حميدتي.. من تاجر جمال وقائد لـ”الجنجويد” إلى فريق أول

أحد, 16/04/2023 - 15:53

صعد الفريق أول السوداني محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، من بدايات متواضعة ليصبح زعيماً لجماعة الجنجويد المسلحة، التي أثارت الخوف في النفوس، وسحقت تمرداً في دارفور، ليكتسب لنفسه نفوذاً، وفي نهاية المطاف دوراً بوصفه ثاني أقوى رجل في البلاد وأحد أثريائها.

واندلع قتال، أمس السبت، بين الجيش وقوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي، والتي كانت جماعات مسلحة في دارفور قبل أن تصبح قوة شبه عسكرية.

تولى حميدتي، تاجر الجِمال السابق، والحاصل على قدر قليل من التعليم الأساسي، عدداً من أهم الملفات في السودان بعد الإطاحة بالبشير

أدى حميدتي دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان، على مدى عشر سنوات، ساعدَ خلالها على الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. ثم قام لاحقاً بإخماد احتجاجات السودانيين الطامحين إلى الديمقراطية.

ومع توليه منصب نائب رئيس مجلس السيادة، تولى حميدتي، تاجر الجِمال السابق، والحاصل على قدر قليل من التعليم الأساسي، عدداً من أهم الملفات في السودان بعد الإطاحة بالبشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.

ويستمد الكثير من نفوذه من قوات الدعم السريع التابعة له، والتي أتقن مقاتلوها خبرة حروب الصحراء في منطقة دارفور لكنهم يفتقرون إلى انضباط الجيش النظامي.

حمل حميدتي السلاح لأول مرة في منطقة غرب دارفور، بعد أن قتل رجالٌ هاجموا قافلته التجارية نحو 60 شخصاً من عائلته، ونهبوا الجمال، وفقاً لما ذكره محمد سعد، المساعد السابق لحميدتي.

وانتشر الصراع في دارفور، منذ عام 2003، بعد أن ثار متمردون، معظمهم من غير العرب، ضد الحكومة.

وشكّلَ حميدتي، الرجل طويل القامة، ذو الشخصية المهيبة، ميليشيات موالية للحكومة من رجال قبائل عربية، يعرفون محلياً باسم الجنجويد، وذلك قبل أن تتحول تلك الميليشيات إلى قوات الدعم السريع الأكثر تنوعاً.

اتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير ومسؤولين آخرين بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، في دارفور بدأت في عام 2003. وأدى الصراع إلى مقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد 2.7 مليون. ولم توجه أي تهم إلى حميدتي.

 

الرجل الذي يحميني

قالت مصادر مطلعة إنه عندما أراد البشير أن يحتمي من خصومه، خلال فترة حكمه التي استمرت 30 عاماً، اختار حميدتي لهذا الدور. ومع إعجابه بدهاء حميدتي ومهاراته القتالية، اعتمد البشير عليه في التعامل مع المتمردين على الحكومة في صراع دارفور، وفي أماكن أخرى في السودان.

 

وتم إضفاء الشرعية على ميليشيات حميدتي. وحصل على رتبة عسكرية، وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور، وبيع أثمن موارد السودان. وبينما توالت الأزمات الاقتصادية على البلاد، أصبح حميدتي ثرياً.

 

قال حميدتي إنه ليس أول شخص يمتلك مناجم ذهب، ولا يوجد ما يمنع من العمل في الذهب.

 

وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، قال حميدتي إنه ليس أول شخص يمتلك مناجم ذهب، ولا يوجد ما يمنع من العمل في الذهب.

 

كما أقام حميدتي صداقات قوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بعد أن أرسل قوات الدعم السريع لدعمهم ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في الحرب الأهلية اليمنية.

 

وبعد دعمه للبشير على مدى سنوات، شارك حميدتي عام 2019 في الإطاحة بحليفه القديم، الذي واجه ضغوطاً من احتجاجات حاشدة طالبت بالديمقراطية وحل المشكلات الاقتصادية.

 

وفي إطار شراكة مدنية عسكرية أقيمت بعد عزل البشير، لم يهدر حميدتي أي وقت في محاولة رسم مستقبل السودان الذي حكمه قادة عسكريون استولوا على السلطة في معظم تاريخه بعد الاستعمار.

 

وتحدث علناً عن الحاجة إلى “ديمقراطية حقيقية”، والتقى بالسفراء الغربيين، وأجرى محادثات مع الجماعات المتمردة.

 

وقالت شخصية معارضة، طلبت عدم نشر اسمها خوفاً من تعرضها للانتقام، “خطط حميدتي ليصبح الرجل الأول في السودان. لديه طموح غير محدود”.

 

وأبدى حميدتي القليل من التسامح مع المعارضة.

 

وقال شهود إن قوات الدعم السريع شنت حملة دامية على تجمع احتجاجي، في 2019، أمام وزارة الدفاع، بعد الإطاحة بالبشير، مما أودى بحياة ما يزيد على مئة شخص. ونفى حميدتي إصدار أمر بالاعتداء على المحتجين.

 

استولى الجيش في أكتوبر تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين، في خطوة نددت بها الجماعات السياسية، ووصفتها بأنها انقلاب عسكري.

 

وقال حميدتي، في بيان مصور، إن الجيش استولى على السلطة “لتصحيح مسار ثورة الشعب” وتحقيق الاستقرار.

 

أقام حميدتي صداقات قوية في السعودية والإمارات، بعد أن أرسل قوات الدعم السريع لدعمهم ضد الحوثيين في الحرب اليمنية.

 

وقال حميدتي إن الجيش مستعد لتسليم السلطة في حالة التوصل إلى اتفاق أو إجراء انتخابات. ولم يقتنع الكثير من السودانيين بذلك.

 

لكن الانقسامات بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش عقّدت جهود استعادة الحكم المدني.

 

وحذر الجيش السوداني قبل أيام من خطر وقوع مواجهة بعد تحركات جماعة حميدتي شبه العسكرية، مما يؤكد تزايد الاحتكاك بين الجانبين.

 

وقال أحمد الجيلي، وهو محام سوداني: “إنني أعتقد منذ وقت طويل أنه (حميدتي) يمثل تهديداً وجودياً، ليس فقط للانتقال الديمقراطي في السودان، ولكن لقدرته على البقاء كدولة”.

 (رويترز