بعد أكثر من سبعين يوماً على الحرب الصهيونية الهمجية على قطاع غزة ، فإن أكثر ما يمكن توصيفه لجهة ما يتعلق بالأهداف التي وضعتها اسرائيل هو الفشل الذريع وقلة الحيلة تجاه ما تفرضه المقاومة على المستوى الميداني ، وكل محاولات نتنياهو و غالانت تظهير القدرات والسيطرة على الأرض، وتحقيق النقاط، تنسفها عملياً صراحة المتحدث باسم الجيش لجهة أن حماس مازالت تمتلك قدرات مركبة ومعقدة تحتاج إلى وقت طويل لتفكيكها ، وإن الجيش يمر بمرحلة صعبة وجنوده يعانون من التعب .
من يدقق في ملامح القادة الإسرائيليين هذه الأيام، يلمس بوضوح مدى الورطة الكبيرة التي خلفتها العملية البرية على غزة ، إنْ لجهة تحقيق إنجازات ميدانية على الأرض، أو لجهة الفقدان التدريجي للدعم الدولي التي كانت تحظى به اسرائيل في بداية الحرب، وهذا جاء واضحاً على لسان بايدن ، فصور الدمار غير المسبوقة والأعداد الكبيرة من الشهداء المدنيين ، ولاسيما الٱطفال والنساء كانت فاضحة لكل محاولات التغطية الإسرائيلية والروايات الكاذبة التي صاغها الاحتلال خلال الفترة الماضية وتحديداً الحيثيات التي رافقت قصف وحصار مجمع الشفاء الطبي.
الاحتلال الإسرائيلي يلهث اليوم وراء تحقيق أي إنجاز على الأرض للبناء عليه وتوظيفه إعلامياً على أنه نصر سياسي وتالياً ايقاف الحرب وانهاء الورطة، وهنا يجد في اغتيال شخصية بعينها من قادة حماس، الإجراء الأسرع والأقل تكلفة ، فجاءت المنشورات التي ألقاها على المدنيين لجهة تقديم مكافآت مالية لمن يقدم أية معلومات عن موقع يحيى السنوار وشقيقه محمد أو محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، خير دليل على المسعى الصهيوني خلال المرحلة الحالية، ومن هنا نقرأ ونفهم كثرة الحديث الإسرائيلي عن الجهود الاستخبارية المتواصلة للوصول لرأس السنوار .
تزايد وتيرة المظاهرات الإسرائيلية ضد نتنياهو والمطالبة بإسقاط الحكومة وتقديم رئيسها للمحاكمة ، بالتوازي مع الخسائر الكبيرة التي تلحق بآليات ودبابات وجنود الجيش التي يعلن عنها بشكل شبه يومي أبو عبيدة، المتحدث باسم القسام، وحتى تصريحات الجيش نفسها الأخيرة بأن حسم المعركة في خانيونس وحدها يحتاج لأشهر ، كل ذلك يشكل في جوهره ” طوق الإعدام ” بالنسبة لنتنياهو الذي يتمسك بمواصلة الحرب، لأنه يدرك أن أي توقف هو يساهم في تفعيل هذا الطوق ليصبح حقيقة ، من هنا جاء اعلان نتنياهو في الاجتماع الأخير للحكومة، عن رسالة قيل إنها من بعض أهالي المختطفين لدى حماس، يطالبون بمواصلة الحرب وعدم إيقافها لتكشف حقيقة ما يريده نتنياهو ضمناً .
إن أهم ماتحققه القضية الفلسطينية هذه الأيام ، هو ليس فقط الحضور الشعبي على المستوى الدولي وتزايد وتيرة التضامن العالمي مع غزة ، وإنما بتبعات عملية طوفان الأقصى على المستوى السياسي وماستحققه مستقبلاً لجهة تزايد الضغوط الدولية على اسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وكذلك رسوخ الصورة الإجرامية لإسرائيل في عقول الرأي العام العالمي والتي معها سيكون رأس نتنياهو أو الرؤوس المُطاحة بها لا رأس السنوار ومحمد الضيف
الاعلامي