كشفت جريدة «هسبريس» الإلكترونية المغربية، أن الرئيس الراحل حسني المبارك، الذي شيع أول أمس، «تعرّض لأبشع أنواعِ الإهانة في صحراء المغرب خلال مهمّة سرّية قادته إلى «حرب الرّمال» سنة 1963».
ووفق المصدر «تعود تفاصيل هذه الواقعة إلى سنة 1963، التي شهدت توتّراً في العلاقات المصرية المغربية، وهو ما دفعَ الزّعيم الجديد لمصر جمال عبد النّاصر، الذي أطاحَ بالملك فاروق عام 1952، إلى مساندة الجزائر في حربها ضدّ المغرب، (حرب الرّمال)».
وزاد: «بقيادة الكولونيل المغربي إدريس بن عمر، تمكنت القوّات المسلحة الملكية من تحقيق انتصار كبير على أرض المعركة، كما اقتربت قوات العقيد من تندوف التي توجد اليوم في الجهة الأخرى من الجزائر، ولم تكن تفصلها عنها سوى 26 كيلومترا. وأمام هذا الهجوم»الكاسح من القوات المغربية، طلب الرّئيس الجزائري آنذاك، أحمد بن بلة، مساعدة مصرية».
تعرّض لأبشع أنواعِ الإهانة في صحراء المغرب خلال مهمّة سرّية لصالح الجزائر
هبطت طائرته في أحد الحقول الزراعية جنوب شرق المملكة ليجد نفسه ورفاقه محاطين بأصحاب الحقول….
عندما وصل ضابط من المخابرات المغربية إلى الموقع وجد الأسرى، مكبلين بالحبال ومربوطين إلى جذوع النخيل
بعد ذلك «تلقّى الرّئيس المصري جمال عبد النّاصر اتصالاً هاتفياً من الرّئاسة الجزائرية من أجل إرسال فرق عسكرية مصرية لصدّ هجوم القوات المسلحة المغربية بالقرب من الحدود. لم يرفض عبد النّاصر طلبَ بن بلة، خاصة أنّ الرّئيس المصري كان يصنف الأنظمة الملكية العربية كأنظمة رجعية « ويساند الحركات الثورية ضدها ويقف مع الأنظمة التي لها نفس ثوري».
وطبقاً للمصدر «أرسلت مصر قوّة عسكرية تقدّر بحوالى ألف جندي وضابط إلى الجزائر، بينهم الكولونيل الطّيار محمد حسني مبارك. وسطَ أجواء الحرب، صعدَ الطّيار مبارك و5 ضباط مصريين آخرين على متن طائرة الهليكوبتر التي كلفت باستطلاع الحدود الجزائرية – المغربية، ومنطقة القتال، وانطلقت في مهمّتها. تاهت الطّائرة التي كانت تقلّ ضباطاً مصريين وجزائريين في الأجواء، وهنا اختلفت الرّوايات التاريخية حول ما حدث بعد ذلك، إذ يقول البعض إنّ عاصفة رملية قادت الطّائرة إلى مصيرها المجهول في صحراء المغرب، فيما يقول آخرون إن قائد الطائرة ضل طريقه».
وزاد: «اضطرّت الطّائرة العسكرية للنّزول في أحد الحقول الزّراعية جنوب شرق المملكة بالقرب من مدينة أرفود، وبعد دقائق وجد الضّباط المصريون أنفسهم محاطين بأصحاب تلك الحقول. أصبح مبارك ومرافقوه أسرى في يد سكّان القرية، وبدا ببذلة الميدان العسكرية وعلى أكتافهِ رتبة كولونيل مصري، وبصحبته ضباط سامون برتبته نفسها «.
في خضمّ هذه التّطورات «طلبَ الجنرال أوفقير من ضبّاط مغاربة إحضار مبارك وزملائه المحاصرين في أرفود إلى قصر مراكش، وسريعا انتقل ضابط من المخابرات المغربية إلى موقع أسر الضباط المصريين، ليجدهم مكبلين بالحبال ومربوطين إلى جذوع النخيل؛ وفق ما نقلتهُ روايات تاريخية».
وأكدت «هسبريس»، «تحوّل الطّيار الحربي المصري إلى رهينة في يد ساكنة الجنوب الشّرقي. وبعد ذلك نُقل المصريون إلى مراكش، حيث معتقل دار المقري الشهير. وعندما علم الملك المغربي الحسن الثّاني بالواقعة ثارَ واعتبر ذلك دليلا واضحاً على تدخل مصر في الصراع بينه وبين الجزائر، ليقرر استدعاء سفير بلاده في القاهرة، ويطرد المعلمين المصريين من المغرب».
وتابع : «كانت مهمّة الطّيار المصري مقتصرة على معرفة متطلبات الجيش الجزائري من السلاح في حربه ضد المملكة المغربية، قبل أن تفشل المهمّة السّرية وتتصدّر أخبار أسر الكولونيل حسني مبارك وقواته وكالات الأنباء العالمية».
وذكرت الصحيفة أن « الكولونيل حسني مبارك عاد إلى هذه الواقعة التي لم تمح من ذاكرته بالقول لقد كانت أوّل مهمّة حقيقية بالنّسبة لي، بالغة الصّعوبة والتّعقيد، كلّفني بها الرّئيس جمال عبد النّاصر ولا يمكنني أن أرفض أوامره العسكرية».
انتهت الحرب وعادت العلاقات المغربية المصرية إلى سابق عهدها، واستدعى جمال عبد الناصر الحسن الثاني، بعد زيارته الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1963. في مطار القاهرة الدولي، سلم الملك الراحل إكليل ورد لجمال عبد الناصر، وقال له حسب ما يرويه عبد الهادي بوطالب: “هديتي لك أكبر من إكليل، إنها هدية من لحم ودم”. وكان الرئيس المصري استغرب قدوم طائرتين، فإذا به يفاجأ بأن الطائرة الثانية تقل ثلاثة عسكريين مصريين برتبة عقيد، ضمنهم حسني مبارك الذي سيصبح رئيسا لمصر، بالإضافة إلى باقي الجنود….