لقد تقدم السيد الرئيس محمد ولد الشيخ القزواني ببرنامج واضح للشعب الموريتاني ابان حملته الانتخابية على شكل تعهدات( موثقة .)..وعلى أساس تلك التعهدات ولاعتبارات أخرى تم انتخابه...
ما طرأ بعد ذلك من( مستحدثات )حذرنا منها فى البداية وطالبنا بعدم اللجوء اليها (ونحن الذين كنا نعارض النظام السابق.) ...
لأننا نعرف جيدا أنها لن تخدم برنامج الرئيس ولن تترك له الوقت لتنفيذ تعهداته...اليوم تتضح وجاهة ما كنا نشير إليه من ان الحابل قد يختلط بالنابل وان الخروج من ذلك المنزلق ربما يكون صعبا إذا أصبح خيار (علي وعلى أعدائي )هو الخيار الوحيد المتبقى...
لقد خسرنا عقودا من البناء بسبب الفساد وسوء التسيير.. وينبغى ان نتفرظ لبناء وطن يوشك أن يضيع من أيدينا ونحن منشغلون بالبحث عن أسباب إضافية للتقدم نحو طريق ذلك الضياع للاسف الشديد....
البرلمان الذي حقق فى فساد العشرية هو نفسه البرلمان الذي كان يسعى لتغيير المواد الدستورية التى تمنع ترشح الرئيس لأكثر من مأموريتين ويطالب الرئيس السابق بمواصلة الترشح وبالتالى مواصلة ما كان يسميه حينها بالإنجازات العظيمة وصار يسميه الآن بالفساد الكبير...
القضاء الذي ننتظر منه تحقيق العدالة ... هو نفس القضاء الذي أصدر مذكرات توقيف ومتابعة فى حق رجلي الأعمال ولد الشافعي وولد بوعماتو قبل أن يتغير رأس النظام وتتغير معه دواعي ومسوغات تلك المتابعات والمذكرات وبالتالي يتوجب إلغاؤها...
نحن شعب ينخر الفساد فى جسمه لدرجة أنه أصبح ثقافة وسلوكا وممارسة عادية لذلك يصعب علينا وجود اصحاء لمعالجة المرضى....
ان الحل الوحيد الذي يخدم موريتانيا هو التخلص اليوم قبل الغد من كل هذه الطبقة السياسية الفاسدة والاتيان بطبقة أخرى لم تتلوث كثيرا وليس لأحد ما يخيفها به من ملفات فساد أو عيوب فشل أو عجز سابق...
سيقول البعض ان هناك تجارب وتراكمات خبرة ينبغى ان لايلقى بها عرض الحائط..وهذا القول رغم تهافته لايتناقض ما ماندعوا اليه ...هناك طرق أخرى للاستفادة من ذلك التراكم النافع وتنقيته من كل تلك الخبرات الضارة وتوظيف المفيد منه دون وضعه فى الواجهة ..
حين تحدث الرئيس فى خطابه الأول عن ضرورة الانطلاق نحو غد أفضل دون قطع الصلة بماضي البلد ودون التنكر لانجازات من سبقوه من الرؤساء كنا نعتقد أن ذلك يعنى انه يريد أن يبدأ من حيث انتهى سلفه وانه سيستفيد من معرفته بمفاصل الدولة فى تجنب أسباب اخفاقات سلفه ...لكن الذي حصل للاسف هو اننا انشغلنا كل هذا الوقت بالبحث عن أخطاء العشرية (الواضحة) اصلا ونسينا تعهدات الرئيس . وضرورة التوجه لتحقيقها حتى لا نجد أنفسنا غدا أمام حقيقة مرة وهي ان العشرية زادت فقط بخمس أخرى وزاد الطين بلة ولم يعد هناك وقت لرقع الخرق الذي اتسع ولم يعد قابلا للرقع...
نتمنى على الرئيس ان يوجه حكومته إلى اتخاذ خطوات واضحة فى سبيل إنجاز ما وعد به الشعب الموريتاني وإن يبتعد عن الإستماع الاستشارات دعاة التصعيد وتوتير الأجواء.. لان غايتهم الحقيقية ليست محاسبة الفاسدين وانما زيادة وتيرة الفساد و قطع الطريق فى وجه الآمال التى عقدها هذا الشعب المسكين على هذا العهد لتحقيق ما يصبوا اليه من تغيير ونهضة ...يستحقها وقد طال انتظارها....
محمد يسلم السالم