إمرأةٌ ولدت في شهر جمادٍ الأولى, سنة السادسة من الهجرة النبوية, وقيل في السنة الخامسة, من نسل فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام, وهي المولود الثالث, لأمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام, إمرأةٌ لا يمكن لكاتب, أن يفي حقها, فهي الموصوفة بالعقيلة أي" المرأة الكريمة على قومها، والعزيزة في بيتها"
اَلإعلام علمٌ ذات حدود إنسانية, لو حمله من يحترم عمله, ولا فرق بين الرجل والمرأة, فكثيراً ما ذكر التأريخ, نساءً كان لهن المكانة, في كشف الحقائق وزيف المُزَيِّفون, هنا نتناول شخصية عرفت, بإعلامية بني هاشم, فمن هي تلك المرأة, وكيف عملت إعلامية؟
ضمن ظروفٍ معينة, قد تضطر بعض النساء, من الدخول لمعترك الإعلام الحق, وكشف كل ما يحاول المُزَيِّفونَ إخفاؤه, فقول الحقائق بشجاعة وعدم المجاملة, ليس بالأمر السهل, لا يأمَنُ من يقول كلمة حق, على دمه أو ماله أو دينه, فكيف وقد رأت تلك المرأة, مجزرةٌ راح ضحيتها كل أخوتها, الذين كانوا معها ومن الأبناء, من هم في ريعان الشباب, ومنهم من لم يبلغ الحُلم وأطفالٌ رُضَع؛ لتتخذ على عاتقها حمل راية الإعلام, فتكلمت أمام طُغاة زمانها, فصَمَّت آذانهم وجعلتهم بُكمٌ, فأصابتهم بصدمة لا يستطيعون الرد.
قِيلَ أن مَن يَكتُبَ التأريخ هو المُنتصِر؛ إلا أن في معركة مناهضة الباطل, سقط المنتصر مع رَفعهِ رؤوس الخصوم, وحرق خيامهم وسبي أسراهم من النساء والأطفال؛ إنها واقعة كربلاء الكبرى, فقد حَشَدَ الحاكم الأموي, يزيد بن معاوية بن أبي سفيان, جيشاً بقيادة عَمر بن سعد بن أبي وقاص, وكبار القادة التابعين للدولة الأموية, فكانت مجزرة لم يحصل لها مثيل, في تأريخ الإسلام, ومقابل ذلك الجيش الجرار, المكون من ألاف المقاتلين, جيش الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام؛ الذي يزيد على المائة بقليل, استبسلوا بسالة الشجعان, غير مبالين بالآلاف المحتشدة أمامهم, ونضرياً فقد كان جيش الدولة الأموية, هو المنتصر, ليظهر صوتٌ نسائي, قلب الموازين تاريخيا, من خلال قول كلمة الحق, إنها زينب بنت علي بن أبي طالب؛ عليهم الصلاة والسلام, فقد جمعت شجاعة بني هاشم, وفصاحة أبيها ورباطة جأش أخوتها.
قابلت يزيد أعتى مجرم في الاسلام, وحاكمٌ فاسد باتفاق كل المسلمين, فقد قام يزيد بن معاوية, بأبشع الجرائم حيث أعطى الأمر, بقتل سبط الرسول, عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتَم التسليم؛ وهنا جاء دور العقيلة, بعد كل ما جرى في المعركة, وقد أخذت سبية إلى الشام, فقلبت الموازين عليه, حيث كان إعلام يزيد, أشاع أن خوارج قُضي عليهم, وهذه سباياهم؛ ومما قالت" كِدْ كَيْدَكَ وَاجْهَدْ جُهْدَكَ! فَوَ الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْوَحْيِ, وَالْكِتَابِ وَالنُّبُوَّةِ وَالِانْتِجَابِ, لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَلَا تَبْلُغُ غَايَتَنَا, وَلَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَلَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا, وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ, وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ, يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِي"
سطرت العقيلة زينب عليها الصلاة والسلام, أسمى آيات الشجاعة, وكشفت زيف الإعلام الأموي, وما قام به من جريمة, في إخفاء الحقائق أمام أهل الشام, تلك الحقائق التي, لم يرضاها حتى سفير قيصر الروم, ما كانت نتيجته إعادتهم لديارهم, خَوفاً وهَلعاً من انقلاب الأمر عليه, فسلامٌ عليها يوم ولدت, ويوم تُبعَث حية.
سلام محمد العبودي