قال مسعود ولد بلخير رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي إن خطاب ولد الغزواني الذي وجهه للأمة عند انتخابه كان بإمكانه أن يكون أكثر اطمئناناً له لو ” ركز على التشديد على المواضيع الأولى و التأسيسية للجمهورية، و التي لا تزال و ستبقى: الوحدة الوطنية، الفوارق الاجتماعية، العدالة، الديمقراطية و الحكامة الرشيدة حيث لم يتم عمل أي شيء فيها تقريبا لحد الآن“، يقول ولد بلخير.
و أضاف مسعود في مقابلته التي أجراها مع صحيفة ”القلم“ الناطقة بالفرنسية أن هنالك ”إشكالات جوهرية و حتى وجودية تطرح نفسها على البلد و يتطلب حلولها إجماعا واسعا جدا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حوار وطني شامل“.
و بخصوص علاقته بالمعارضة قال ولد بلخير إنه ” لا يوجد أي اتصال، ه منذ 2011 ، باستثناء لقاء تفريت، كانت الاتصالات معهم بمبادرة منه“ و أضاف ”منذ إخفاق لقاء تفريت حيث حاولوا عبثا ثنيي عن الحوار الثاني، قررت قطع أي اتصال“.
و في معرض رده على ما أصبح يتهم به ولد بلخير من التبرجز و الوجاهة، عوض النضال من أجل المظلومين و المضطهزين قال مسعود ”إن هذا التبرجز و مكانة الوجيه قد تم انتزاعهما و لم يتم منحهما أو سرقتهما. فقد تبوأ – – حسب قوله- مكانتهما على الدوام متجاوزا كافة الصعاب، دون أن يتحامل ظلما على أي كان ودون أن يشي بأحد“.
و بخصوص علاقات عزيز و غزواني قال مسعود ” إنه خلال المقابلة الأخيرة و الوحيدة التي خصه بها كان غزواني يقدر عاليا صديقه و الرئيس السابق – حسب قوله- إذا لم يكن الحال على ما كان عليه، قد يكون السبب في ذلك عميقا“. يقول ولد بلخير.
و فيما يلي نص المقابلة:
مقابلة رئيس التحالف الشعبي التقدمي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مع جريدة القلم بتاريخ 5 ديسمبر 2019
1 ـ ألقى الرئيس غزواني خطابه إلى الأمة. ما هو تقييمكم له؟ هل الالتزامات التي أخذها ترضي و تطمئن التحالف الشعبي التقدمي؟
لقد حاول و نجح نسبيا في تحقيق مستوى من الإجماع بخصوص إرادته الصادقة في تجسيد ما قاله بخصوص المواضيع التي تناولها بالفعل و التي تشكل بحسبه الورشات ذات الأولوية.
مع ذلك فإن المشكلة ظلت دوما و ستبقى لفترة طويلة و هي أن كل رئيس جديد منتخب يعتقد أنه تم له ذلك بفعل تبني غالبية الناخبين لبرنامجه الانتخابي بشكل دائم و الذي يعتبره حينئذ كتابه المفضل، في حين أن الحقيقة شيء آخر…
في الواقع قد يكون من الأنسب، في بدء تنفيذه، السعي لتحسينه عن طريق الإضافة الخارجية للذين اقتنعوا به بالفعل، دون أن يحاولوا أبدا تمحيصه، فالوقت لم يكن يسمح بذلك…
بالنسبة لي، قد أكون أكثر اطمئنانا لو أن الخطاب ركز على التشديد على المواضيع الأولى و التأسيسية لجمهوريتنا، و التي لا تزال و ستبقى الوحدة الوطنية، الفوارق الاجتماعية، العدالة، الديمقراطية و الحكامة الرشيدة حيث لم يتم عمل أي شيء فيها تقريبا لحد الآن.
فعدم توضيح ذلك في البداية وفي هذا المنعرج لا يترك لنا فهما غير الاستخفاف بها والتقليل من شأنها؛والأسوأ من ذلك اعتبار هذه الفصول قد انتهت أوطويت تماما.
