إن عظمة الشعوب وعظمة قادتها لا يمكن أن تقاس بمدى قدرتها على تأمين حاجاتها في الحياة من المأكل، والمشرب والملبس، فتلك من البديهات، ولكن في اعتقادي- هناك ما هو أكبر وأسمى من ذلك في حياة الكثيرين من الشعوب، والقادة الذين يمثلون جوهرة الإنسانية ويدركون الحياة من زاويا أخرى لا تنحصر في المأكل والمشرب والرفاهية، وإنما في صنع التحولات التاريخية التي تخدم شعوبهم وتخدم البشرية يدفعهم إلى ذلك إيمانهم الراسخ بأهمية صناعتها وقيمهم ومبادؤهم التي لا يمكن أن تنحني أمام الأهواء والرغبات بل تبذل الأرواح وتتضاعف العطاءات والتضحيات في سبيل الوصول إلى تحقيقها، ومثل تلك التحولات تصنع مستقبل الشعوب، وتسطر تاريخها، وهي ترسم حاضرها ومستقبلها، حتى وإن طال ا لأمد. فالقناعات المطلقة بسلامة الأهداف المنشودة تشفع لكل العثرات وتقوي العزيمة على الصبر، والمثابرة ولولا ذلك لكان تاريخ البشرية لا يقرأ ولا يكتب لأن كل ما سيقوم به الإنسان في هذه الحالة سيصبح مألوفاً ولن يخرج عن الحالة العامة التي لا تحتاج إلى قراءة.
ولكن لأن الحياة بطبيعتها الكونية والبشرية تقوم على التحولات فإن البشرية تقاس بمدى قدرتهم على صناعة تلك التحولات. وتكمن عظمتها بعظمة الأهداف التي تسعى إليها أو حققها كثيرون من القادة الذين قادوا تحولات عظيمة شكلت نهايات وبدايات حقب تاريخية جديدة في حياة شعوبهم كما هو حال الكثير من الشعوب التي رفضت كل المغريات أو الخضوع لأي ضغوطات وفضلت الموت والجوع مقابل الحفاظ على أهدافها ومبادئها التي آمنت وتمسكت بها للمضي في صناعة التحولات التي تصبو إليها.
نحن لم نكن بعيدين من تلك التحولات في موريتانيا على مر التاريخ ، فلقد كانت الغاية سامية والوسيلة أسمى وكان الشعب عظيماً، وقادئه الذي اسسه عظيما، كل تلك العوامل صنعت أعظم التحولات في الماضي، والحاضر، الذي يمثل امتداداً لحضارة وتاريخ عريق لشعبنا.. وإذا ما وقفنا عند إحدى المحطات التاريخية التي نعيش أفراحها اليوم وهي تحقيق الانجازات الكبري التي تحققت في سنوات ريئس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني والتي تعتبر أحد أهم التحولات في تاريخ موريتانيا سندرك عظمة هذا هذا الرجل الذي لا يمكن أن يقاس بكنوز الدنيا ولا يمكن أن ينكر ذلك إلا جاحد أو عديم الشعوربالوطنية