فى ظل حالة تأهب بالعالم لما سيحدث فى قطاع غزة على مدار الأيام القادمة، من حيث إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلية استعدادها لاجتياح غزة بريا، توالت التحذيرات من التداعيات الهائلة لمثل هذا الأمر على العديد من الأصعدة.
فقد حذر الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان إسرائيل من ارتكاب خطأ فادح باجتياحها البرى لقطاع غزة، وقال إنه يمكن أن يشعل حريقا عالميا ويفجر هيكل التحالف المؤيد لأمريكا بالكامل، والذى بنته الولايات المتحدة فى المنطقة بعد حرب أكتوبر 1973.
وقال فريدمان فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز إنه من خلال المعلومات التي عرفها من المسئولين الأمريكيين، فإن الرئيس بايدن فشل فى إقناع إسرائيل بالتراجع والتفكير فى التداعيات الناجمة عن غزو غزة لكل من الدولة العبرية نفسها وللولايات المتحدة. وأعرب فريدمان عن اعتقاده بأنه لو اندفعت إسرائيل الآن إلى غزة، وفعلت ذلك دون تعبير عن التزام واضح بحل الدولتين مع السلطة الفلسطينية وإنهاء المستوطنات اليهودية فى عمق الضفة الغربية، فإنها سترتكب خطأ فادح، وسيكون مدمرا لمصالحها وللمصالح الأمريكية.
وأوضح الكاتب الأمريكي أن هذا الأمر يمكن أن يضر كافة معاهدات السلام بدءا من معاهدة كامب ديفيد واتفاقيات أوسلوا والاتفاق الإبراهيمى.
وتابع فريدمان قائلا إنه لو دخلت إسرائيل إلى غزة ، واستغرقت أشهر فى قتل أو أسر المسلحين الفلسطينيين، وفعلت ذلك بالتزامن مع توسيع المستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية، بما يجعل حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية مستحيلا، فلن يكون هناك تحالفا شرعيا فلسطينيا أو من الجامعة العربية أو أوروبيا أو من الأمم المتحدة أو الناتو مستعدا للذهاب إلى غزة وانتزاعها من يد إسرائيل.
ولن يكون هناك أحدا ليخرج إسرائيل أو مساعدتها فى دفع ثمن رعاية أكثر من مليوني فلسطينى، ما لم تكن هناك حكومة إسرائيلية تفكر وتتصرف كما لو أن بإمكانها الانتقام بشكل مبرر مما حدث فى السابع من أكتوبر ،مع بناء غير مبرر لمجتمع شبه بالأبرتهايد يديره متطرفين يهود فى الضفة الغربية، وهذه سياسة غير متماسكة على الإطلاق.
وفى ظل حالة الترقب العالمى للعملية العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، تزداد التحذيرات الغربية من التداعيات الفادحة لاى اجتياح برى، والتي يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.
وفى حوار لمجلة بولتيكو الأمريكية، قال المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) الجنرال ديفد بترايوس، إن الهجوم البري الإسرائيلي المحتمل على قطاع غزة سيستمر سنوات وسيتضمن "قتالا مروعا".
وأكد باتريوس، أن إسرائيل إن توغلت بريا في القطاع فستواجه وضعا أصعب من الذي واجهته القوات الأمريكية في الصومال، وستقابل بهجمات "انتحارية" وعبوات ناسفة ومفخخات وكمائن.
واستشهد الجنرال، الذي كان أيضا القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، بحادثة إسقاط 3 مروحيات أمريكية من طراز بلاك هوك في مقديشيو عام 1993 مما تسبب في قتال دموي، بينما كانت القوات الأمريكية تكافح لإنقاذ الناجين جراء التحطم، ليؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيواجه "واقعا مماثلا" إذا اشتبك على الأرض في غزة.
وقال بتريوس، إن تجربته الشخصية في إدارة الجيوش المنخرطة في "حملات وحشية لمكافحة التمرد" يجب أن تكون بمثابة تحذير للجيش الإسرائيلي في حالة المضي قدما في التوغل البري.
لكن يبدو أن إسرائيل لا تستمع جيدا لتلك التحذيرات، فوفقا لمقال فريدمان، وما استمع إليه من مسئولين أمريكيين، فإن فريق بايدن غادر إسرائيل وهو يشعر أانه فى حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مدرك أن التوغل فى غزة سيشعل النيران فى المنطقة، فإن شركاءه فى الائتلاف اليمينى يريدون تأجيج النيران فى الضفة الغربية.
فقد قتل المستوطنون سبعة فلسطينيين فى أعمال انتقامية فى الأسبوع الماضى وحده. كما أن ممثلي هؤلاء المستوطنين فى الحكومة يحجبون أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، مما يجعل من الصعب عليها إبقاء الضفة تحت السيطرة. وتابع فريدمان قائلا إنه لم يكن ينبغي لنتيناهو أن يفعل ذلك لكنه حاصر نفسه ويحتاج لهؤلاء المتطرفين اليمينيين فى ائتلافه للبقاء خارج السجن بتهم الفساد.