.يبدو أن الاستعراضات العسكرية التي تُقيمها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خلال عمليات تسليم الأسرى الإسرائيليين، باتت تُزعج الجانب الإسرائيلي كثيرًا وتُحرجه أمام العالم وكذلك الرأي العام الإسرائيلي، الذي يستشيط غضبًا كلما شاهدها.
وبحسب ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام، فإن المسؤولين الإسرائيليين قد طلبوا وبشكل رسمي من الوسيطين القطري والمصري، بالضغط على حركة “حماس” لإلغاء هذه “الاستعراضات العسكرية” خلال عمليات تسليم جثث وأسرى إسرائيليين في قطاع غزة.
ونقلوا كذلك رسالة تحذير شديدة اللهجة من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بشكل مباشر بأن الاستمرار ما وصفوها بـ”الاستفزازات والعروض السخيفة” قد تنسف صفقة تبادل الأسرى بشكل كامل، وتعطل الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق الذي جرى مع حركة “حماس”.
وألمحت وسائل إعلام عبرية، بأن نتنياهو هو من أمر بتعطيل الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، والتهديد بتجميد الصفقة حتى اشعار آخر، بسبب الفيديوهات التي نشرت خلال عمليات تسليم الأسرى الإسرائيليين في غزة، والتي تسببت بقلب الرأي العام الإسرائيلي ضده.
وحاول الوسطين المصري والقطري، بأن يصلوا إلى تفاهم “وسط” مع حركة “حماس” من أجل إلغاء أو حتى خفض الاستعراضات العسكرية التي تقيمها خلال عمليات تسليم جثث وأسرى الإسرائيليين، إلا أنهما تلقيا ردًا صارمًا من “حماس” برفض أي تدخل بهذا الشأن، وعدم الانصياع لشروط وتهديدات نتنياهو.
وبحسب مراقبون فإن هذا الامر بات بالنسبة لنتنياهو “شخصي وحساس”، ويريد أن تنتهي تلك الاستعراضات قبل تنفيذ أي بنود الصفقة والإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين التي باتت معلقة، وكذلك عدم الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأعلن نتنياهو السبت تأجيل الإفراج عن الفلسطينيين بسبب “الانتهاكات المتكررة والمهينة” من قبل “حماس”، وفق قوله، في إشارة إلى إحاطة المحتجزين الإسرائيليين بعشرات العناصر من كتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، وجعلهم يحملون شهادات “أسر”، والصعود إلى منصة احتفالية تنصب عادة خلال تسليمهم إلى الصليب الأحمر الدولي.
علماً أن إسرائيل فرضت أيضا في السابق، إجراءات مماثلة على الفلسطينيين قبيل إطلاق سراحهم، إذ ألبستهم خلال التسليم السابق قمصانا كتب عليها “لن ننسى”، مع وعيد وترهيب بضرب “حماس”.
كذلك عمدت يوم السبت الماضي إلى إجبار الأسرى الـ620 الذين كان من المفترض أن تطلق سراحهم على ارتداء ملابس وأساور كتبت عليها آيات من “سفر المزامير”، تحمل كذلك تهديدات.
في حين اعتبرت حركة “حماس” أن نتنياهو يتذرع بحجج واهية من أجل عرقلة اتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، داعية الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) إلى الضغط على إسرائيل.
كما أكدت أنها ملتزمة بتنفيذ كافة بنود الاتفاق الذي رعته القاهرة والدوحة، فضلا عن واشنطن.
وتواصل إسرائيل تأخير الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المفترض الإفراج عنهم السبت الماضي، عقب تسليم المقاومة في قطاع غزة ستة أسرى إسرائيليين أحياء، وقبلهم بيومين أربعة جثث لأسرى الاحتلال.
وتضم قائمة الأسرى التي قررت حكومة الاحتلال تأجيل الإفراج عنهم حتى إشعار آخر، 620 أسيرا فلسطينيا بينهم من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، إلى جانب 445 من معتقلي قطاع غزة الذين جرى أسرهم بعد السابع من أكتوبر 2023.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن تل أبيب أبلغت الوسطاء أنه إذا أطلقت حركة حماس سراح الأسرى الإسرائيليين القتلى المتبقين في المرحلة الأولى، دون مراسم “مهينة”، فسيتم إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين، ولفتت إلى أنه فيما يتعلق بما سيحدث عقب انتهاء المرحلة الأولى، فإن حماس لديها ثلاثة خيارات، الأول تمديد المرحلة الحالية، أو الموافقة على المطالب الإسرائيلية أو العودة إلى الحرب، منوهة إلى أنه من المقرر أن يتوجه وفد إسرائيلي قريبا إلى القاهرة أو الدوحة.
وذكرت مصادر إسرائيلية أن هناك احتمالا آخر وهو أن ترفض حماس المطالب الإسرائيلية فيما يتعلق بالمرحلة الثانية، وبالتي فإن إسرائيل سوف تقترح تمديد المرحلة الأولى بدعم أمريكي، مع التأكيد على أنه لن يكون هناك وقف إطلاق نار، طالما لم يتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى.
لكن حركة حماس شددت على رفضها الحديث عن أي خطوة متعلقة باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قبل الإفراج عن أسرى الدفعة السابعة من صفقة التبادل، وإلزام الاحتلال بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
وقال القيادي في حركة حماس، محمود مرداوي، في تصريحات نشرها في قناته عبر “تيلغرام”: “لن يكون هناك أي حديث مع العدو عبر الوسطاء في أي خطوة، قبل الإفراج عن الأسرى المتفق على إطلاق سراحهم، مقابل الأسرى الإسرائيليين الستة”.
وشدد مرداوي على ضرورة أن يقوم الوسطاء بإلزام العدو بتنفيذ الاتفاق، فيما استنكرت حركة حماس، في وقت سابق، بشدة قرار الاحتلال بتأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، مؤكدة أن هذا القرار يكشف مجددًا مراوغات الاحتلال وتنصله من التزاماته.
وهنا يبقى التساؤل.. ماذا ستختار “حماس” من تلك الشروط الثلاثة؟