الفساد لا يأتي على شيء إلا قضى عليه إنه يعصف بالضمائر والذمم والأخلاق.. ويعصف بالمُقَدَّرات وبحقوق الناس وقد ينسف المجتمعات من الأساس.
إن الفساد إذا فشا واستشرى يذكرنا - مع الفارق - بقول الله تبارك وتعالى: {وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذَرْ من شيء أتتْ عليه إلا جعلته كالرميم} سورة الذاريات.
فالفساد هو ريح السم والسموم.. إذا توغَّل في القطاع العام والخاص وتغلغل في حياة الناس أفسد كل شيء صالح.. واجهض كل مشروع عظيم.. وأخَّر كل خطط الإصلاح.. ونشر الفقر والحقد والغبن والقهر بين الناس.
والفساد مرضٌ معدٍ وشديد العدوى وسريع الانتشار كالنار في الهشيم.. فإنه إذا فسدت تفاحةٌ واحدة أفسدت صندوق التفاح كله إذا لم تُعْزَل عنه، إذا لم تؤخذ فترمى في المزبلة.
الفساد مرضٌ خطير جداً، سريع العدوى، سريع الانتشار، خطير العواقب.
والحملة الشاملة لمكافحته ومعالجته ووضع التحصينات ضده والتلقيحات الواقية منه.. بإذن الله عز وجل.. من أوجب الواجبات.. فهو وباء لا يقل فتكاً عن وباءكورونا الذي يتفشي في المجتمعات الأن .. وهو مرض قاتل كمرض يسلب المناعة من الإنسان.
فإن الفساد إذا لم يستأصل يسلب المناعة من المجتمعات.. فتصاب بالمرض والانحطاط لفقدان المناعة ضد الفساد.
والفساد في أسهل وأوضح تعريف له - أعني الفساد الإداري والمالي - هو: (استغلال السلطة لتحقيق منفعة خاصة) وهذه السلطة قد تكون في القطاع العام،».
والمفارقة الموجهة أن مَنْ مُنح تلك السلطة، مُنَحها لكي يحقق المصلحة العامة، فإذا به يستغلها ضد المصلحة العامة، ويسخرها لمصالحه الخاصة على حساب المصلحة العامة وضدها.. وللفساد عدة وجوه قبيحة مخيفة ويتنكر بعدد من تلك الوجوه، وهو المنكر بعينه.. ومن وجوه الفساد المخيفة والكريهة (الاختلاس من المال العام) فالفاسد، المفسد، إذا تولى منصباً يُراد منه تحقيق المصلحة العامة، وحراسة المال العام، حرص على سرقة المال العام لا حراسته، بشرط أن يحرص على الحذر والتخفي والتستر بإكمال الإجراءات النظامية بحيث تبدو على ظاهرها سليمة تحقق المصلحة العامة، بينما هي في واقعها تحقق مصلحته الخاصة أولاً، وتتيح له الاختلاس المصبوغ بالنظام والقانون .
المفسد بدل أن يحرس المال العام.. يسرقه (حاميها حراميها)..
هذا المثل يدل علي من يسير وكالة تآزرالتي تتعرض لنهب من طرف من يسيرها مستخدما شخص ضمن محيطه الأسري الذي تمنح له الصفقات الهامة رغم عدم قانونية هذه الصفقات التي فاز بها.بينما منعت منها شركات لها صفات قانونية ولها خبرات في العمل.
لا يوجد طابع على وجه الفاسد فهو يختبأ خلف مفسدون يعتقد أن اختباءه لم يكتشف ,
فهنا لا بد من الرقابة الصارمة.. السابقة واللاحقة.. للتأكد من سلامة تطبيق التسيير في هذه الوكالة .. وعدم تحقيق منافع خاصة.. رقابة صارمة.. سابقة ولاحقة.. وشفافية ظاهرة تضيق الخناق على الفساد والمفسدين.. وتحصرهم في أقل الحدود..
عندما يسود الفساد
يصبح السياسيون *فاعلا
والشعب *مفعولا به*
والمال *مفعولا لأجله*
والفساد *صفة*
والراتب *ممنوعا من الصرف*
والضمير *غائبا أو مستترا*
والمصلحة *مبتدأ*
والوطنية *خبرا*
والصدق *منفيا*
والكذب *توكيدا*
عندذلك يصبح الفقر *حالا*
والأوجاع *ظرفا*
والحياة *جامدة*
والسرور *مستثنى منه*
وبالتالي يكون المستقبل *مبنيا للمجهول!*
الياس محمد