هل تنجح وساطات قبل "القمة العربية" لاحتواء الخلافات المغربية الجزائرية؟

ثلاثاء, 11/04/2023 - 12:56

كعادتها، مع اقتراب موعد القمة العربية المقررة ماي القادم في السعودية، تتحرك بعض الدول العربية في اتجاه تقريب وجهات النظر وردم هوة الخلافات في أفق “لمّ الشمل العربي”.

وتجدَّد الحديث، بحلول نهاية الأسبوع المنقضي، عن “جهود وساطة مصرية-سعودية” تسعى إلى حل الأزمة التي دخلت منعطفا جديا في مسلسل تدهور العلاقات المغربية الجزائرية؛ لاسيما بعد القرار أحادي الجانب الذي اتخذته الجزائر بإغلاق الأجواء وقطع العلاقات منذ شتنبر 2021.

ويأتي هذا متزامناً مع الاجتماع الثالث للجنة التشاور السياسي ولجنة المتابعة على مستوى كبار مسؤولي وزارتَي الخارجية بكل من المغرب والسعودية، الذي انعقد الأربعاء الماضي (6 أبريل الجاري) بالرياض، بحضور سفيريْ المملكتيْن.

هذا الاجتماع الذي ترأسه مساعد وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية السفير سامي بن عبدالله الصالح، عن الجانب السعودي، ومن الجانب المغربي السفير فؤاد يازوغ، المدير العام للعلاقات الثنائية، عرف مشاركة عدد من مدراء الإدارات وممثلي الوكالات في كلا وزارتي الخارجية، حسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس).

وتباحث الجانبان حول “سبل تعزيز العلاقات التاريخية والإستراتيجية الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات”، كما تبادَلا وجهات النظر حول عدد من “القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.

في هذا الصدد، نقلت تقارير إعلامية أبرزها الشبكة التلفزيونية الإسرائيلية “i24news” أن “هناك مَساعي حثيثة تقودها السعودية ومصر للمصالحة بين المغرب والجزائر خلال قمة جامعة الدول العربية المزمع انعقادها في الرياض شهر ماي المقبل”.

وأضاف المصدر الإعلامي ذاته: “كل المؤشرات تؤكد أن المفاوضات جارية من أجل إنهاء الأزمة بين البلدين الجاريْن، والجلوس إلى طاولة المفاوضات لمناقشة القضايا العالقة وإيجاد حلول تناسب الطرفين، بعيدا عن التعنت والعداء”.

هذه الجهود ليست هي الأولى من نوعها، بل ينبعث الحديث عنها مع قرب انعقاد دورات القمة العربية، إلا أنها غالبا ما كانت تبوء بالفشل.

 

هذه المرة، تسائل هذه المساعي “فرص نجاح” الجهود المبذولة وسط تزايد واضح للتعنت الجزائري بشكل لم يعد خافيا، لاسيما عند استحضار خرجة الرئيس تبون مؤخراً متحدثاً عن “نقطة اللّاعودة” في العلاقات مع الجار المغرب.

 

“نزاع وهمي مفتعل”

خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، قال إنه “يجب -أولا- التأكيد على أن هذه الوساطات المبذولة ستنطلق مستندة إلى معطيَيْن أساسيين على الخصوص؛ الأول أن هناك نزاعا بين الدولتين، وهو أمر غير صحيح، لأن الخلاف الثنائي ليس فيه صراعات أو مواضيع خلافية تستحق أن تكون مَحل وساطة بين البلدين”.

 

بينما المعطى الثاني، حسب شيات في تصريح لجريدة هسبريس، هو أن “كل ما هنالك هو أن طرفاً يدّعي أنه يتعرض لمضايقات من الطرف الآخر، وليس سوى الطرف الجزائري”، موردا أمثلة على ذلك، حينما “حملت الجزائر المغرب المسؤولية عن نشوب حرائق، مع نسْب كل المآسي إليه وكأنه سبب فيها”، وزاد: “كل ذلك ارتبط بردود فعل جزائرية خالصة لم يردّ فيها المغرب”.

 

“الجلوس إلى طاولة المفاوضات هو خيار طرَحه الجانب المغربي فعلياً”، يورد خبير العلاقات الدولية، مضيفا: “ليس هناك خلاف آتٍ من الجانب المغربي، لهذا يريد أن يتيقّن من وجود خلاف وطبيعته، سواء كان حدوديا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافياً”.

وتابع المتحدث ذاته: “هو خلاف في الذهنية الجزائرية تفاقَم إلى مستوى هذا العداء الذي وصفه الرئيس الجزائري بأنه وصل إلى نقطة اللّاعودة”، لافتا إلى أن “ذلك يُحيلنا على كيفية وإمكانيات أن تتم هذه الوساطة”.

وقدّر شيات أن “النسق الطبيعي هو الذي ينطلق بوساطات ومساع حميدة تهم خلافات يمكن التقريب بين وجهات النظر بشأنها”، مشيرا إلى أن “الوسطاء سيصلون إلى هذه النقطة التي تعني عدم النزاع بين الطرفين، بل افتعاله من طرف واحد”.

“مصالحة مستبعدة”؟

خلص الجامعي ذاته إلى أن “المغرب لا يُدخل قضية الصحراء المغربية في أنساق المفاوضات مع الجزائر، لأنها موضوعة تحت اختصاص حصري للأمم المتحدة”، بينما “الجزائر تمارس شكلا من أشكال الاعتداء ضد المغرب منذ حوالي 50 سنة، عمر النزاع المفتعل”.

 

وأجمل المتحدث قائلا: “يجب أن يكون الأصل هو النظر للأمر على أنه أحادية الرأي وأحادية المنطلق، في اعتبار استمرارية النظام الجزائري رهينة بعدائه للمغرب، وبالتالي هو غير مستعد للتضحية بهذه المسألة لأنه بنى عليها الشيء الكثير بشكل ممتد لدى تصورات الشعب كذلك”.

 

“كما أن شرعية أو مشروعية الوجود من خلال العداء المحتمل وتهديدات المغرب هي جوهر النظام السياسي الذي تظل المصالحة معه مستبعدة إلى حد كبير”، يختم شيات