إليكٓ ذراعي التي ما وهنتْ ولن تهِنٓ عن إسنادك حتى تُوارٓى أنتٓ أو تُواريٓها الثرى، ان شاء الله.
إليكٓ يراعي الذي كان مِدادُه أولٓ بحر تعلّمتٓ السباحة فى نقاء مياهه.
كم فى بلاد العجائب من ذي ذراع مبتورة وإنْ حملها صاحبها كما يحمل الحمار الأسفار؟
وكم فيها من جماجم ينخرها سوس الحقد والبغضاء؟
وكم فيها من خُشُبٍ مسنّدٓة يُشعلها الآخرون ونهاية نارها رماد تذروه الرياح ؟
دعْني أعرّفْ كل هذه المخلوقات عليك :
ان ذراعك التي يعيّرك جاهلٌ نكِرٓةٌ بأنها مبتورة لم تُبتٓرْ حدّاً لسرقة ولا حِرابة.
أنت من اتخذْتٓ قرارٓ الاستغناء عنها وأنت على سرير العلاج، يوم أخبرني الدكتور سميدع بضرورة التخلص منها وأنت تحت تأثير التخدير، لأنها قد تؤثر على بقية جسمك بسبب النزيف الحاد والتمزقات العضلية.
انتظرتُك حتى أفقْتٓ فأخبرتك الأمر، كان ردك فى مستوى قوة إيمانك: " لا حاجة لي بها" وقُضيٓ الأمر بمشيئة الله وبرضاك.
أترى ذلك المعيّر الجاهل النكرة قادرا على اتخاذ قرار ببتْر ذراعه التي ما سطّرتـْ مجداً، ولا دافعتْ عن حق؟
أترى ذراعيْه وأذرعه الأميبية الكاذبة تحميه من انتقام العزيز الجبار؟
أتراها تردّ عنه صولة أمثالك من المؤمنين بالقضاء والقدر؟
أتراها تمنحه الشجاعة لمبارزتك علناً؟
لا عليكٓ يا مفخرةٓ العائلة والمجموعة والبلد، فلسْتٓ أولٓ ولن تكون آخرٓ من تنهشه الكلاب المسعورة السائبة.
ولستٓ أولٓ ولن تكون آخرٓ من تحاول قطعان الفاشلين الهائمة الإجهاز عليه فى معركتها الخاسرة منذ الطلقة الأولى، لأنها لا تدافع عن سؤدد ولا تذب عن حياض مجد تليد.
ولستـٓ أولٓ ولن تكون آخرٓ من تترصده خفافيش الظلام بأذرعها المطاطية التي لا تحركها بصيرة ولا ولا دين.
أنتٓ ذراعك فى عقلك وعلى لسانك، و ذراع المعيّر الجاهل النكرة كومة لحم وعظام لا تمتد إلا لتؤذيٓ الناس أو تسألهم إلحافا، قبل أن ترتدّ إلى جيبه وقد تسمٰرتْ مفاصلها من سوء ما اقترفتْ وبئس المصير.
يكفيكٓ يا ابني ومفخرتي أن ذراعك بُترتـْ وأنت تجاهد فى سبيل العلم والتحصيل.
ويكفيك أنك بذراع واحدة نِلتٓ أسمى مراتب العلم والتحصيل فى ما تشرئبّ اليه الاعناق من مراقي الأدب والذوق السليم الرفيع.
أما أنت ، ايها المعير الجاهل النكرة، فما لي لك بعدها من مخاطٓبة إلا نصيحة ان كان بك بقية اخلاق وشيء من التقوى : (( دع عنك الشيخ ، فمالٓكٓ به ذرْعٌ ولا ذِراع)).