2 ـ جاء هذا الخطاب في خضم حراك داخل الحزب الرئيسي في الأغلبية الرئاسية (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية) الذي دخل رئيسه في نزاع حول زعامته. كيف ترون هذا التململ داخل حزب الاتحاد، و من خلاله الخصومة بين صديقين منذ 40 سنة، مع أن غزواني يمتنع عن الحديث عن خلافات مع صديقه و أخيه؟ لماذا، من وجهة نظركم، يريد عزيز السيطرة على هذا الحزب، بعد ثلاثة أشهر من تركه للسلطة؟ هل أنتم راضون عن الطريقة التي أدار بها غزواني هذه “المواجهة” الأولى مع سلفه؟
هذا الحراك قد حمل التحالف الشعبي التقدمي و حملني أنا أيضا بصفتي رئيسه على ما عبرنا عنه من خلال بيان 25 نوفمبر 2019 . فلو تعلق الأمر بخصومة داخلية مبتذلة في حزب، حتى ولو كان يتمتع بالأغلبية، لما كانت لنا بالتأكيد ردة فعل… لكننا سمعنا، ككثيرين أن تبريرات المتصارعين، مع أنها متناقضة، لكنها تبدو بشكل ملفت متفقة على نقطة: “بحسب وجهة نظرهم، فإن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية و رئيسه، دون انتظار معرفة أي منهما، كان كل منهما، المرجعية الماضية و الحاضرة و المستقبلية لموريتانيا التي يبدو أنهما قررا أن تكون شأنهما الخاص، دون أي فاعل آخر”.
و بما أن هذا التصور هو في الواقع عكس ما عندنا، فقد توقفنا عن الهدوء و أوضحنا عدم موافقتنا المطلقة لهذا البوح الديماغوجي مع اقتراحنا لتقييمات أنسب، لأنها أكثر إنصافا و منطقية كما أنها الأكثر موضوعية.
ليس من دأبي التدخل في الخيارات الشخصية للغير.
3 ـ البعض يطالب بإنشاء حزب جديد يجمع كافة الداعمين لغزواني، مما سيؤدي إلى اختفاء حزب الاتحاد، بل قد يتسبب في حل الجمعية الوطنية. هل ستوافقون على ذلك؟
لقد قاربت الأحزاب في بلدنا أو تجاوزت عتبة مائة (100 ) حزب، لدرجة أن هذا الشطط أصبح موضوع تصحيح الآن. فالأمثل هو النجاح في تحقيق هذا التقليص و ليس التخلي عنه بل تعزيزه.
فالمشكل ليس على مستوى عدد التشكيلات السياسية، لكنه في فهم الديمقراطية و استخدامها الممارس من طرف هذه الأحزاب، دائما تحت إشراف، و حتى بالتواطؤ المذنب مع من يحكموننا. لن أشجع أي تصفية لأهداف سياسوية قد تستهدف أحزابا سياسية أو أشخاصا؛ بخصوص حل الجمعية الوطنية، يمكن أن يتم طبقا للدستور، بغض النظر عن موافقتي أو معارضتي.
4 ـ بالنسبة لبعض المراقبين، إذا كان عزيز قد اختار الدخول في المعترك السياسي، فذلك لأنه من جهة ليس راضيا عن الطريقة التي يقود بها خلفه السفينة، من جهة أخرى يخشى من أنه قد “ينبش” تسييره للشؤون. كيف ترون ذلك؟
إذا دفعتموني لأن أقول لكم ما أعتقده بخصوص ما قد قيل و ما سيقال، لست متأكدا أنه بقي لي ما يكفي من التفكير للنظر في مشاكلي الخاصة العديدة. فجوابي إذا، مع احترامي للجميع، أنه هو آخر ما أهتم به.
5 ـ أمام هذا الحراك، نشر التحالف الشعبي بيان دعا فيه المتنافسين إلى الهدوء و الانحياز لمصالح البلد، لا اختطاف سكانه كرهائن. هل يعني ذلك أن المناخ الحالي بين الرئيس السابق و الحالي، عبر السيطرة على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، لكن أيضا إقالة قائد تجمع الأمن الرئاسي، كتيبة الأمن الرئاسي سابقا، الذي تم على عجل، يقلقكم؟
لا يوجد أي شيء مقلق بالنسبة لي كمواطن و كقائد لتشكيلة سياسية أكثر من استقرار و أمن و سكينة و طمأنينة السكان و المؤسسات، لكن ذلك لا يسمح لي مع ذلك بالتحدث عن أشياء لا علم لي بها.
