دعا مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة، الاثنين، إلى “وقف إطلاق النار” في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية متواصلة للشهر السابع على التوالي.
جاء ذلك خلال اجتماع عقد في مقر الأمانة العامة للمجلس بالعاصمة السعودية الرياض، التي يزورها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ضمن جولة تشمل أيضا الأردن وإسرائيل.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، في كلمة له خلال الاجتماع الذي بث عبر وسائل إعلام سعودية وتابعته الأناضول: “نطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة”.
وطالب البديوي بـ”عقد مؤتمر دولي لتنفيذ حل الدولتين”، الذي تدعمه العديد من الدول بينها الولايات المتحدة باعتباره الخيار الأمثل لحل القضية الفلسطينية.
فيما اعتبر بلينكن أن “الطريقة الأكثر فعالية لتخفيف الوضع الإنساني في غزة هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
وأوضح أن اجتماع اليوم بالرياض بمثابة “فرصة لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار ومنع توسع الصراع في المنطقة”.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن “يصر على معالجة إسرائيل للأوضاع في قطاع غزة، وتقليص المعاناة وفتح المزيد من المعابر لدخول المساعدات”.
وتعهد بلينكن بـ”فتح المزيد من المعابر لإيصال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة خلال الأسابيع المقبلة”.
كمت أعرب بلينكن الاثنين عن أمله في أن توافق حركة حماس على اتفاق هدنة وتبادل أسرى وصفه بأنه “سخيّ جدًا”.
وقال بلينكن خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، “أمام حماس اقتراح سخي جدًا من جانب إسرائيل”، مضيفًا “عليهم أن يقرروا، وعليهم أن يقرروا بسرعة. آمل أن يتخذوا القرار الصحيح”.
واعتبر أن “في هذا الوقت، الأمر الوحيد الذي يقف بين شعب غزة ووقف إطلاق النار هو حماس”.
وتابع “يمكننا أن نحدث تغييرًا جذريًا في الديناميكية” بعد أكثر من ستة أشهر من اندلاع الحرب.
ومن المقرّر عقد اجتماع ثلاثي في القاهرة بين مصر وقطر وحماس، بحسب ما قال مسؤول كبير في الحركة لوكالة فرانس برس.
ويُتوقع أن تُقدّم حركة حماس الاثنين ردّها على مقترح للتوصل إلى هدنة في الحرب التي تخوضها مع إسرائيل في قطاع غزّة المحاصر والمهدّد بمجاعة، تشمل إطلاق سراح رهائن.
وهذا المقترح صاغته مصر وأدخلت عليه إسرائيل تعديلات. وعرض المقترح الجديد بعدما أصرّت حماس في منتصف نيسان/أبريل على وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزّة، وهو شرط ترفضه إسرائيل.
ومنذ أكثر من نصف عام، يعاني قطاع غزة من حرب إسرائيلية شرسة خلفت عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن مجاعة ودمارا هائلا، وتدهور تام في البنى التحتية، بحسب مصادر فلسطينية ودولية.
وتشن تل أبيب حربها ضد القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بهدف القضاء على حركة حماس بدعم من واشنطن، التي تشارك أيضا في جهود وساطة بالتعاون مع مصر وقطر منذ عدة أشهر بهدف التوصل لاتفاق يضمن وقف إطلاق النار في القطاع، وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس.
وفي سياق متصل، أفاد بلينكن خلال اجتماعه مع قادة مجلس التعاون الخليجي بأنه ” سيبحث معهم حرية الملاحة في البحر الأحمر” على خلفية الهجمات التي تنفذها جماعة “أنصار الله” اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والداعمة لتل أبيب، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في إطار تضامن الجماعة مع قطاع غزة.
كما حضّ وزير الخارجية الأميركي قادة دول الخليج، على أن المواجهة بين إيران وإسرائيل تظهر الحاجة إلى تكامل دفاعي أكبر.
وقال إن “هذا الهجوم يسلّط الضوء على التهديد الحاد والمتزايد الذي تمثّله إيران، لكنه يسلط الضوء أيضاً على ضرورة العمل معاً على الدفاع المتكامل”.
وصباح الاثنين، وصل بلينكن الرياض، في مستهل جولة تشمل أيضا الأردن وإسرائيل، لبحث وقف إطلاق النار في غزة، التي تتعرض لحرب إسرائيلية بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023.
