فى الوقت الذى تحرك فيه تنظيم الضباط الأحرار، بقيادة جمال عبدالناصر، لخلع الملك فاروق، ليلة 23 يوليو 1952، كان أنور السادات، أحد قيادات التنظيم، فى السينما مع زوجته السيدة جيهان، ما أثار اللغط بعد ذلك حول هذا التصرف منه، فلماذا فعل ذلك؟
لا ينكر السادات ما حدث منه، ويكشف أسراره كاملة فى حوار للتليفزيون المصرى، أجرته معه المذيعة همت مصطفى، أثناء فترة رئاسته لمصر، ونشرته «الأهرام» فى 25 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1976، يذكر فيه أنه كان ضابطا فى رفح، وتلقى يوم 20 يوليو 1952 برقية إشارة من زميله حسن إبراهيم، عضو اللجنة التأسيسية للتنظيم، والضابط بسلاح الطيران، يطالبه بأن يكون موجودا يوم 22 يوليو فى مطار العريش، لأن هناك تعليمات جديدة يريد إبلاغه بها.
يضيف، أنه فى 21 يوليو ركب الطائرة من رفح، ونزل مطار العريش، وقابله حسن إبراهيم، وأبلغه رسالة من جمال عبدالناصر بأن: «موعد قيام الثورة ابتداء من بكره 22 يوليو وحتى 5 أغسطس، ومطلوب تنزل بكره إلى القاهرة»، يذكر «السادات»، أنه عاد إلى رفح، وأبلغ قائده بأن والدته مريضة، ومضطر يحصل على إجازة، فوافق القائد قائلا: «ما فيش مانع أبدا».
يواصل السادات: «صبحت تانى يوم 22 يوليو ركبت القطر اللى بييجى من غزة يفوت على رفح، ويوصل إلى القنطرة شرق، ومنها نركب القطر التانى اللى يوصلنا محطة القاهرة، والقطر ده كان معروف واسمه القطر الحربى، وموعد وصوله دايما الساعة أربعة بعد الظهر، وصلت محطة القاهرة ما لقيتش جمال مستنينى، وعلشان كده قلت يبقى المسألة لسه فيها وقت، وعلى ذلك وصلت البيت غيرت هدومى، وأخذت مراتى وطلعنا رحنا سينما الروضة اللى جنب البيت بتاعى، سينما صيفى مفتوحة على طول، كانت الساعة ثمانية مساء».
يكشف «السادات»: «لما رجعت من السينما، البواب قال لى الساعة ثمانية جه جمال عبدالناصر، وسأله: أنور جه من رفح، قال له: أيوه وصل.. سأله جمال: طيب راح فين؟ رد عليه: طلع خد الست وراحوا السينما، سأله جمال: سينما إيه؟ البواب ما قدرش يعرف، مع إن السينما على بعد خطوات من البيت، ما قدرش يعرف وقال لجمال: والله ما أعرفش، إنما طلع راح السينما».
يضيف السادات: بعد ذلك عشرة مساء مر تانى عبدالناصر فأخذ نفس الجواب من البواب، راح جمال مطلع كارت من كروته وكتب عليه فى الضهر «المشروع يتم الليلة.. قابلنى فى بيت حكيم الساعة 11 مساء»، أنا كنت فى السينما مافيش على بالى أى حاجة أبدا، وقلت احنا لسه أمامنا من يوم 22 ليوم خمسة أغسطس ولو كان هناك أهمية معينة كان جمال لازم يستنانى على المحطة..يبقى إذن أخذ الليلة راحة، وبعدين بكره أبقى أفوت على جمال واتكلم وياه».
يذكر السادات: «رجعت البيت حوالى الساعة 12 البواب قال لى فيه واحد جه وساب لك الكارت ده، بصيت للكارت لقيته كارت جمال، احنا كنا الساعة 12، زوجتى لاحظت إن فيه حاجة غريبة لما قرت الكارت، وبحركة لا شعورية سبتها وجريت على السلم طلعت على فوق، إحنا كنا ساكنين فى الدور التانى على ما وصلت كانت هى ورايا، لقتنى لبست بدلتى العسكرية، وعندى الطبنجة بتاعتى اللى مستملها عهدة حاططها فى جنبى ونازل، سألت: الله؟! فى إيه؟ قلت لها: احنا عندنا مشروع الليلة، وأخذت الكارت قرأته لها: «المشروع يتم الليلة»، وكمان من جمال.. جمال كان معروف لعيلتى.. لأنه كان فى كل إجازة بانزلها كان دايما يا فى نفس اليوم يا تانى يوم بالكتير، يكون فايت علىّ فى الروضة ونطلع نروح نقعد ونجتمع».
يضيف «السادات»: «زوجتى توجست، حست إن فيه حاجة، وهى عارفة إنى سجين سابق، وتزوجتها سنة ثمانية وأربعين، اتخطبنا عقب خروجى من السجن بعد 31 شهرا، فطلعت توصلنى على السلم وأنا على البسطة الوسطانية بين الدور الأول والثانى قالت لي: طب اسمع، والله لو رحت السجن ما أنا ساءله عنك ولا هاروح وراك».
يواصل السادات: «أخذت عربيتى ورحت على بيت حكيم فى العباسية، خبطت، الست بتاعته ردت من جوه، سألتها: عبدالحكيم موجود؟ ردت: لأه، ده خرج.. نزلت وعند قشلاق العباسية لقيت ضابط واقف، وعامل كردون ووقفنى، وسبت هذا الكردون ووصلت إلى ما قبل كوبرى القبة، سمعت ضرب رصاص، ولقيت كردون تانى وقفنى.. سألنى ضابط: رايح فين؟.. قلت له: أنا من الثورة دى.. قال: كلمة السر إيه؟ قلت له: يا ابنى طيب وصلنى بأى حد من الموجودين ده فيه معركة أنا باسمعها.. فيه رصاص بينضرب..وأنا واقف معاه فجأة سمعت صوت عبدالحكيم عامر الله يرحمه عمال يوجه الجنود، قلت للضابط: اسمع يا ابنى مش اللى هناك بيتكلم ده الصاغ عبدالحكيم عامر، رد: آه..ناديت أنا بصوت عالى: يا حكيم.. رد مين: قلت له: أنا أنور.. رد: آه تعالى يا أنور