تونس: دعوات لإلغاء قمة الفرنكفونية وحذف اللغة الفرنسية من مناهج التعليم

اثنين, 26/10/2020 - 12:57

ادعا سياسيون ونشطاء تونسيون إلى إلغاء قمة الفرنكفونية وحذف اللغة الفرنسية من مناهج التعليم في البلاد، في رد فعل على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المعادية للإسلام وتبنيه للرسوم المسيئة للنبي محمد.

وكان ماكرون وجه في وقت سبق انتقادات لاذعة للدين الإسلامي، الذي اعتبر أنه يعيش في أزمة كبيرة، كما أعلن تبنيه للرسوم المسيئة للنبي محمد، خلال تأبينه للمعلم الفرنسي صاموئيل باتي، الذي قُتل بعدما عرض على تلاميذه رسوماً مسيئة للرسول.

وكتب النائب ياسين العيّاري على صفحته في موقع فيسبوك: “تنتظم قمة الفرنكفونية في تونس سنة 2021 (كانت مبرمجة أيام 12 و 13 ديسمبر 2020، تأجلت بسبب كوفيد-19). هذه القمة ومن ورائها المنظمة (تشمل أساساً فرنسا ومستعمراتها السابقة) تسعى لتدعيم الـ”قيم” الفرنسية واللغة الفرنسية عبر “الضغط/التعاون” السياسي والدراسي والثقافي والاقتصادي. أعتقد في وضع تسمح فيه هذه الثقافة باحتقار والسخرية من معتقداتنا، من التضييق على الثقافات المختلفة على أرضها لأسباب سياسوية انتخابية، بعيداً عن الاحترام المتبادل، يصبح من الوقاحة قبول هذه القمة على أرض تونس”.

وأضاف: “عندما ينخرط سياسيون فرنسيون في تحقير ثقافتنا ومعتقداتنا ويطلبون من تونسيين/ فرنسيين في فرنسا الدمج القصري بالتخلي عن مكونات ثقافتهم بعيداً عن التسامح وحرية الاختلاف، هل من المعقول أن يرحب بقمة الفرنكفونية في بلد، له أيضاً دستوره الذي ينص على تجذره في هويته العربية الإسلامية؟ وقاحة غير مقبولة، من يرفض ثقافة غيره، بأي حق ينشر ثقافته؟”.

وأشار العياري إلى أن سيراسل رئاسة الجمهورية، ليطلب من الرئيس قيس سعيد (الراعي للقمة الفرنكفونية) إلغاء هذه القمة، مشيراً إلى أن “العنصرية على أساس المعتقد وتحقير ثقافة الغير ليست حرية تعبير، هي جريمة، واليوم تمارسها دولة، ومورست القرن الماضي على الأقليات اليهودية تقريباً بنفس المعجم والوسائل، ونعرف نتائجها وحدودها جيداً. حرية التعبير عندهم، اسألوا عنها روجي غارودي”.

وقال إنه في حال رفض الرئيس إلغاء هذه القمة فـ”سنستقبل القمة برسوم نأمل أن تتسع لها صدورهم. فن الكاراكتير له معنى حين يوجه ضد الأقوياء، أما ضد الأقليات المضطهدة فاسمه عنصرية! أنت أيضاً يا مواطن، يمكنك مراسلة رئيس الجمهورية لإلغاء قمة الفرنكوفونية. صلى الله وسلم على سيد الخلق”.

وكان الرئيس قيس سعيّد ناقش، في اتصال هاتفي مع الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لويز موشيكيوابو، تأجيل القمة التي كان من المفترض أن تحتضنها تونس في شهر كانون الأول/ديسمبر القادم إلى 2021 بسبب الأوضاع التي تعيشها البلاد جراء أزمة فيروس كورونا”.

ودعا عدد من النشطاء إلى حذف اللغة الفرنسية من مناهج التعليم في تونس، وعلق الباحث والناشط السياسي سامي براهم على ذلك بقوله: “إعلام فرنسيّ متطرّف من خلال ضيوفه وكرونيكوراته يدعو في إطار قانون “السيباراتيزم” إلى عدم تدريس اللغة العربيّة لأنّها تفتح المجال للاطّلاع على كتب جماعات التطرّف والإرهاب، في إلغاء لتراث زاخر بالمعارف والعلوم والآداب والفنون، وذلك في نفس الوقت الذي تسعى فيه فرنسا قريباً لعقد مؤتمر الفرنكوفونيّة في بلادنا تثبيتاً للغتها وثقافتها في البلدان التي تعتبرها جزءاً من الفضاء الفرنكوفوني”.

وأضاف: “دعوات مقابلة لإلغاء اللغة الفرنسيّة في تعليمنا العمومي كشكل انتقاميّ أو في إطار قناعة مفادها أنّ الفرنسيّة لم تعد لغة العلم والمعارف هي دعوات فاقدة للحسّ السّليم، فكلّ لغة إضافيّة إثراء للتّواصل والانفتاح على الثقافات والمعارف والآداب والفنون. ثلاثة آلاف صفر سنويّاً في امتحان مادّة الفرنسيّة في البكالوريا هو خسارة كبيرة، ولا يجب أن تكون مدخلاً لتبرير إلغاء هذه المادّة نفسيّاً وواقعيّاً. الدّعوة لإلغاء اللغات عدميّة بدون وجاهة وفاقدة للمعنى”.

وتحت عنوان “المنبتّون”، كتب المحلل السياسي بولبابة سالم: “لتعرفوا حجم الاختراق الثقافي تابعوا تعليقات المسيئين لعقيدة الشعب من بني جلدتنا ودفاعهم عن ماكرون رغم حذلقتهم اللغوية ومراوغاتهم. يصبح المدافع عن النبي منافقاً وإرهابياً، وتجد بعض ضعاف النفوس يخشون من إعلان تعاطفهم مع نبيهم خشية رميهم بالتطرف والأخونة والأردوغانية، وكأن الإسلام جاء به أردوغان والغنوشي”.

وأضاف: “في كتابه “المسألة الثقافية في الوطن العربي” يؤكد الفيلسوف محمد عابد الجابري، أن الاختراق الثقافي الأجنبي بدأ سياسة دولة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي عبر تفريخ الجمعيات وتغذية الصراعات الطائفية والعرقية وتفجير النسيج الاجتماعي؛ لتسهيل السيطرة الصامتة بديلاً عن التدخلات العسكرية المكلفة، وهو ما أشار إليه أيضاً العلامة عبد الوهاب بوحديبة، أب علم الاجتماع قي تونس وعضو المجلس الأوروبي للثقافة والفنون، عندما رصد سعي الاستعمار القديم إلى ضرب هويات الشعوب التي اعتبرها أهم ركائز المقاومة”.

وتابع بقوله: “طيف من اليسار الفرنسي ومثقفيه يتفهمون غضب المسلمين وينتقدون سياسة رئيسهم، وعندنا أشخاص يروجون أن فرنسا ستسحب رخص الإقامة من الداعين إلى مقاطعة بضائعها، وهو جهل بالقانون وتذلل رخيص. يتصورون أيضاً أن رفض إساءة ماكرون للإسلام ستجعلهم ممنوعين من دخول فرنسا ويتخيّلون فرنسا مثل الدكتاتوريات العربية. منبتّين وأغبياء!”.

وشهدت تونس احتجاجات في مدن عدة، ردد خلالها المتظاهرون عبارات مسيئة للرئيس إيمانويل ماكرون، كما أحرق بعضهم العلم الفرنسي وطالبوا بمقاطعة البضائع الفرنسية في البلاد