6 ـ و دائما في خطابه إلى الأمة، أعلن غزواني التنفيذ في القريب العاجل لبرنامجه الانتخابي و في خضم ذلك أعلن إنشاء مندوبية خاصة مكلفة بمحاربة الفقر… ما ذا يعني لكم إنشاء هذه الوكالة التي يمكن إشراك المعارضة في تسييرها، حسب بعض وسائل الإعلام؟
في الحقيقية و حتى إثبات العكس فإنها لا تلهمني بأي شيء إلا ب” ما قد حدث و سُمِعَ أحيانا” كما كان الحال في السابق بين ” الانقلاب و الديمقراطية، المفسدون و الحكامة الرشيدة، التضامن و رئاسة الفقراء”.
فالخروج من الأزمة لم تبرز بعد نهايته عندنا لأن كل زعيم جديد يضع بداية شرفية لدخوله في المشهد مع وصفته الخاصة به “حصة ك” يعمل على إلقامها بقوة للبلد و سكانه دون أن يطلب منهم رأيهم أو يمنح لهم الوقت للتعبير عن ذلك.
أيضا في أحايين كثيرة لا يتوقف لاستخلاص أي درس من تراكم إخفاقات من سبقوه.
لم يفقد كل السكان الأمل الأول المتمثل في أن عهده قد يشهد تغييرا في الأمور. فالكرة في الحقيقة هي الآن في مرماه…
7 ـ عند قبولكم دعم ترشح غزواني، طلبتم منه تنظيم حوار سياسي مع مجموع الفاعلين السياسيين في البلد. كيف تقيمون المشاورات التي بدأها في هذا الاتجاه، بعد تسلمه مهامه؟
لقد دعوت بالفعل المترشح غزواني، عند ما يصبح فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني، إلى منح الأولوية لتنظيم حوار وطني شامل يكون أكثر شمولية من حوار يقتصر على النشطاء السياسيين من الأغلبية و المعارضة.
يتعلق الأمر أيضا بوقف هذه الملاحة في محيط هائج يتحرك بحدس القبطان، ذلك أن الحاجة إلى أصغر شخص مهما كان هي دائمة. هناك أيضا إشكالات جوهرية و حتى وجودية تطرح نفسها على البلد و يتطلب حلولها إجماعا واسعا جدا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حوار وطني شامل.
وفقا لهذه الرؤية فإن كافة الاتصالات مفيدة و مرحب بها…
8 ـ بحسب بعض التسريبات، فإن رئيس الجمهورية قد لا يكون موافقا في الوقت الحالي على الحوار بالطريقة التي عرفها البلد في الماضي. لقد أكد ذلك في مقابلة أجرتها مؤخرا معه صحيفة لوموند الفرنسية. هل تناسبكم الشراكة التي يبدو أنه فضلها؟
لقد أصبت بخيبة أمل عند قراءة المقابلة التي أشرتم إليها للتو كما أصبت بالحيرة نتيجة الخلط الذي يبدو أنه تم بين الحوار من جهة و الانتماء أو عدم الانتماء للأغلبية أو للمعارضة من جهة أخرى.
9ـ لقد دعمتم دوما و شاركتم في جميع الحوارات السياسية في فترة حكم ولد عبد العزيز. ما ذا يفيد الحوار الذي تدعون له الآن؟
يجرى الحوار عادة للتوصل، عبر الإجماع، إلى أسس للجمهورية، و بالأخص الدستور الذي يجب أن يحل دون أبسط غموض أسس الوحدة الوطنية، الحرية، المساواة للجميع (أشخاص، مجموعات ، مكونات)، الديمقراطية، الحكامة الرشيدة، التضامن و التقاسم، ليس ذلك فحسب: يتعلق الأمر أحيانا أيضا بالبحث عن تحديد الخط الفاصل بين المقدس و الدنيوي:
أ/ المستوى الأول الذي هو متعال، مقدس و احترامه واجب و لا يمكن إذا تعديله بحسب تموضعنا السياسي. فلا أحد يمتلك الحق في الاعتراض عليه و لا التشكيك فيه.
ب/ حدود المستوى الثاني حيث تباين الآراء، العميق في بعض الأحيان، يمكن أن يبرز و يجعلنا نواجه بعضنا البعض، أحيانا أيضا لمدة طويلة لأن هذه الاختلافات لن يتم حسمها إلا بالاختيار الحر للناخب.
ج/ في الختام، فإن المستوى الأخير، و لكن ليس الأقل أهمية، يلزم بأنه مهما تكن اختلافاتنا، يجب أن لا تنسينا بأي حال من الأحوال إنسانيتنا، أُلْفَتَنَا، قيمنا الروحية و مواطنتنا التي تشكل ماهيتنا المتكاملة.
