66 مليار دولار: نزيف خطير وخفي على مدى ثلاثة عقود من الفساد! في موريتانيا / تحقيق من إعداد الإعلامي السيد ولد السيد

سبت, 30/11/2024 - 09:11

ملخص التقرير

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي عن نتائج ثلاثة عقود من الفساد الممنهج في موريتانيا. استند التقريرإلى تقييمات شاملة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، لتسليط الضوء على شبكة معقدة من الفساد استنزفت ما يُقدَّر بـ66.32 مليار دولار من الاقتصاد الموريتاني خلال الفترة من 1991 إلى 2024.

النتائج الرئيسية

القطاع الأكثر فسادًا

احتل قطاع الصناعات الاستخراجية، وخاصة التعدين، صدارة قائمة القطاعات الأكثر فسادًا، حيث استحوذ على 20.4% من إجمالي الخسائر (13.56 مليار دولار). ارتفعت الخسائر في هذا القطاع من 180 مليون دولار سنويًا في أوائل التسعينيات إلى 460 مليون دولار في 2024.

فترة الذروة في الفساد

سجلت الفترة من 2021 إلى 2024 أكبر معدل للخسائر السنوية الناتجة عن الفساد، والتي بلغت 2.44 مليار دولار سنويًا. ارتبطت هذه الفترة بتوسع النشاط التعديني وضعف آليات الرقابة بعد جائحة كوفيد-19.

أسوأ عام

شهد عام 2023 ذروة الفساد في تاريخ موريتانيا الحديث، مع تسجيل خسائر بلغت 460 مليون دولار في قطاع التعدين وحده، بالإضافة إلى 200 مليون دولار من انتهاكات حقوق الصيد.

فترة الإصلاح الأكثر نجاحًا

تميزت الفترة 2019-2020 بجهود إصلاحية استثنائية شملت:

تطبيق أنظمة الشراء الرقمية: قللت الفساد في العقود العامة بنسبة 25%.

إنشاء محاكم متخصصة في مكافحة الفساد: رفعت معدلات الملاحقة واسترداد الأصول.

تعزيز إقرارات الذمة المالية للمسؤولين العموميين: كشفت عن ثروات غير مبررة.

الإصلاح الأكثر نجاحًا

حققت مبادرة الحوكمة الإلكترونية لعام 2019 نجاحًا ملحوظًا، حيث قللت الفساد الإداري بنسبة 40% في الإدارات المستهدفة. ساهمت هذه المبادرة في تحسين الشفافية، خصوصًا في إدارات الجمارك والضرائب.

التوصيات

استنادًا إلى النجاحات الإصلاحية في 2019-2020، يقدم التقرير التوصيات التالية:

توسيع مبادرة الحوكمة الإلكترونية لتشمل جميع الإدارات الحكومية.

تعزيز المحاكم المتخصصة بسلطات تحقيق وملاحقة موسعة.

استخدام تقنية البلوك تشين لتعقب تراخيص التعدين والصيد.

إنشاء هيئة رقابة مستقلة للصناعات الاستخراجية.

 

صورة من النت تخدم النص

تفاصيل التقرير

 

البنية التحتية للفساد

كشف مسؤول رفيع المستوى في وزارة التعدين عن وجود ما وصفه بـ”الحكومة الموازية”. وفقًا لدراسات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي، فإن 60% من المناصب الإدارية العليا مرتبطة بالقيادة القبلية التقليدية، مما يجعل الهياكل القبلية أدوات حديثة للسيطرة على الدولة.

قال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته: “النظام ليس معطوبًا، بل يعمل كما هو مصمم… لكنه لا يخدم المواطن العادي”.

أرقام صادمة

التعدين: شكل 20.4% من إجمالي الخسائر (13.56 مليار دولار)، مع ارتفاع الخسائر من 180 مليون دولار في التسعينيات إلى 460 مليون دولار في 2024.

الصيد: تُمنح حوالي 30% من تصاريح الصيد بطرق غير نظامية، ما يؤدي إلى خسائر سنوية تتراوح بين 150-200 مليون دولار.

