العام الجديد يوصد أبوابه ويرحل، ويترك لنا مساحات مكتظة بصور من المذابح المتنقلة من بيت لبيت، ومن شارع لشارع، ومن مدرسة لمدرسة، ومن مستشفى لمستشفى، ومن جامع لجامع آخر، ومن كنيسة لأخرى، هكذا تطارد صواريخهم وأدواتهم «الحديثة والذكية جدا»، كل الأرواح الواقفة في وجهها بلا سلاح سوى اليقين بأن الحق معهم.. لم تعد هناك أي ذكريات أو صور لـ 2023 أكثر حضورا من تلك الأسماء كلها؛ لأطفال وأمهات وزوجات ورجال وصحافيين ومسعفين وأطباء وصانعا الرغيف، عندما شح الدقيق بأوامر عليا من الصهاينة، وكل حلفائهم المعلنين والصامتين أيضا، كلهم تلطخت أيديهم بدماء أطفال غزة حتى آخر يوم على وجه هذا الكون. يغادر العام دون أمنيات سوى أن تتوقف الإبادة، هكذا يصرخ كُثر منا، ممتدون نحن أيضا على مدن الكون كله، بل ربما نحن أكثر منهم، ولكننا دون أسلحة على اختلاف أنواعها، بما فيها سلاح النفط والمال والسلطة والقمع والهيمنة الكاملة على الاقتصاد والإعلام، حتى تصبح التغريدة جنحة أو جناية، حسبما يراد لهم أن يصفوا الجرائم، أليس هم من نزعوا كل المصداقية عن كل تلك التشريعات والأنظمة والقوانين، التي قرر البشر أن تكون هي حكمهم منذ أن أوصدت الحرب العالمية الثانية أبوابها، أو حتى قبلها بسنوات طويلة منذ الأديان السماوية والتشريعات شرعت في تنظيم علاقة البشر بالبشر حتى لا يعم الظلم، لأنه السلاح الأوحد لنهاية البشر فلا استدامة للظالم ولا خنوع للمظلوم إلى الأبد؟