ينتظرالموريتانيون، من حين إلى آخر،نتائج التحقيق الذي تجريه شرطة الجرائم الأقتصادية, التي تستجوب شخصيات هامة في نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على مدى العشرية الماضية، ويخشى من أن يكون هذا التحقيق بداية تصدع في الأوساط السياسية بين من يعقدون الأمل على جدية المسعى وإسهامه في محاربة الفساد ومن يعتبرونه مجرد تصفية حسابات بين رموز الأنظمة السابقة.
اليوم، وبعد أن وجد بحوزة الرجل عشرات السيارات والألات والجرفات والشاحنات وعشرات المخازن , بات من الواضح أن الرجل اصبح حبل المشنقة قاب قوسين أوادني من رقبته ومحاكمته ، حيث يعتبر تنفيذ صفقة تسليم السنوسي إلى الليبيين، وإهداء أو بيع جزيرة تيدرة لدولة قطر، وصفقات التراضي المشبوهة واتهامه بسرقة مليارات الدلرات من مؤسسات عديدة ,أصبحت من أهم الملفات التي الحاضرة في المشهد السياسي في البلاد.
يُتهم الرئيس الموريتاني السابق، بحسب لجنة التحقيق، في عدد من الملفات التي تشمل صفقات الطاقة الشمسية، والخط الكهربائي بين نواكشوط ونواذيبو، والعقد المجحف مع شركة بولي هوندونغ الصينية، وملف العقارات الذي ذكرت بشأنه "اللجنة وضعت اليد على وثائق تثبت تورط الرئيس وعائلته في الاستحواذ على عقارات كانت من أملاك الدولة وبأسعار زهيدة "، كما يتهم بإفلاس وتبديد أموال الشركة الموريتانية للإيراد والتصدير، وشركة صيانة الطرق، وخيرية الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، وقد استدعت لجنة التحقيق التي أنشئت في يناير (كانون الثاني) الماضي أشخاصاً وازنين من بينهم الوزراء الأول الثلاثة في حكم الرئيس السابق، كما استجوبت أعضاء في الحكومة الحالية، ورجال أعمال، إلا أنها لم تنجح في استجواب الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لأنه رفض الاستجابة لطلب المثول أمامها في استدعاء موقّع جاء فيه أنه تمّ ذكره بالاسم والصفة ضمن "وقائع يحتمل أن تشكّل مساساً خطيراً بالدستور وبقوانين الجمهورية".
ولد عبد العزيز الذي استولى على السلطة سنة 2008 في انقلاب عسكري على رئيس منتخب، وتم انتخابه رئيساً سنة 2009، ثم أعيد انتخابه لعهد ثانٍ سنة 2014، قبل أن تقف المعارضة والشارع بقوة وتُفشل محاولاته في خرق الدستور بالترشح للثالثة، يعتبر أول رئيس موريتاني يتم استدعاؤه للتحقيق معه في الجرائم الاقتصادية في عهده.
بعض رجاله يطالبون بمحاسبته
يذكر أن اللجنة البرلمانية تعاقدت مع مكاتب خبرات دولية حول الجوانب القانونية والفنية والمالية للصفقات المشبوهة التي يتهم بها ولد عبد العزيز الذي تخلى عنه معظم كبار مناصريه، بل قال عنه وزيره السابق، سيدي محمد ولد محم، في تدوينة له "حين تجلس على كرسي السلطة سنوات عدة، رافعاً أقوى شعارات الحرب على الفساد، وتخرج لتفاجئ الجميع بأنك أصبحت من أغنى أغنياء بلدك، وأنت الفقير الذي لم يمارس تجارة ولا عملاً مربحاً بشكل شرعي، فأنت اللصوصية في أوقح تجلياتها"
وكان الرئيس الموريتاني السابق قد نفى في آخر مؤتمر صحافي عقده أي ضلوع له في نهب المال العام وأضاف "أنه غني لكنه يتحدى أي شخص يستطيع أن يثبت أنه أخذ فلساً واحداً من خزينة الدولة ".