
واشنطن: قال ولي العهد السعودي في البيت الأبيض، الثلاثاء، إنه يريد المضي نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل وإرساء “حل الدولتين”، متعهّدًا بزيادة استثمارات بلاده في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار، في أول زيارة له إلى واشنطن منذ سبع سنوات.
بن سلمان: نرغب في أن نكون جزءاً من الاتفاقات الإبراهيمية، لكننا نريد أيضاً التأكد من أن الطريق نحو حلّ الدولتين مرسوم بوضوح
وقال بن سلمان في المكتب البيضاوي، بعيد استقبال حافل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “نرغب في أن نكون جزءًا من الاتفاقات الإبراهيمية. لكننا نريد أيضًا التأكد من أن الطريق نحو حلّ الدولتين مرسوم بوضوح”.
وأضاف أنه أجرى “مناقشة بنّاءة” بشأن هذا الملف مع ترامب، مؤكّدًا: “سنعمل على ذلك لضمان تهيئة الظروف المناسبة في أقرب وقت ممكن لتحقيق هذا الهدف”.
ويولي الرئيس الأمريكي أهمية كبيرة لتعزيز العلاقات مع السعودية الغنية بالنفط، لا سيما في سعيه لتحويل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” في غزة إلى سلام إقليمي دائم.
لكنّ الخطوات الأولية نحو تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية مقابل ضمانات في مجالي الأمن والطاقة عُلّقت عقب هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وما أعقبه من حرب إسرائيلية مدمرة في غزة.
واستهل ترامب اللقاء في البيت الأبيض بإشادة بسجل الأمير “المذهل” في مجال حقوق الإنسان. وتطرّق إلى مقتل جمال خاشقجي عام 2018 قائلاً “لقد حدثت أمور”، واصفًا الصحافي القتيل بأنه “مثير للجدل للغاية”.
كما هاجم ترامب إحدى الصحافيات متهمًا إياها بـ”إحراج” الأمير محمد بأسئلتها حول جريمة القتل التي أشارت الاستخبارات الأمريكية في تقرير لها إلى أن الأمير وافق عليها، قائلاً إن الأمير الزائر “لم يكن يعلم شيئًا عنها”.
وردّ الأمير السعودي قائلاً إن مقتل خاشقجي وتقطيع أوصاله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول كان “خطأ كبيرًا”، مؤكّدًا أن الموضوع شكّل محور تحقيق شامل “ونحن نبذل كل ما في وسعنا لئلا يتكرر”.
تريليون دولار
وأبلغ ولي العهد السعودي ترامب بزيادة قيمة الاستثمارات السعودية البالغة 600 مليار دولار التي وعده بها خلال زيارته للمملكة في أيار/مايو.
وقال بن سلمان في المكتب البيضاوي: “في إمكاننا اليوم وغدًا أن نعلن أننا سنزيد مبلغ الـ600 مليار إلى نحو تريليون دولار (ألف مليار) للاستثمار”.
كذلك، رحّب ترامب بولي العهد السعودي في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، حيث أُطلقت نيران المدفعية ترحيبًا، قبل أن يشاهدا عرضًا جويًا صاخبًا لمقاتلات عسكرية أمريكية. ثم أطلع الرئيس الجمهوري البالغ 79 عامًا الأمير على معرض جديد لصور الرؤساء في حديقة الورود.
وأقامت السيدة الأولى ميلانيا ترامب في وقت لاحق الثلاثاء عشاءً فاخرًا تكريمًا للزائر السعودي أعلن خلاله الرئيس أنه قرّر تصنيف المملكة العربية السعودية حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو).
“دمّر حياتي”
على صعيد آخر، وقّع الجانبان، الثلاثاء، اتفاقات في مجالي الطاقة النووية لأغراض مدنية والدفاع.
وأعلنت الإدارة الأمريكية أن البلدين صادقا على “إعلان مشترك” حول الطاقة النووية لأغراض مدنية “يُنشأ بموجبه الأساس القانوني للتعاون الذي تصل قيمته إلى مليارات الدولارات على مدى عقود” و”يجري بما يتوافق مع قواعد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”.
وأضاف المصدر أن ترامب “أعطى موافقته على اتفاق لبيع أسلحة يتضمن طائرات إف-35″، وهي طائرات مقاتلة أمريكية ذات تكنولوجيا متقدمة.
وكان خبراء أشاروا إلى أن السعودية ستسعى جاهدًة أيضًا للحصول على رقاقات عالية التقنية تحتاج إليها لدعم طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتحتاج السعودية، التي تعتمد بشكل كبير على النفط، إلى هذه الرقاقات لتطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي في إطار خطة التنويع الاقتصادي الطموحة التي ينفذها ولي العهد.
ووطّد الأمير البالغ 40 عامًا علاقاته الوثيقة مع ترامب وعائلته على مر السنين، بما في ذلك من خلال تعهدات استثمارية في العقارات التي يملكها الرئيس الملياردير.
إلا أن شبح مقتل خاشقجي خلال ولاية ترامب الأولى، والذي أثار غضبًا عالميًا وأدى إلى فتور العلاقات بين واشنطن والرياض لسنوات، خيّم على الاجتماع.
وطّد الأمير محمد بن سلمان علاقاته الوثيقة مع ترامب وعائلته على مر السنين، بما في ذلك من خلال تعهدات استثمارية في العقارات التي يملكها الرئيس الملياردير
وطلبت أرملة خاشقجي، حنان العطار خاشقجي، من ولي العهد السعودي لقاءها لتقديم “الاعتذار” لها عن مقتل خاشقجي، بعدما قالت في تصريحات لشبكة “سي إن إن” إن مقتل زوجها “دمّر حياتي”.
وأضافت: “آمل بأن يأخذوا في الاعتبار القيم الأمريكية لحقوق الإنسان والديموقراطية” عند البحث في أي صفقة وبيع أسلحة.
شراكة دفاعية
كما أكد الرئيس الأمريكي، الثلاثاء، أن البلدين اتفقا على شراكة دفاعية.
يريد محمد بن سلمان ضمانات أمريكية أقوى مماثلة لتلك التي مُنحت لقطر، إذ حصلت الدوحة بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، على التزام أمريكي بحمايتها في حال تعرضها لهجوم آخر.
وتقترن العلاقات بين إدارة ترامب والرياض باتصالات تجارية عائلية خاصة. فصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، الذي يؤدي دور وساطة غير رسمي في الشرق الأوسط، لديه علاقات مع السعودية عبر شركته الاستثمارية.
مع ذلك، نفى دونالد ترامب أي تضارب في المصالح قائلًا: “لا علاقة لي بأعمال عائلتي. لقد تركت ذلك خلفي”.
(أ ف ب



