«القدس العربي»الاعلامي: «نزحنا إلى مدينة رفح 9 عائلات، وعشنا في خيمة واحدة 57 شخصاً، كما ترون الوضع صعب» هكذا لخصت ربة المنزل الغزاوية، ابتسام جرادة، حال النازحين من شمال ووسط قطاع غزة إلى مخيمات مدينة رفح الفلسطينية، بعدما شردهم الاحتلال مرتين، الأولى من شمال غزة إلى خان يونس، والثانية إلى رفح.
السيدة الخمسينية نزحت برفقة عائلتها من حي الزيتون جنوب غرب قطاع غزة إلى خان يونس خلال المرحلة الأولى للحرب قبل ثلاثة أشهر، وقالت لـ«القدس العربي»: «أمضينا 7 ساعات في طريقنا إلى مدينة خان يونس، وقام الجيش باعتقال ابني وزوجي على حاجز (نتساريم) ولم أعلم عنهم أي خبر».
وتوضح أنهم ذاقوا الأمَرَّين في طريق الوصل إلى المدينة الواقعة وسط غزة حتى استقر بهم الحال في رفح.
ولا تتمنى ابتسام استمرار الحرب على قطاع غزة، لأنها لو استمرت: «كما ترى إبادة جماعية للسكان، وبقي لي ولدي الصغير عمره 8 سنوات» حسب قولها.
وتستنكر ابتسام ربة المنزل ظلم العالم الذي يشاهد أوضاعهم المأساوية ولا يحرك ساكنا: «العالم كله بيتفرج علينا من ضمنهم العالم العربي لا يحرك ساكنا». وتتساءل عن ذنب المدنيين في هذه الحرب الذين يبادون «ما هو ذنبنا، كل سنة لازم ندوق المر من الاحتلال، لماذا؟».
واقع مرير
واقع معيشي مرير يكابده النازحون في مخيمات المدينة الجنوبية، فلا طعام متوافر والمياه شحيحة وغير نظيفة، والناس متكدسون فوق بعضهم في الخيام، والأطفال في ملابس مهترئة يبدو عليهم الهزال وقد أنهك المرض من أجسادهم.
«كل الأطفال الموجودين في هذه الخيام، يأكلون وجبة واحدة تطهى على النار بعد العصر» تقول علا بعلوشة خلال حديثها لـ«القدس العربي».
حزن علا على حال عائلتها وأطفالهم دفعها للذهاب إلى مسجد قريب من المخيم وسؤال خادمه عن إمكانية البيات فيه، كي يستطيعوا الذهاب إلى حمام نظيف.
وعن ذلك تضيف «لا توجد حمامات مياه، طرقت باب المسجد وقلت لهم: وفروا لي خيمة داخل المسجد، أريد أن أعيش وأسكن داخلها أنا والـ 9 أسر معي».
وعن الطعام تشير السيدة، التي بدا عليها الإرهاق الشديد، إلى غلاء سعره فضلاً عن عدم توافره والمشقة التي تتكبدها من أجل البحث عنه.
تقول: «أخرج من الساعة السابعة صباحاً لكي أتحصل على رطل قمح وأعود بعد الظهر».
وتشكو غلاء الأسعار، مشيرة إلى أن سعر «رطل القمح ارتفع من 7 شيكل إلى 18 شيكل وطحنه يكلف 15 شيكل».
وفي مكان يخلو من أدنى مقومات النظافة الشخصية الأساسية كالمياه النظيفة والصابون تستشري الأمراض والأوبئة بكثافة بين سكان المخيم خاصة الأطفال.
وتوضح علا أن أغلب الصغار مصابون بالجدري والقمل والسعال والإسهال والنزلات المعوية. وتؤكد في حديثها أن «القمل انتشر جدًا في المخيمات والمدارس، ونناشد الأونروا لإ
يجاد حل لمشكلة النظافة».
رعدٌ وبرق وأمطار
علا توقفت عن الكلام لتشهد السماء رعداً وبرقاً ثم تهطل الأمطار على المخيم فتتسارع النسوة مرتجفات من البرد إلى لم (الغسيل) المفرود على أحبال شدوها على أوتاد الخيام، فيما يجمع الرجال بقايا الطعام وسائر الأغراض ويحتمون بالخيام من صقيع المنخفض الجوي الذي ينهش عظام النازحين بعدما أطفأ النار التي أشعلوها للتدفئة وتسوية الخبز والملفوف (وجبة الشتاء).
لكن السيدة الفلسطينية سعاد الغول كانت تشعر بالظلم الواقع على أهل غزة، وفي صدرها نقمة كبيرة؛ بسبب ازدواجية معايير العالم الغربي في التعاطي مع الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، متسائلة: «لماذا أوكرانيا الكل وقف معها ونحن لا؟ لماذا أوكرانيا لها حق الدفاع عن نفسها ونحن لا؟.
ربة المنزل الخمسينية استمرت في التساؤل خلال حديثها لـ «القدس العربي» «لماذا نحن كشعب فلسطيني ليس لنا حق الدفاع عن أنفسنا ولا عن أوطاننا ولا عن شيوخنا ولا عن أطفالنا، لماذا أوكرانيا، أمريكا دعمتها بالسلاح ووقفت معها. كل العالم وقف مع أوكرانيا؟» .
رأفت جبر، الصابر على ارتقاء 260 شهيداً من عائلته خلال القصف الإسرائيلي على شمال غزة يقول لـ «القدس العربي»: إنه «حمل جثة حماته مقطوعة الرأس والقدمين».
ويشير إلى أن ابنه الشاب تطوع في الدفاع المدني لانتشال جثث الشهداء وإنقاذ المصابين من تحت أنقاض المنازل التي قصفها الاحتلال لكنهم «قصفوا يده فصارت مبتورة».
ويسأل «ماذا يفعل قادة العرب والمجتمعات الإسلامية؟» إذ يرى أنهم قادرون على إيقاف الحرب على غزة منذ أسبوعها الأول.
ويضيف: «كل شيء في غزة تعرض للإبادة، هذه حرب إبادة، نتنياهو شن حرب إبادة على غزة» .
ويشير إلى أن « رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو يحارب الأطفال والشيوخ والنساء والعجائز في القطاع المحاصر؛ كي يرضي اليمين المتطرف الذي انتخبه وحكومته العام الماضي».
وفي ختام شهادته يناشد رأفت الشعب الأمريكي أن يتخذ موقفًا رافضًا لسياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الشعب الفلسطيني قائلا: «الاحتلال يقطع ولادنا بسلاح أمريكا، وليس لنا حق الدفاع والعيش».
ويرى أن «كل الدعم الذي يقدمه الرئيس الأمريكي الجمهوري للاحتلال الهدف منه كسب دعم اللوبي الصهيوني في الانتخابات الأمريكية المرتقبة في نوفمبر المقبل».