الرأي العام الوطني ينتظر البحث الابتدائي الذي تباشره مديرية مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، مع الرئيس السابق حول قضايا أمن وفساد مالي

خميس, 20/08/2020 - 09:18

ملفات معقدة على طاولة التحقيق مع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز بينها ما هو «أمني يتعلق بمساع لزعزعة الاستقرار، وتفريط في السيادة» وما يتعلق بقضايا فساد مالي ونهب للممتلكات العمومية فصلها تقرير للجنة تحقيق كلفها البرلمان بتدقيق تسيير الرئيس السابق وأعوانه خلال السنوات العشر التي تولى فيها الحكم.
وينشغل الموريتانيون بمتابعة هذه التحقيقات التي تجريها شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية، منتظرين أن تسفر قبل كل شيء عن استرداد المليارات المنهوبة على مدى عشر سنوات حكمها الرئيس السابق بصورة انفرادية.
واستغربت النيابة العامة، في بيان أصدرته ، «من محاولة البعض التأثير السلبي على إجراءات بحث ابتدائي عادية، تجري طبقاً لمقتضيات قانون الإجراءات الجنائية، وقانون مكافحة الفساد».
وأكدت «أن جميع الحقوق المقررة في القوانين للمشتبه بهم تم تمكينهم منها على قدم المساواة، ودون تمييز، بما فيها حق اللقاء مع المحامين في ظروف تكفل سرية اللقاء وتضمن حق الدفاع» مشددة على «أن حق المحامي في مؤازرة موكليه أمام الضبطية القضائية لا تعني بالضرورة الإشراك في عمليات البحث التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية، طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية».
وأوضحت النيابة العامة «أن المادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية لا تحدد آجالاً معينة لاستدعاء ضابط الشرطة القضائية للأشخاص الذين يود الاستماع لهم» مبرزة «أن كل الإجراءات التي اتخذت في البحث الجاري جرت وفق القوانين المعمول بها، وتمت بانسيابية وفي ظروف عادية».
وأكدت «أنه في إطار البحث الابتدائي الذي تباشره مديرية مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، بموجب تكليف من النيابة العامة، بناء على نتائج التحقيق البرلماني، استدعت المديرية، مساء أمس (الإثنين الماضي) أحد المشتبه بهم، (إشارة للرئيس السابق ولد عبد العزيز) بعد استدعاء عدد آخر منهم، طبقاً لمقتضيات المواد 55 ـ 67 ـ 68 من قانون الإجراءات الجنائية».
وأوضحت «أن المشتبه به حضر بنفسه، وتم إبلاغه بجميع حقوقه القانونية، بما في ذلك إخبار أسرته بوضعه القانوني وتمكينهم من حق زيارته».
وحسب معلومات قليلة رشحت من مسار التحقيقات، فقد رفض الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز منذ اعتقاله يوم الإثنين الماضي الإجابة على أسئلة المحققين، وبخاصة الأسئلة المتعلقة بـ»الملف الأمني».
ومن المتوقع أن يأخذ التحقيق مجرى آخر هو مواجهة الرئيس السابق ببعض معاونيه السابقين الذين سيعرضون أمامه ما سبق أن شهدوا به بخصوص القضايا التي يشملها التحقيق وبخاصة الملف الأمني الذي لم تتسرب عنه أية تفاصيل.
وهكذا سيمثل عدد من الوزراء السابقين المشمولين بهذا الملف من جديد أمام المحققين، في مواجهة مباشرة مع الرئيس السابق، حيث من المتوقع أن يؤكدوا أنهم تلقوا تعليمات منه بخصوص جميع القضايا المصنفة ضمن الفساد والتي حددها تقرير البرلمان.
وضمن هذه التحريات، طلبت إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية بالأمن الوطني من البنوك العاملة في البلاد تزويدها بكشوف الحسابات البنكية لـ 76 شخصية معظمهم من أسرة وأعوان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
والتقى وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد بعدد من سفراء الدول الغربية، حيث شرح لهم ملابسات اعتقال واستجواب الرئيس السابق، وأبلغهم بأن «موريتانيا اتخذت الإجراءات اللازمة لضمان تمتع لرئيس السابق بالحقوق الكاملة بما فيها لقاء عائلته ومحاميه».
وطالب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) في بيان أصدره حول اعتقال الرئيس السابق، «باحترام الإجراءات القانونية في كل الخطوات المتخذة، بما يضمن العدالة، ويصون، ويكفل للجميع الحقوق التي وفرها لهم المشرع».
وجدد «التأكيد على ضرورة محاربة الفساد، ومحاسبة كل الضالعين فيه، وعدم تضييع أي حق لهذا الشعب» منوهاً «بالجهد الذي بذلته لجنة التحقيق البرلمانية، وبأجواء الإجماع التي واكبت عملها، وزكت نتيجته النهائية».
وطالب الحزب كذلك «بضمان المحاكمة العادلة لكل المتهمين، وترك القضاء ينهض بدوره دون ضغوط، ولا وصاية، ولا تشويش».
وتتواصل بالتوازي مع هذه التحقيقات تعليقات المدونين الموريتانيين الذين تنصب اهتماماتهم حول ملف الرئيس السابق.
وأكد المدون عبد الرحمن ودادي «أنه إذا كانت السيدة حرم محمد ولد عبد العزيز وأولاده وبناته يرغبون في إطلاق سراحه وإنقاذه من الموت وراء القضبان، وبخاصة أنه يعاني مشاكل صحية، فعليهم إرجاع الثروة التي حصلوا عليها بعد 2008، ومساعدة الدولة في التحقيقات لاسترجاع مينائها وثرواتها السمكية والمعدنية بكشف ما بين أيديهم من معلومات».
وقال: «لا يداخلني شك أن ذلك سيساعد في تخفيف الحكم عليه ويجعل في الإمكان النظر في العفو عنه مستقبلاً، فهل سيفضلون سلامة محمد ولد عبد العزيز وحياته وإنقاذه أم التمتع بالمسروقات والمجوهرات والسيارات الفارهة والمال الحرام، سنرى ماذا سيختارون».

القدس العربي