10 ـ بعض مناوئيكم في المعارضة اتهموكم بأنكم لعبتم دور “المُسَوِّغ” للحورات المنظمة في فترة حكم ولد عبد العزيز. هل هذا هو السبب الوحيد الذي يبرر مقاطعتها؟ لماذا علاقتكم الآن ليست جيدة مع ما يسمى المعارضة الراديكالية؟
الحقيقة أن هذه الحوارات و النتائج التي تمخضت عنها هي التي سمحت بالحصول على الاستقرار و على تقدم في المجالات الانتخابية و الديمقراطية، و في مجال حقوق الإنسان، و التي لا أحد يستطيع أن ينكرها؛ كما أنها أثرت في الحياة السياسية طيلة العقد الأخير و سمحت بالحفاظ على البلد رغم المحاولات المتكررة لمن كانوا يرغبون، حتى الأمس القريب، في إغراقه في الفوضى…
لحسن الحظ فإن كل الموريتانيين لا يزالون موجودين هنا ليشهدوا على ذلك عكس رغبة خصومي الذين ينتهزون الفرصة ليستفيدوا اليوم أكثر مني من ثمرة عمل أنجزته بشكل منفرد.
أما بخصوص الشق الثاني من سؤالكم، فإن السبب لم يعد القرب من الرئيس، ذلك أنه يبدو أنهم حذوا حذوي في هذا الاتجاه، أو على الأقل، يبدو أنهم اختاروا اقتفاء أثري…أنتظر أن أرى من أجل أي نتيجة!؟
11 ـ ما هي علاقاتكم اليوم مع زملائكم في المعارضة؟ هل لا زال لها مستقبل، ذلك أنكم لا تتوقفون عن الخصومات و تضييع فرص التبادل عبر صناديق الاقتراع و في النهاية إرجاع العسكريين إلى ثكناتهم؟
لا يوجد أي اتصال، ذلك أنه منذ 2011 ، باستثناء لقاء تفريت، كانت الاتصالات معهم بمبادرة مني. منذ إخفاق لقاء تفريت حيث حاولوا عبثا ثنيي عن الحوار الثاني، قررت قطع أي اتصال…
يعرف الموريتانيون ما حصل بعد ذلك و كذا مرحلة المأمورية الثالثة التي يعتبر هؤلاء الخصوم أنهم أفشلوها بمقاطعتهم…
12 ـ منذ انتخاب غزواني، لم يعد يسمع صوت المعارضة (الراديكالية و المعتدلة) بخصوص القضايا التي تهم الموريتانيين. لقد انبطح الجميع تقريبا أمام الحاكم الجديد. ما ذا يعني لكم هذا الوضع؟
إن وصفكم مباشر و قاس…يجب ببساطة فهم أن المعارضة المعتدلة قد بقيت منسجمة مع ذاتها و أن “الراديكالية” تتحضر بهدوء، يبقى السؤال حتى الآن لماذا؟
13 ـ منذ خطاب تنصيبه، لا يضيع الرئيس غزواني أي فرصة لإعلان رغبته في استئصال كافة أشكال الغَبْنِ في البلد و تعزيز الوحدة الوطنية. ما ذا يعني هذا الإعلان بالنسبة لمسعود ولد بلخير الذي جعل من هذه القضية جوهر معركته السياسية؟ ما ذا تنتظرون عمليا منه حول هذه القضايا؟
إن مسعود ولد بلخير ينتظر بفارغ الصبر كالعادة و ينوي عدم التعجل، لكن المؤكد أنه لا يرى أن الخلاف كبير جدا بين رئيس منصرف يكره سماع كلمة الحراطين و لا يجد ما يمنحه لهم ليتقاسموه سوى أن يكونوا كانسي الشوارع أو خدم المنازل، و رئيس جديد أدخل منهم عددا قياسيا في الحكومة لكنه يشمئز من نطق كلمة العبودية.