القطاع المصرفي: أظهرت التقارير أن القروض الممنوحة للمقربين سياسيًا تمثل 25% من القروض المتعثرة، فيما يدفع أصحاب المشاريع الصغيرة فائدة أعلى بنسبة تتراوح بين 8-12%.

أسوأ الفترات: 2021-2024

تميزت هذه الفترة بارتفاع الخسائر السنوية إلى 2.44 مليار دولار، تضمنت:

خسائر في التعدين بلغت 460 مليون دولار.

انتهاكات في حقوق الصيد بقيمة 200 مليون دولار.

زيادة بنسبة 35% في احتيال العقود العامة.

قفزة في القروض المتعثرة بنسبة 28%.

بارقة أمل: 2019-2020

خلال هذه الفترة، تم تنفيذ إصلاحات شملت:

أنظمة الشراء الرقمية: زادت الشفافية وقللت الفساد بنسبة 25%.

محاكم مكافحة الفساد: رفعت معدلات الملاحقة بنسبة 30% واستردت أصولًا بقيمة 85 مليون دولار.

إقرارات الذمة المالية: حققت نسبة امتثال بلغت 80% وكشفت عن ثروات غير مبررة بقيمة 150 مليون دولار.

التكلفة الإنسانية

يبرز التقرير الأثر المدمر للفساد على حياة المواطنين:

الصيد: يتحدث الصياد محمد ولد أحمد عن تراجع فرصه بسبب سيطرة رجال الأعمال على التراخيص.

الصحة: ارتفعت أسعار الأدوية بنسبة 20-30%، ما جعلها غير متاحة للكثيرين.

التعليم: تُظهر البيانات أن 60-65% فقط من الميزانيات تصل إلى المدارس، ما يتركها تعاني نقص الموارد.

الخلاصة

 

تقف موريتانيا اليوم عند مفترق طرق حاسم. النجاح الذي تحقق في الإصلاحات السابقة يُظهر أن التغيير ممكن، لكنه يتطلب إرادة سياسية قوية ودعمًا دوليًا. هذ التقرير ليس فقط عن المليارات المفقودة، بل عن إمكانيات هائلة يمكن أن تحول مستقبل البلاد إذا تم استغلالها بفعالية.

قائمة المراجع :

البنك الإفريقي للتنمية. (2021). تقرير تقييم الحوكمة: موريتانيا. سلسلة التقارير الفنية للبنك الإفريقي للتنمية.

المجلس الاستشاري للاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد. (2022). نظرة عامة على مكافحة الفساد: موريتانيا. تحليل اقتصادي ومراجعة تنفيذ السياسات، 18(1)، 45-72.

معهد كريستيان ميكلسن. (2023). الفساد في موريتانيا: تحليل مؤسسي وتنفيذ الإصلاحات. تقرير معهد كريستيان ميكلسن 2023:05. بيرغن: منشورات المعهد.

مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية. (2023). تقرير التقييم الخاص بموريتانيا: التقدم في تحقيق معايير مبادرة الشفافية. أمانة مبادرة الشفافية الدولية.

النزاهة المالية العالمية. (2023). التدفقات المالية غير المشروعة في غرب إفريقيا. سلسلة التقارير الفنية للنزاهة المالية العالمية.

صندوق النقد الدولي. (2024). تقييم القطاع المالي: موريتانيا. تقرير الدولة رقم 24/035.

معهد حوكمة الموارد الطبيعية. (2024). مؤشر حوكمة الموارد في موريتانيا. سلسلة التقارير الفنية لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية 2024/01.

شراكة الحكومة المفتوحة. (2024). التحول الرقمي في الحوكمة: دراسة حالة موريتانيا. سلسلة أبحاث شراكة الحكومة المفتوحة.

منظمة الشفافية الدولية. (2024). الحوكمة الإلكترونية وتقليل الفساد: الاتجاهات العالمية. سلسلة أوراق سياسات منظمة الشفافية الدولية

تحقيق : من إعداد الإعلامي السيد ولد السيد

موقع الصدي