
حالة من الغموض تُسيطر على المفاوضات السرية التي تجري بين حركة “حماس” وإسرائيل برعاية “مصرية وقطرية أمريكية”، لإحياء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد تهديدات “تل أبيب” المتكررة بالعودة مجددًا لحرب الإبادة.
وتُنشر عبر وسائل الإعلام الكثير من تفاصيل المبادرات، منها أمريكية وأخرى عربية وحتى إسرائيلية من أجل الخروج من المأزق الحالي والذي يهدد بنسف الصفقة من جذورها، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد أي موقف واضح يُشجع على قرب الاتفاق نظرًا للشروط المعقدة التي باتت مطروحة على طاولة المفاوضات.
وأمام هذا الغموض الحاصل في صفقة الأسرى بين إسرائيل و”حماس”، خرجت بعض المصادر الإعلامية التي وصفت بـ”الموثوقة” لتؤكد أن “حماس” مستعدة للتنازل عن سلاحها مقابل تمديد التهدئة في غزة، والاتفاق مع إسرائيل على وقف إطلاق النار لمدة من 5-10 سنوات على الأقل.
وهذا الأمر فتح باب جدل واسع في الساحة الفلسطينية، حول سبب موافقة “حماس” المفاجئة على هذا الموقف، وكذلك نوع السلاح الذي يمكن أن ستستغني عنه، ومدى حصولها على ضمانات تحميها من “الغدر” الإسرائيلي بالعودة للحرب أو تنفيذ اغتيال لقيادات المقاومة داخل غزة وخارجها.
وقدم المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بولر في لقاءاته مع قادة “حماس” بالعاصمة الدوحة، مؤخراً، مطلبين من أجل إنهاء الحرب بصورة نهائية في غزة وبدء إعادة الإعمار، وهما إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، ونزع السلاح.
ووافقت “حماس” على مطلب إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لكنها عرضت على المبعوث الأميركي فكرة أخرى لمعالجة مطلب “نزع السلاح”، وهي الهدنة طويلة الأمد التي تمتد من 5 إلى 10 سنوات، وربما أكثر إن رغبت إسرائيل.
“حماس” أيضاً أبلغت بولر أن مشكلة السلاح تعتبر “محلولة” حال موافقة إسرائيل على الهدنة الطويلة، مبدية استعدادها لمناقشة العديد من الاقتراحات في هذا الشأن، وفق ما نشره موقع فضائية “الشرق”.
وقالت مصادر دبلوماسية، إن استعداد “حماس” لمناقشة هذا الموضوع يفتح الطريق أمام إنهاء الحرب، مشيرة إلى أن السلاح الهجومي الذي تمتلكه الحركة هو سلاح بسيط يتكون مما تبقى من صواريخ وقذائف “هاون”، ولا يحتوي على أسلحة ثقيلة من دبابات، ومدفعية، وطائرات وغيرها الأمر الذي يجعل التوصل إلى تفاهمات بشأنه أمراً سهلاً.
وتابعت المصادر أن القوة العسكرية الحقيقية لحركة “حماس” تكمن في قوات “النخبة” المدربة جيداً، والتي تمكنت من اجتياح بلدات وقري في جنوب إسرائيل بأدوات عسكرية متواضعة، وهو ما يمكن معالجته في شروط الهدنة مثل تجميد التدريب العسكري وصناعة الصواريخ أثناء الهدنة.
وأضافت أن ما يهم الولايات المتحدة هي النتائج، خاصة التوصل إلى اتفاق يؤدي لإطلاق سراح الإسرائيليين ووقف التهديد العسكري من غزة، وذلك بخلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تحركه عوامل عدة منها الحفاظ على استقرار حكومته، وعدم فتح تحقيق بشأن إخفاقات الحكومة في مواجهة 7 أكتوبر، ومواصلة محاكمته في ملفات الفساد الثلاث وغيرها.
وترى المصادر أن الإدارة الأميركية تفضل شق طريق عملي لإنهاء الحرب، من أجل تحقيق الأهداف الفعلية، وليس الشخصية والحزبية لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
من جانبها، تبدي حركة “حماس” نوعاً من الارتياح لتوجهات الإدارة الأميركية العملية، وترى أن استمرار هذه التوجهات يشكل أرضية مناسبة لاتفاق ينهي الحرب على نحو لائق، وليس على النحو الذي يريده نتنياهو.
وبحسب “الشرق”، فأن مسؤولي الحركة عرضوا على المبعوث الأميركي مراقبة التزامها بشروط الهدنة من قبل دول تثق بها الولايات المتحدة، مثل مصر، وتركيا، وقطر، وقالت مصادر في “حماس” إن المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، قدم أكثر من إشارة إيجابية على نية إدارة ترامب إنهاء حرب غزة، وهو ما جعل الاتفاق السابق ذي المراحل الثلاث ممكناً، وهو الاتفاق الذي اكتفت إسرائيل بتطبيق المرحلة الأولى منه.
وذكرت المصادر أن “في يد حماس ورقتين هامتين الأولى هي المحتجزين الإسرائيليين الذين ستكون حياتهم في خطر في حال استئناف الحرب، والثانية هي مفتاح الأمن في غزة”.
وتشير كثير من التقديرات إلى أن “حماس” هي الجهة الوحيدة القادرة على حفظ الأمن في غزة لسنوات وربما لعقود، وأن مطلب إسرائيل حل الجهاز العسكري للحركة قد يفتح الطريق، في حال تحقيقه، إلى شيوع حالة من فوضى السلاح الذي لا يمكن لأي جهة أن تضبطه ما يشكل تهديداً دائماً لإسرائيل.
ويبدو أن هذا العامل قد يشكل عنصراً مشجعاً للإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق مع الحركة يضمن تحقيق الأمن لفترة طويلة، خاصة أن إسرائيل تمتلك اليد العسكرية العليا في المنطقة، وقادرة على مراقبه أية تحركات لـ”حماس” قد ترى فيها خرقاً لشروط الهدنة.
وقال دبلوماسي غربي، إن “الاتفاق من هذا النوع يجعل حماس قوية بما يكفي لضمان الأمن في غزة، وضعيفة بما يكفي لعدم التفكير بمهاجمة إسرائيل مرة أخرى”، مضيفًا “في حال التوصل إلى هذا الاتفاق يمكن لإسرائيل أن تعلن النصر، ويمكن لحماس أن تعلن عدم الهزيمة وفتح صفحة جديدة في العمل السياسي”.
ويبقى التساؤل المطروح… هل وافقت “حماس” فعليًا على نزع سلاحها؟ وما هو الثمن؟ وهل ما يطرح “فخ” جديد للمقاومة؟