لا يكمن الحل في مأسسة وضعيتهم الاستعبادية، و لا أن يصنع منهم فقط وزراء بغرض الدعاية، في حين أن غيابهم صارخ في كافة المجالات الأخرى، مع أنهم في هذه الحالة ليسوا وحدهم للأسف…
14 ـ من بين المظالم التي تحدث عنها، يمكن التفكير في استئصال العبودية، و الإرث الإنساني و التهميش الذي يشتكي منه الحراطين و الأفارقة غير الناطقين بالعربية. بحسب رأيكم ما ذا يجب فعله لإيجاد حلي توافقي “للمسألة الوطنية” أو للتعايش؟
لقد قلت ذلك و سأكرره، لجعل البلد يتفادى الأسوأ، يجب توفر إرادة سياسية حقيقية تحتاج بالضرورة لأن تنظم بسرعة حوارا وطنيا شاملا.فالمهمشون، كافة المهمشين (و هم أغلبية عريضة) قد ضاقوا ذرعا بـ “الإجراءات غير الفعالة هنا و هناك” و التي لا تؤدي في المحصلة إلا إلى الفوضى.
يجب أن نتعلم كيف نتوقف ما دمنا نتوفر على الوقت و نتحكم في زمام الأمور.
15 ـ منذ 1990 ، فإن الأفارقة غير الناطقين بالعربية يعتبرون أن استقلال البلد قد تم تدنيسه بدم الضباط و ضباط الصف و الجنود المنحدرين من هذه المكونة، و الذين تم شنقهم يوم 28 نوفمبر 1990 من طرف “إخوتهم في السلاح” من البيظان في حامية إنال.فتخليد عيد الاستقلال بالنسبة لهذه المكونة فرصة للمطالبة بتسليط الضوء على ما وقع، ليس فقط في إنال، بل في ثكنات أخرى و على امتداد نهر السنغال في سنتي 1989 و 1990 . هل ترون هذه المطالبة مشروعة؟ ما هي اللفتة التي يستطيع الرئيس غزواني القيام بها، حسب وجهة نظركم، لتلبية مطالبات أصحاب الحق و الناجين و بالأخص الأرامل للقيام بحدادهم؟
لست المكلف بهذا الملف مع أنه كان في السابق بالنسبة للتحالف الشعبي أو بالنسبة لي أولوية شروط دعمنا في الشوط الثاني للرئيس المقبل السابق للجمهورية سيد محمد ولد الشيخ عبد الله. ففور الإطاحة به، فضل المعنيون أنفسهم دعم خلفه فانتزعوا منا … مع ذلك فإني أرى أنه ما دام يتعذر بعث الأموات، فإن تقبل المطالب المشروعة بالإنصاف و إدانة الجناة و التعويض ليس ثمنا باهظا.
بالنسبة للباقي، عليكم التوجه للسيد الرئيس.
16 ـ بعض خصومكم يتهمونكم بأنكم أصبحتم “من الأعيان و تبرجزتم” و وضعتم في سلة المهملات معركة تحرر الحراطين. بما ذا تجيبونهم؟ ما هي وجهة نظركم بخصوص ميثاق الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين؟ لما ذا لا تشاركوا في مسيراته السنوية؟
أجيبهم بأنه على كل حال ليست السياسة هي التي جعلت مني ” وجيها برجوازيا صغيرا”. فخدمتي كإداري، التي يريد العديد من الوصوليين الدساسين إخفاءها، قد قيم بها من قبل “العبد الصغير” الذي كنت أمثله، وحيدا و مغمورا بالكامل و قادتني دون تصويت أو استفتاء إلى أن أتدرج على التوالي من وظائف محرر إدارة إلى إداري مدني و أن أشغل وظائف رئيس مركز إداري، والي مساعد، حاكم، والي ثم أخيرا وزير. هذا التبرجز و مكانة الوجيه قد تم انتزاعهما و لم يتم منحهما أو سرقتهما. لقد تبوأت مكانتهما على الدوام متجاوزا كافة الصعاب، دون أن أتحامل ظلما على أي كان ودون أن أشي بأحد.
لكن ذلك لم يقدني إلى “ترك” قيد أنملة من خياراتي و قناعاتي، و خاصة قضية الحراطين التي كنت وراء نشأتها و تطورت بفضلي و التي ستستمر من بعدي إن شاء الله تعالى. مع ذلك لم أقل أبدا أو ألمح أن قضية الحراطين كانت أهم عندي من القضية الوطنية و التي انخرطت فيها أكثر عند ما أصبحت أتعاطى السياسة، بملء إرادتي.
لم يكن ذلك صعبا أو ضارا بالحراطين الذين رأوا في “فتوري” المزعوم أو المرجو فرصة أصبح الكثير منهم يحلمون بها: استبدالي!
سيظهر أن ذلك صعب جدا، لأني لا زلت بالفعل حيا أرزق بفضل الله و لأن إسهاماتي في هذه القضية تُلْمَسُ يوميا، حتى في النوم العميق، بدل الاكتفاء بمسير دوري و رمزي.
