الحكمة من تأخير عقوبة الظالمين..

أحد, 22/10/2023 - 18:56

قال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" سورة إبراهيم - آية 42 - مكية.

يخبرنا الله تعالى فى هذه الآية الكريمة، أنه تعالى لا يتغافل ولا ينسى ما يفعله الظالم ولكنه يتركه ويمهله حتى تكثر عليه ذنوبه ثم بعد ذلك إذا جاء وقت الحساب سيحاسبه على كل أفعاله وأقواله وسيجزيه بما يستحقه من عقاب على ظلمه.

معنى الآية: أي لا تظن - من الحُسبان وهى نسبة كلامية غير مجزوم بها ولكنها راجحة- أن الله غافل- فالغفلة التي ينفيها الله عنه هي السهو عن أمر لعدم اليقظة أو الانتباه - وهنا يخاطب الله سبحانه رسوله والمؤمنين معه أن الذي يفعل ظلما سيتلقى عقابا عليه وحين يتأخر العقاب يتساءل الذين رأوا فعل الظلم هل تم نسيان الظلم الذي ارتكبه فلان؟ هل هناك غفلة في الأمر؟ وهم في تساؤلاتهم هذه يريدون أن يعلنوا موقفهم من مرتكب الذنب وضرورة عقابه.

وتوضح الآية الكريمة أنه ليست هناك غفلة ولكن هناك تأجيل للعقوبة لهؤلاء الظالمين، ذلك أن الظلم يعني أخذ حق من صاحبه وإعطاءه للغير أو أخذه للنفس، وإذا كان الظلم في أمر عقدي، فهو الشرك وهو الجريمة العظمى وإن ظلمت في أمر كبيرة من الكبائر فهذا هو الفسق، وإن ظلمت في صغيرة فهو الظلم.

وقوله: "عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ" نجد أن هناك فَرْقاً بين عمل وفعل فالفعل هو أحداث كل الجوارح، فإن الذي يكب الناس على مناخرهم في النار إنما هو حصائد ألسنتهم والفعل والقول يجمعهما كلمة (عمل)، وهنا يقول الله "يَعْمَلُ" ذلك أن المشركين الذين استقبلوا القرآن كانوا يرجفون بالإسلام وبالرسول (صلى الله عليه وسلم) بالكلام وكل الأفعال التي قاموا بها نشأت عن طريق تحريض بالكلام، فإن هذه الآية تؤكد أن الله يُمكّن لهم الذنوب ليُمكن لهم العقوبة، وقوله: "تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ" يعني تفتح بصورة لا يتقلب بها يمنة أو يسرة من هول ما يرى.

ما يستفاد من هذه الآية الكريمة أنه يجب على كل مؤمن أن يكون على يقين بأن الله تعالى لن يترك مظلوم إلا وسيأخذ له حقه سواء أكان فى الدنيا أو فى الآخرة، وأنه لا يجب أن يغتر الظالم بظلمه فلابد أن يأتى يوم ويلقى نتيجة ظلمه