ألقى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني خطابا هاما لدى افتتاح قمة دول اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي “كوب 28” التي انطلقت أشغالها اليوم الجمعة بدبي (الإمارات العربية المتحدة).
وقد هنأ فخامته دولة الإمارات، قيادة وشعبا، بمناسبة الاحتفال بعيد الاتحاد، وتنظيم هذه الدورة ال 28 من المؤتمر.
وقال إن مواجهة التغيرات المناخية هي معركة الجميع، ولا سبيل لكسبها إلا بتضافر الجهود والتعاضد والتضامن، معتبرا أن هذه المعركة يجب أن تخاض على مسارين، أحدهما مسار تعزيز القدرة على التكيف والصمود، في وجه الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية على الأنسجة الاقتصادية والاجتماعية خاصة في الدول الأقل نموا، أما الثاني فيتمثل في الحد التدريجي من الانبعاثات الغازية، ببناء مسارات تنموية ضئيلة الاعتماد على الكربون والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة النظيفة.وفيما يلي نص الخطاب:
“أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي ملوك ورؤساء الدول والحكومات؛
– صاحب المعالي السيد سلطان الجابر رئيس القمة 28 لدول اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي؛
– صاحب المعالي السيد الأمين العام للأمم المتحدة؛
– أيها السيدات والسادة؛
أود ابتداء، أن أتقدم بجزيل الشكر لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الأصيل، مهنئا إياه والشعب الإماراتي عموما، على الاحتفاء بعيد الاتحاد، وعلى استضافة هذه الدورة 28 لقمة دول اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي.
فلطالما تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة، بفضل الرؤى الاستشرافية لقيادتها الحكيمة، مواقع الريادة في تعزيز الاستدامة، ومواجهة التحديات البيئية عموما.
وأهنئ كذلك صاحب المعالى، سلطان الجابر، رئيس قمة كوب 28 على التنظيم المحكم لهذه الدورة.
كما أتقدم بالشكر الجزيل، إلى صاحب المعالي السيد أنتونيو كوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، على جهوده الكبيرة في سبيل في مجال التغيرات المناخية.
– أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والمعالي؛
– أيها السيدات والسادة؛
لا تبرز وحدة المصير الإنساني في أي مستوى من مستويات الحياة بأقوى وأوضح مما تتجلى عليه في التحديات البيئية.
فالارتفاع المطرد في حرارة الكوكب الذي يفاقم، سنة بعد أخرى، حدة التغيرات المناخية، وتوابعها المدمرة، من تصحر، وجفاف، وكوارث طبيعية، وإخلال بتوازن المنظومات البيئية، يهدد استمرارية الحياة البشرية، بل واستمرارية الحياة من حيث هي، على وجه الكوكب الأرضي.
فمواجهة التغيرات المناخية إذن، معركتنا جميعا، نربحها معا أو نخسرها معا. وكلنا ندرك أن لا سبيل لكسبها إلا بتضافر الجهود والتعاضد والتضامن، وهي تخاض أساسا على مسارين:
– مسار تعزيز القدرة على التكيف والصمود، في وجه الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية على الأنسجة الاقتصادية والاجتماعية خاصة في الدول الأقل نموا.
– ومسار الحد التدريجي من الانبعاثات الغازية، ببناء مسارات تنموية ضئيلة الاعتماد على الكربون والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة النظيفة، ولن تكون النتائج على أي من المسارين إلا بقدر التعاون والتضامن الدوليين.
وباد للعيان اليوم، أن هذا التضامن، لا يزال من حيث الحجم والفعالية دون المستوى المطلوب، إذ غالبا ما يتخذ في إطاره من قرارات، وإعلانات، والتزامات مالية قوية، يظل ضعيف الترجمة في الواقع، معيقا بذلك التنفيذ الناجع للمساهمات المناخية الوطنية، خاصة في الدول النامية.
فمن الملح والضروري إذن، زيادة التمويلات الموجهة للتكيف والتحول البيئي بشكل كبير، ودفعها على نحو لا يفاقم مديونية الدول النامية.
– أصحاب الفخامة والجلالة والسمو المعالي؛
– أيها السيدات والسادة؛
إننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، من أكثر الدول تأثرا بالتغيرات المناخية، وما ينشأ عنها من تصحر وجفاف واضطراب في التساقطات المطرية من حيث الندرة والغزارة. فقد أصبح التصحر يغطي ما يربو على 80% من مساحتنا الترابية، وتسببت موجات الجفاف المتتالية في تمزيق أنسجتنا الاجتماعية والاقتصادية الريفية، مهددة أمننا الغذائي ومعيقة تنميتنا الاقتصادية بتأثيرها السلبي على قطاعات حيوية، مثل الموارد المائية والإنتاج الزراعي والتنمية الحيوانية، والثروة البحرية والمنظومات البيئية الطبيعية.
ولذا، فنحن مدركون جيدا، أن مواجهة التغيرات المناخية ضرورة اجتماعية واقتصادية وبيئية بل وأمنية.
وانطلاقا من ذلك، بذلنا جهودا كبيرة، في مكافحة التصحر من خلال مبادرة السور الأخضر الكبير، والمساهمة النشطة في لجنة المناخ لمنطقة الساحل، واللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل، وباعتماد ميثاق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي أطلقتها المملكة العربية السعودية الشقيقة، كما استثمرنا في التسيير المستدام للمناطق البحرية والساحلية ذات النفع البيئي العالمي.
وعلاوة على ذلك، سعينا بكل الجهود، إلى تعزيز قدرة مواطنينا على الصمود والتكيف، مع تداعيات التغير المناخي، على المنظومات الاجتماعية، والاقتصادية. فكافحنا الفقر، والهشاشة، وراجعنا أنماط الإنتاج، وعملنا على استعادة صلاحية ما تدهور من أراضينا بفعل التصحر.
هذا على مستوى مسار دعم التكيف والصمود، لكننا لم نغفل مسار بناء تنمية أقل اعتمادا على الكربون بالاستثمار الكبير في الطاقات المتجددة.
فعلى الرغم من ضآلة إسهامنا في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، فقد استطعنا زيادة حصة الطاقات المتجددة في مجمل استهلاكنا الطاقوي، على نحو معتبر، حيث وصلت إلى 34% سنة 2020 مع التخطيط للوصول إلى نسبة 50% سنة 2030.
وبرنامجنا الواسع لتطوير الهيدروجين الأخضر، الذي هو الآن قيد الإطلاق، فإننا واثقون من تحقيق الهدف الذي رسمناه في مساهمتنا المناخية الوطنية المراجعة، والمتمثل في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 11 %.
غير أننا في كل هذه الجهود، لا نزال نحتاج، شأننا في ذلك شأن معظم الدول النامية، إلى زيادة الدعم الدولي، لتعزيز القدرة على الصمود، والتكيف، ولتأمين انتقال طاقوي، منصف، وفعال.
وإنني، إذ أجدد الدعوة لرفع مستوى الدعم للدول النامية، في مواجهتها للتحديات البيئية، والوفاء الفوري بما تقدم الالتزام به من ذلك، لأرجو لأعمال قمتنا هذه كل التوفيق والنجاح.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”