تزايدت مخاوف الموريتانيين خلال السنوات الأخيرة، من احتمال تعرض عاصمة بلادهم لخطر الغرق، جراء تأكل الحاجز الرملي الواقع بين شاطئ المحيط الأطلسي ومدينة نواكشوط.
وحذرت دراسات صادرة عن مراكز أبحاث دولية وإقليمية متخصصة من أن نواكشوط من بين المدن المهددة بالغرق لأسباب منها بالإضافة إلى تآكل الحاجز الرملي، المد البحري المتزايد لمياه المحيط الأطلسي.
وخلال السنوات الأخيرة عبر العديد من المسؤولين الموريتانيين عن مخاوف حقيقية من أن نواكشوط تواجه خطر الغرق بفعل التغييرات المناخية.
وحذرت دراسة أجراها باحثون سنة 2008 من أن أجزاء واسعة من نواكشوط مهددة بالغرق إذا لم تتخذ إجراءات وقائية.
وتطل العاصمة الموريتانية نواكشوط، على شاطئ المحيط الأطلسي، إلى جانب مدينة نواذيبو الساحلية التي تعتبر أيضا عاصمة البلاد الاقتصادية.
حاجز رملي يتأكل
وتقول وزارة البيئة الموريتانية، إن الحزام الرملي الذي يفصل مدينة نواكشوط عن المحيط الأطلسي تضرر كثيراً خلال السنوات الأخيرة، جراء الاستغلال البشري والصناعي وعدم تنسيق الأنشطة المتعلقة بالمناطق الشاطئية.
ووفق تصريحات السنة الماضية لوزيرة البيئة السابقة مريم بكاي، فإن تآكل الحاجز الرملي ينذر بمخاطر حقيقة.
ويزيد من مخاطر تآكل الحاجز الرملي أن غالبية أحياء مدينة نواكشوط تقع تحت مستوى سطح البحر، ما يعني إمكانية تعرض العديد من مناطق العاصمة للغرق حال ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب التغييرات المناخية.
والعام الماضي أكدت وزارة البيئة أنها حددت 22 ثغرة في الحزام الرملي الذي يحمي المدينة من تسرب مياه المحيط، وذلك بعد نحو سنتين من إعلان الوزارة نفسها سد ثغرة بطول 600 متر على شاطئ البحر قبالة نواكشوط.
وترجع السلطات الموريتانية التآكل الحاصل في الحاجز الرملي إلى استنزاف التربة الشاطئية بشكل مفرط لاستخدامها في أشغال البناء.
وكان الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، أكد في كلمة خلال قمة كوبنهاغن للمناخ سنة 2009 أن مدينة نواكشوط باتت مهددة بالغرق، داعيا المجتمع الدولي إلى التعاون بشكل جاد في القضايا المرتبطة بالتغيير المناخي.
وتقول وزارة البيئة إنها اتخذت جملة من الإجراءات لتخفيف نتائج الظاهرة منها حظر استخراج الرمل من الشاطئ وغرس آلاف الشجيرات من العينات المتأقلمة مع بيئة الشاطئ.
مواطنون خائفون
وفي ظل التقارير التي تتحدث من حين لآخر عن خطر غرق عاصمتهم، عبر عدد من الموريتانيين " قلقهم من هذا الخطر.
وقال أحمد ولد غالي، وهو أحد سكان العاصمة، "من حين لآخر نسمع عن احتمال غرق المدينة، يبدو أن هناك مخاطر حقيقة، نأمل أن تتخذ السلطات إجراءات حقيقة وأن تعطي أهمية خاصة للموضع".
من جهته قال محمد ولد عبد الله، والذي يقيم في نواكشوط، "تآكل الحاجز الرملي أصبح واضحا حتى لغير المختصين، يجب أن تكون هناك إجراءات حقيقة بهذا الخصوص، ولا تبدو السلطات مهمة كثيرا بهذا الموضوع رغم خطورته".
مواطن آخر من سكان العاصمة، مولاي ولد أحمد، نبه إلى أن منازل المواطنين في العديد من أحياء العاصمة "أصبحت هشة بفعل ارتفاع ملوحة التربة".
وأضاف في حديث "نحن قلقون، نناشد الحكومة أن تولي عناية خاصة لموضوع تآكل الحاجز الرملي، وأن تتخذ كل ما يلزم من إجراءات وأن ترصد ميزانية خاصة لذلك".
وقد اتصلت بوزارة البيئة للحصول على تعليق منها بشأن تآكل الحاجز الرملي ومخاطر غرق العاصمة، غير أنها لم تفلح بالحصول على رد رسمي.
من قرية ريفية إلى أهم مدينة بالبلد
تقع نواكشوط جنوب غرب موريتانيا، وهي تطل على المحيط الأطلس، ويقطنها مليون نسمة أي نحو ربع سكان البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.
وتأسست هذه المدينة أواخر خمسينات القرن الماضي، حيث وضع أول رئيس لموريتانيا المختار ولد داداه، إلى جانب الرئيس الفرنسي حينها شارل ديغول الحجر الأساس لها 5 مارس 1958، واختيرت عاصمة للبلاد بعد استقلالها عن فرنسا سنة 1960.
عند تأسيسها كانت نواكشوط مجرد قرية ريفية، لكنها نمت سريعا، ونزح إليها سكان المدن الأخرى بعد موجات الجفاف التي ضرب موريتانيا سبعينيات وثمانينات القرن الماضي وذلك بحثا عن فرص العمل وتحولت إلى أكبر مدن البلاد.
تعد شواطئ نواكشوط من أغنى الشواطئ العالمية بالأسماك والأنواع البحرية الأخرى.
وحسب أرقام وزارة الصيد، تحوي مياه موريتانيا الإقليمية نحو 300 نوع من الأسماك، بينها 170 نوعا قابلا للتسويق عالميا، فيما تصنف المنظمة العالمية للأغذية والزراعة "الفاو" موريتانيا ثاني أكبر بلد إفريقي في إنتاج الأسماك بعد المغرب، وفي وفي المرتبة الـ20 عالميا