وهذه هي سابع جولة لبلينكن في المنطقة منذ اندلاع الحرب، حيث تتزامن أيضا مع إصرار تل أبيب على شن عملية عسكرية في مدينة رفح المكتظة بالنازحين جنوبي قطاع غزة، رغم التحذيرات والمخاوف الدولية من مخاطر هذه العملية وتداعياتها.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم إصدار مجلس الأمن قرار بوقف القتال فورا، وكذلك رغم صدور تعليمات من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية” وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
وبحسب السلطات الصحية والدفاع المدني، خلفت الغارات الإسرائيلية على عدة منازل 22 شهيدا خلال الليل في هذه المدينة التي تتعرض للقصف يوميا.
– الحرارة والبعوض –
بعد أن تحملت برد الشتاء، تعاني العائلات النازحة الآن من الحرارة التي ترتفع في نهاية نيسان/أبريل، في غياب المياه الجارية، وتحت أقمشة الخيام التي بالكاد تقيها أشعة الشمس.
وقالت رنين عوني العريان، وهي أم نازحة من مدينة خان يونس المجاورة، إن “المياه التي نشربها ساخنة”.
وأوضح لوكالة فرانس برس “لم يعد الأطفال قادرين على تحمل الحرارة ولدغات البعوض”، مشيرة إلى آثار اللدغات على وجه ابنها الرضيع.
رغم استنكار العديد من العواصم والمنظمات الإنسانية، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن الهجوم على رفح ضروري لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهزيمة حماس التي تقول إسرائيل إنها تبقي أربع كتائب في هذه المدينة الحدودية مع مصر.
في هذا الصدد، قال بلينكن في الرياض “لم نرَ بعد خطة تمنحنا الثقة في إمكانية حماية المدنيين بشكل فعّال”.
– “وقف دائم لإطلاق النار” –
أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن “تفاؤله” حيال مقترح الهدنة الجديد في غزة، لافتا إلى أنه “أخذ في الاعتبار مواقف الجانبين وحاول استخلاص الاعتدال”.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحماس وعضو فريق التفاوض في الحركة زاهر جبارين إنه “من المبكر الحديث عن أجواء إيجابية في المفاوضات”.
وأضاف جبارين “الحركة تسلمت الرد الاسرائيلي وهي في طور التشاور من أجل الرد عليه”، مكررا شروط حماس وأبرزها “وقف إطلاق نار دائم والانسحاب من قطاع غزة، وعودة النازحين ووضع موعد زمني واضح في بدء الإعمار والتعويضات، والوصول إلى صفقة تبادل حقيقية ترفع الظلم عن أسرى وأسيرات الشعب الفلسطيني خاصة أسرى غزة”.
وبحسب تقارير إعلامية، طالبت حكومة الحرب الإسرائيلية في البداية بالإفراج عن 40 رهينة محتجزين في غزة منذ بدء الحرب، لكنها سمحت لاحقا للمفاوضين بتخفيض هذا العدد.
وأشار موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي إلى أن إسرائيل تطالب بالإفراج، لأسباب إنسانية، عن النساء مدنيات وعسكريات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما أو في حالة صحية سيئة.
وبحسب الموقع، تقول حماس إن 20 رهينة فقط يستوفون هذه المعايير. ويضيف أن عدد أيام الهدنة سيكون مساويا لعدد الرهائن المفرج عنهم.
– “منع إسرائيل” عن مهاجمة رفح –
بدأت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم نفذته حماس على إسرائيل وأدّى إلى مقتل 1170 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة. وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
ردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تعتبرها الدولة العبريّة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي “منظّمة إرهابيّة”. وأدّى هجومها على غزّة إلى استشهاد 34488 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة نشرتها وزارة الصحّة التابعة لحماس الأحد.
وإلى جانب رفح، استهدفت غارات الاثنين وسط قطاع غزة وكذلك مدينة غزة شمالا.
من جهته، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الرياض الأحد واشنطن إلى منع إسرائيل من شن هجوم بري على رفح، قائلا إن “أميركا هي الدولة الوحيدة القادرة أنّ تمنع إسرائيل عن ارتكاب هذه الجريمة”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس للقناة الثانية عشرة الإسرائيلية السبت “إذا كان هناك اتفاق (هدنة)، فسنعلق العملية في رفح”.
وأضاف كاتس “إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق، فسنفعل ذلك”.