17 ـ الخلافات بين غزواني و سلفه و صديقه تتعلق، وفق العديد من الشائعات، ب”تبديد أو اختلاس” موارد الدولة من قبل هذا الأخير، و بالأخص تلك الخاصة بصندوق أجيال المستقبل. هل انتم من المطالبين بتدقيق في بعض جوانب تسيير عشرة سنوات من حكم ولد عبد العزيز؟ ما هي وجهة نظركم بخصوص حصيلته؟
لست على علم بأسرار أي منهما. أعرف أنه خلال المقابلة الأخيرة و الوحيدة التي خصني بها كان غزواني يقدر عاليا صديقه و الرئيس السابق؛ إذا لم يكن الحال على ما كان عليه، قد يكون السبب في ذلك عميقا…
لقد قلت إنني لست ممن يدعون لتصفية الخصوم، لكن إذا كان السبب يتعلق بالدولة أو المصلحة العامة، و قام أصحاب القرار بتدقيقات جزئية أو عامة، فلن أعارض ذلك.
18 ـ التقيتم عدة مرات بالرئيس عزيز، و قليلا بغزواني. ما ذا بقي معكم من الأول؟ ثم كيف تحكمون على من يرى أن غزواني “ضعيف” و بطيء جدا؟
لا تبدو لي اللحظة مؤاتية للإفصاح عن شعوري تجاه أي منهما لغاية لا أعرفها.
19 ـ بعض مناضلي حزب التحالف الشعبي يعابون عليكم أنكم فعلتم الكثير لولد عبد العزيز؛ يذكرون من بين أمور أخرى مشاركتكم في جميع حواراته، و حقيقة أنكم شاركتم في نزع فتيل التهديدات التي كانت تواجه نظامه و ذلك في أوج الربيع العربي. لقد طالبت المعارضة برحيله و صرخت “عزيز ارحل!”، في الوقت الذي كان فيه هذا الأخير يتعالج في باريس، إثر جرح ناتج عن رصاصة و شائعات بـ “عدم قدرته” على مواصلة قيادة البلد كانت تروج في نواكشوط. لكن مقابل كل هذه الجهود لم يكافئكم على ذلك. كيف تردون عليهم؟ ألا تأسفون قليلا على هذا القرب أو التعاون مع الرئيس السابق؟
لا آسف إطلاقا على أي شيء قمت به خلال هذه العشرية المنصرمة، ذلك أن كل ما اتخذته من قرار أو اقتراح كانت تمليه دوما المصلحة العليا للبلد و لا شيء غير ذلك… أن يرضي ذلك أو يغضب خصومي و آخرين فإنه لم يمنعني أبدا من النوم مرتاح الضمير.
20 ـ باستثناء وكالة لمحاربة الفقر، فإن الرئيس غزواني الذي كان يؤمل منه رفع الرواتب و المعاشات و اتخاذ قرار بخصوص الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية، لم يتخذ أي التزام بهذا الخصوص. هل تفهمون لماذا؟
لنقس أنتم و أنا ذلك على الفترة القصيرة التي أمضاها في الحكم و نتوسل جميعا أن يتغير ذلك في الاتجاه الصحيح و بسرعة…
21 ـ يتساءل العديد من الموريتانيين عن فائدة المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الذي ترأسونه منذ عدة سنوات. هذه الفائدة ليست مرئية على الميدان. ما ذا أنجز منذ إنشائه؟
لنقل أنه باستثناء الرواتب و العلاوات التي يقدمها لكل من لهم الحق في ذلك، لم أجد له أبدا أي فائدة أخرى.
لم يؤد على كل حال مهمته الأولى المتمثلة في تقديم استشارة للحكومة بخصوص مشاريع القوانين المتعلقة بالجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية قبل إحالتها للجمعية الوطنية.
22 ـ كل مرة يعلن خصومكم و مناوئوكم موت التحالف الشعبي التقدمي. بالنسبة لهؤلاء، لا يوجد إلا رئيسه الذي يتحرك عند كل استحقاق أو مناسبة سياسية. ما ذا يمكنكم أن تقولوا لهم بخصوص وضعية حزبكم؟ متى سينعقد مؤتمره المقبل؟
نعتزم بقوة إعطاء إشارة انطلاق الأعمال المحضرة للمؤتمر المقبل في شهر يناير من السنة الجديدة 2020 .
مسعود ولد بلخير