بيروت تبكي» بعدما أصابها زلزال كبير ناجم عن انفجار ضخم في مرفئها لم تشهد مثيلاً له حتى في أقسى أيام الحرب. وقد وصف محافظ بيروت القاضي مروان عبود ما حلّ بالعاصمة اللبنانية بأنه نكبة أشبه بهيروشيما.
وتردّدت أصداء الانفجار في بيروت وضواحيها ووصلت إلى منطقة جبيل وكسروان وأعالي المتن وعاليه والشوف.
وتضاربت المعلومات حول أسباب هذا الانفجار الذي ذكّر بالانفجار الضخم الذي أدى إلى مقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وأفيد أنه ناتج عن انفجار مستودع لمفرقعات نارية في العنبر رقم 12 بعد حريق تسبّب به احتكاك كهربائي، فيما ذهب آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تناقل روايات لم تتأكد صحتها، عن استهداف طيران إسرائيلي لشحنة أسلحة تابعة لحزب الله في المرفأ. وقد ساد الهلع والرعب في بيروت والضواحي لوقت طويل، نتيجة مشاهد الدمار المخيفة التي سُجّلت في قُطر 7 كيلومترات، وقوع عشرات الضحايا ومئات الجرحى نتيجة انهيار مبان قديمة وتطاير زجاج معظم الأبنية الشاهقة وأبوابها، وصولاً إلى الأشرفية والدورة والمدوّر ووسط بيروت وفردان وفرن الشباك والسراي الحكومي والمجمّعات التجارية وشركة كهرباء لبنان ومطار بيروت الدولي، بلوغاً حتى جزيرة قبرص، ومروراً ببيت الوسط حيث كان الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لـ «كتلة المستقبل».
أضراره وصلت المطار والسراي وقصر بعبدا… مئات الضحايا سقطوا في ظل حالة من الهلع
وفور وقوع الانفجار بثّت قناة LBCI صوراً عن أضرار في بيت الوسط، عندها ساد الاعتقاد باستهداف الرئيس الحريري، كما استهدف والده، قبل أن يظهر الحريري الابن شخصياً ويطمئن الناس، وقد زاره في وقت لاحق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للاطمئنان عليه.
وصدرت نداءات استغاثة لإنقاذ الجرحى في منازلهم أو في سياراتهم على الطرقات، وتمّ فقدان الاتصال بفرقة من فوج أطفاء بيروت كانت توجّهت إلى المرفأ لإطفاء الحريق قبل وقوع الانفجار.
وتحدّث الصليب الأحمر عن مئات الإصابات منها ما يتم إسعافه على الأرض ومنها ما ينقل إلى المستشفيات التي غصّت بالجرحى المصابين.
وطلب مدير مستشفى أوتيل ديو انطوان الزغبي التبرّع بالدم وعدم نقل أي حالة إضافية إلى المستشفى الذي وصله نحو 500 مصاب، كذلك كان حال مستشفى القديس جاوروجيوس الروم.
وأوعز وزير الصحة حمد حسن لجميع المستشفيات باستقبال الجرحى جراء الانفجار على حساب وزارة الصحة العامة. ووجّه السفير الفلسطيني أشرف دبّور الهلال الأحمر الفلسطيني للمساعدة والقيام بواجباته تجاه المصابين جراء الانفجار.
من جهته، تابع الرئيس اللبناني ميشال عون تفاصيل الانفجار الكبير، وأعطى توجيهات إلى كل القوى المسلّحة بالعمل على معالجة تداعيات الانفجار وتسيير دوريات في الأحياء المنكوبة من العاصمة والضواحي لضبط الأمن، ودعا المجلس الأعلى للدفاع إلى الانعقاد بشكل طارئ مساء في قصر بعبدا الذي تضرّرت أروقته. وتلقّى الرئيس عون اتصالاً من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أمر بإرسال مستشفيات ميدانية عقب الانفجار. وأعربت الخارجية الأمريكية عن استعدادها لتقديم المساعدة، كذلك فعل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، فيما دعا رئيس الحكومة حسان دياب الذي تفقّد مرفأ بيروت إلى اعتبار يوم الأربعاء يوم حداد وطني على ضحايا المرفأ.
كذلك تفقّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أضرار الانفجار، وأشار إلى أنه «لا يمكننا استباق التحقيق، ونحن لا نقول إنه انفجار ناتج عن اشتعال مفرقعات أبدا بل هي مواد شديدة الانفجار».
وذكرت LBCI أن هذه المواد هي عبارة عن نيترات الصوديوم التي سبق أن صودرت من إحدى السفن، ووضعت في أحد مستودعات المرفأ بانتظار إتلافها.
في هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكينازي إنه « لا علاقة لإسرائيل بالانفجار في مرفأ بيروت». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا في تصريح حزب الله إلى «أخذ العبرة من ردّ الجيش الإسرائيلي على التطورات العسكرية الأخيرة على الحدود بين لبنان وإسرائيل».
وفي تداعيات الانفجار، ألغى وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي، قرار حظر التجوّل نتيجة توصية لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا بالتشدّد في الإجراءات المتعلقة بمرحلة الإقفال الممتدة من تاريخ 6/8/2020 لغاية 10/8/2020، علماً أن السبب الحقيقي يتعلق بأخذ الاحتياطات من أي احتجاجات بعد صدور قرار المحكمة الدولية في 7 آب/ أغسطس.
لقطات
• لم يتم التحقق من أعداد الضحايا التي بلغت حوالى 70 قتيلاً وألف جريح، وأبرز ضحايا الانفجار أمين عام حزب الكتائب نزار نجاريان الذي كان مسؤولاً عسكرياً خلال الحرب، وقد أصيب خلال وجوده في بيت الكتائب في الصيفي الذي تعرّض لأضرار جسيمة.
• بقي رئيس مجلس ادارة شركة كهرباء لبنان المدير العام كمال الحايك محتجزاً وهو مصاب لأكثر من 3 ساعات في مكتبه في الطابق 13 الى حين نقله من مسعفي الصليب الاحمر، فيما قتلت موظفة في الطابق ذاته.
• أصدر رؤساء الأحزاب على اختلافها توجيهات الى المناصرين للتبرّع بالدماء وتلبية نداءات الاستغاثة.
• عبّر العديد من المواطنين عن حال الغضب العارمة إثر التداعيات الهائلة للانفجار، ووجّهوا شتائم للطبقة السياسية ودعوها الى الرحيل، فيما غرق آخرون بالدموع وأصابتهم نوبات عصبية.
• انقطعت الاتصالات الأرضية والخليوية لفترة طويلة من الوقت، وخيم الظلام على العاصمة بيروت، وسأل لبنانيون عن كيفية إصلاح الدمار والأضرار الفادحة في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة والتي تبلغ مليارات الدولارات