفحواه المتهافت، فإننا نؤكد أن موريتانيا، بإرادة أبنائها البررة، ليست بحاجة إلى “التزام” من أي كان، لا سيما إذا كان من طرفين يكفي التقاؤهما برهانا على أنهما لا يفيان بأي التزام سوى المصالح الشخصية الضيقة والهدامة؛ وكان الأولى بأحدهما أن يتفرغ لتبرئة نفسه أو دفع ثمن خطيئته في حق الوطن، وبالآخر أن يقضي بقية حياته يتقطع حسرة على ما تحفل به مسيرته من إساءات متكررة لوحدة الوطن وتماسك لحمته الاجتماعية”.
وفي تحليل لتحالف الرئيس السابق مع نشطاء حركة المشعل، أكد موقع “الفكر” الإخباري “أنه لم يكن مفاجئا أن يصل الرئيس محمد ولد عبد العزيز في بحثه عن حلف سياسي إلى التحالف مع نشطاء من حركة أفلام مقيمين في فرنسا، التي أصبحت هي الأخرى منفى باريسيا للرئيس السابق الذي يعتبر أبرز قادة المؤسسة العسكرية ومن أهم رموز السياسة والأمن في بلاده خلال العقدين المنصرمين”.
وأضاف: “رغم نقاط الضعف الكثيرة فإن الرئيس السابق وتحالفه لا يمكن أيضا التقليل من تأثيرهم في مجالات متعددة، منها التأثير الإعلامي وإعادة تحريك الملف الحقوقي ضد النظام، رغم ما يمكن أن يظهر من شطط وضعف مصداقية في هذا السياق، وإيجاد إطار سياسي لتنفيذ أعمال ونسج علاقات جديدة للرئيس السابق تمكنه من فتح قنوات اتصال مع هيئات ومنظمات دولية، من أجل إعادة تسويق نفسه، ويبقى تحالف الرئيس السابق مع بعض قادة افلام أول تشكيلة سياسية ينجح ولد عبد العزيز في إقامتها دون أن يتمكن النظام من إفشالها أو مضايقتها، وفي ذلك نجاح فعلي، وربما يكون أقوى نجاحات التحالف المذكور”.
وكتب الكاتب إلياس محمد تحت عنوان “تحالف الاعدا ء ضد موريتانيا. الطيور على أشكالها تقع”، “أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز جاد في بحثه عن طوق نجاة من ملف العشرية، وفي ذلك السياق، وفي لحظة يأس وضياع وتشرد وتباك على سلطة لا سبيل لاستعادتها، ارتمى في حضن حركة “أفلام” العنصرية، ظنا منه أن العنصرية والتطرف، وما يحاك خلف الكواليس مع القوى الاستعمارية، سيكون ورقة ضغط على شعبنا، الذي ذاق في عشرية حكمه الكثير من الويلات والاضطهاد والمجاعة وانحطاط الأخلاق وانتشار المخدرات والرذيلة والجريمة المنظمة والقتل والاغتصاب”
وفي دفاع عن الرئيس السابق، كتب المدون سيدي عيلال “أن حركة أفلام كأي حركة وطنية متطرفة بسبب نزعتها الانفصالية حينما تتحدث مع الرئيس السابق عن وطن موحد تكون قد تخلت عن لب الخلاف معها، ومن حق عناصرها، وهم مواطنون موريتانيون، البحث عن دولة ديمقراطية يحكمها العدل والمساواة، وتلتزم بقيم الجمهورية وبالنظام الديمقراطي، ومن حقهم إقامة تحالف مع أي زعيم وطني”.
وأضاف: “كان الأجدر بحزب “الإنصاف”، أكبر الأحزاب الوطنية، أن يثمن الخطوة، وأن يتمنى للجميع التوفيق في دعم أي جهد يلتزم أصحابه بالعمل من أجل موريتانيا موحدة”.