أن تكون أكاديميا طوفت العالم من أبي ظبي شرقا إلى تكساس غربا بحثا في المعاهد العلمية والجامعات العصرية، وأن تكون حاصلا على منح دراسية دولية ودرجات عالية وتفتح جميع فرص الرفاه أمامك وتتوفر لك وسائل العيش الهنيء على شواطئ لوس أنجلس أوفي صحاري نيفادا أوسهول كندا, ثم تخلف كل ذالك ظهريا محبذا عنه طبشورا في بلدك فأنت تعرض نفسك لسخرية من تحدثه أو من يسمع عنك، بل قد يعتبرك البعض تبدل الجنة بالنار.
نعم حين تكون شابا حملتك همتك إلى العالم الأول لتستفيد من التطور في شتى المجالات ثم تعود إلى وطنك بمعارفك وتجاربك كي تشارك في مسيرة بناء الوطن.. أمر قد لا يستوعبه كثيرون ممن لا زال الغرب يبهرهم.
ولكن كي تنهض بأمتك وبلدك لا بد أن تختار غبار وطنك وترضى بكسرة خبزه وتفضلها على جميع المغريات.
لقد آثرت الرجوع إلى وطني والعيش فيه ولا أبغي به بدلا..
بلاد بها نيطت علي تمائمي
وأول أرض مس جلدي ترابها
في بلدي العزيز يكره الناس كثيرا من الوظائف لأسباب قد يكون بعضها موضوعيا، ولكن الأغرب في الأمر أن البقرة الحلوب الوحيدة التي تشرئب لها الأعناق ويزدحم الجميع على استدرارها هي السياسة، وتلك التي لا أحسن حتى الكتابة عنها، ناهيك عن خوضها ومعرفة دهاليزها. .
فالتخندق السياسي والانتماء الحزبي والحركي أمور لا تعني لي الكثير متشبثا برأي شاعر المهجر إيلياء أبي ماضي:
واترك أحاديث السياسة والألى
يتشبثون برأي كل سياسي
إني انتبذت ثمارها مذ ذقتها
فوجدت طعم الغدر في أضراسي
وتركتها لاثنين غر ساذج
ومشعوذ متذبذب دساس
لذلك لم أقتنع بحشر نفسي في زاوية حزبية ضيقة ولا جماعة إيديولوجية متحجرة مكتفيا بانتمائي للدين والوطن.
كذلك ليست لي شهرة في عالم السوشيال ميديا ولا كثير ثرثرة على المواقع الصفراء غير أنني ظللت متابعا لكل القضايا بصمت مصحوب بتروٍّ ومتابعة دائمين..
ومع هذا وذاك فقد وجدتني اليوم مرغما علي الخروج عن صمتي المعهود لأعبر عن رأيي اتجاه خبر ذي أهمية قصوى لكل الغيورين على هذا البلد. ألا وهو خبر ترشيح معالي وزير الدفاع محمد ولد الشيخ محمد أحمد للرآسيات المقبلة..فماذا يعني هذا الترشيح في هذه المرحلة ؟ وماهي خصوصية ذالك ؟ وما ذا علينا كمجموعات ونخب أن نقدم لهذا الوطن من خلال هذه الفرصة التاريخية ؟
ليست لي معرفة شخصية بمعالي الوزير ولم ألتق به يوما رغم أنني الجار الجنبُ له في مدينة كيفة غير أن وجود كل منا هنالك في الإجازات والعطل يختلف فلم أسعد بلقائه, ولكن أن معرفة المواقف والإنجازات تغني عن معرفة الشخوص والأفراد. ومن خلال مراقبتي عن بعد لكبار القادة والسياسيين في هذا البلد، أكاد أجزم أن ابن الغزواني من بين أكثر القوم رزانة وأقلهم أعداء، بل لا تكاد تجد له عدوا. ولعل أهم المميزات القيادية المتوفرة في شخصية معالي الوزير هي:
• الكاريزما العالية التي يتمتع بها صاحبنا
• التكوين العسكري والأمني الممتاز
• التجربة المهنية :إذ يمتلك صاحبنا خبرة مهنية طويلة مكنته من الإطلاع على مشاكل البلد وتحدياته الأمنية والسياسية
• البعد الاجتماعي: إذ ينحدر صاحبنا من أسرة صوفية معروفة ذات صيت كبير:يقول الشاعر الحساني في مدح والده الشيخ محمد أحمد:
ماخالك شيخ
ؤشيخ افحد
يكون الشيخ
محمد أحمد
فهو إذا تربى في بيت كرم وسيادة وتربية روحية وقيادة اجتماعية مشهودة.
لقد وفق حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في رأيي في اختيار مرشح قوي يتمتع بالمقومات الضرورية لتبوأ قيادة البلد وهو اختيار جاء لا محالة بعد دراسة عميقة راعت جوانب عدة من أهمها بالإضافة إلى ما تقدم أنه شخص من داخل النظام وذلك داع من دواعي الاستقرار السياسي الذي هو صمام أمان التنمية والتطور الاقتصادي والقدرة على استجلاب المستثمر والحصول على ثقة شركائنا في التنمية, فشكرا لفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
أما ما يمكن أن نقدمه نحن كشباب ونخب لهذا الوطن من خلال هذه الفرصة التاريخية فيكمن في نقاط ثلاث:
1. نبذ الخلاف بالعراء وتغليب المصلحة العامة
2. الإبتعاد عن التخندق في صفوف التحزبات الضيقة والتعصب للانتماءات الإيديولوجية والعرقية
3. الإنخراط في توعية الجماهير من وقت مبكر حتى لا نترك الساحة لأصحاب الدعاية السياسية المغرضة.
إخوتي الشباب, لا شك عندي أننا إذا ما التزمنا هذا البرنامج فإن المرشح ولد الغزواني مؤهل بإذن الله لقيادة البلد واجتيازه للمطبات السياسية والاجتماعية الراهنة. وتأسيسا على ذالك فإنني لا أخفي أنني مرتاح تماما لترشيح معالي وزير الدفاع لرآسيات يونيو2019 والذي من شأنه أن يحدث توازنا ظل مفقودا في الدولة الموريتانية منذ نشأتها وأعلن دعمي له بكل الوسائل المتاحة.
محمد سالم ولد دداه: أستاذ اكاديمي