مفاجآت وتطورات ساخنة في غزة قلبت الطاولة وأجبرت إسرائيل على التراجع عن شروطها وحديث عن صفقة “أسرى مدوية”.. رئيس وزراء اسرائيل يحاول الهروب من النار و”حماس” تنصب فخها الأخير
بدو أن الجانب الإسرائيلي، قد أقر فعليًا بضرورة الاستجابة والانصياع مُجبرًا لكافة الشروط التي تضعها حركة حماس “العنيدة” لفتح باب التفاوض من جديد لصفقة تبادل للأسرى بين الجانبين، بعد أن فشل في استخدام لغة الضغط العسكري والمجازر في ثني المقاومة عن شروطها.
ورغم بشاعة المجازر التي تُرتكب في قطاع غزة منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، والتي قارب فيها عدد الشهداء لـ 19 الفا، وعشرات آلاف من المصابين والمفقودين تحت الأنقاض وويلات الحرب “القاسية” على النازحين والدمار الهائل في البنية التحتية والمنازل والمؤسسات، إلا أن المقاومة لم تتحرك للوراء خطوة واحدة، ولا تزال تتمسك بالشروط التي وضعتها منذ اليوم الأول من الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
وبحسب اعترافات إسرائيلية، فإن حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، هي التي بادرت بالتواصل مع الوسيط القطري لإعادة تفعيل قناة التفاوض غير المباشرة مع حركة “حماس”، في محاولة للتوصل لصفقة تبادل جديدة، فيما ووصفت وسائل إعلام عبرية هذه الخطوة بـ”المفاجئة” بسبب التطورات الميدانية في قطاع غزة.
وذكرت وسائل إعلام أن نتنياهو بات الآن مُجبرًا على الرضوخ لشروط “حماس” وفتح باب التفاوض للتوصل لصفقة تبادل جديدة قد تكون “مدوية” بسبب الأسماء التي قد تشملها من الأسرى الفلسطينيين القدامى داخل السجون الإسرائيلية، في محاولة منه للتنفيس عن الضغط الداخلي والخارجي الذي يعيشه منذ أسابيع طويلة ووصلت في الأيام الأخيرة لنقطة “عدم التحمل”.
–رضوخ نتنياهو
ويرى مراقبون، أن لقاء رئيس “الموساد” الإسرائيلي دافيد برنياع “الغامض والمفاجئ” مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في أوروبا مساء الجمعة، يؤكد تراجع إسرائيل عن الشروط التي وضعتها مسبقًا بان الأسرى سيعودون فقط بالضغط والقوة العسكرية على “حماس”، وأن ما يجري بغزة من تطورات ميدانية مفاجئة ووجعة لجيش الاحتلال قد بعثرت كافة الأوراق، لصالح “حماس” والمقاومة.
وتوقعت وسائل إعلام عبرية أن تشهد الأيام القليلة المقبلة مباحثات ساخنة بين إسرائيل و”حماس” عبر الوسيط القطري، حول تفاصيل الصفقة، وأن “تل أبيب” في النهاية ستخضع لشروط المقاومة وتقر بها فعليًا، بسبب الضغوط الداخلية والدولية وحتى الأمريكية على رأسها والتي تطالب بوقف إطلاق النار والتوصل لصفقة تبادل للأسرى.
ورغم أن حركة “حماس” أصدرت أمس بيانًا صحفيًا حاسمًا، أكدت فيه أن “لا يمكن أن تفتح باب التفاوض مع إسرائيل، حول صفقة تبادل للأسرى جديدة، إلا بوقف العدوان الإسرائيلي بشكل نهائي على الشعب الفلسطيني”، إلا أن نتنياهو ألمح مجددًا إلى وجود مفاوضات سرية في هذا الملف، الأمر الذي يؤكد أن الأخير هو من بات يطرق الأبواب ويستنجد بالوسيط القطري لإبراهم هذه الصفقة وبأسرع وقت.
وقبل أيام كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عما سمته بـ”انطلاق مسيرة مفاوضات صفقة تبادل أسرى جديدة لكنها لا تزال في مراحلها الأولية”، موضحةً أن “انطلاق المفاوضات يعني أن هناك رغبة إسرائيلية وأفكار لعرضها على الجانب الآخر عبر الوسطاء”، مضيفاً أن “ما يحدث هو تطور كبير كنا بعيدين عنه خلال الأيام الماضية”.
– معركة عض الأصابع
وذكرت مصادر وفق ما نقلته موقع “فلسطين الآن” المقرب من “حماس” أن ما حدث خلال الأيام الماضية يمكن وصفه بـ(معركة عض أصابع) في محاولة للحصول على موافقة على شروط الصفقة، مشيراً إلى أن “تسريب الأخبار المتعلقة ببدء تجهيزات غمر الأنفاق بمياه البحر من جانب الاحتلال الإسرائيلي، هدفها دفع حماس للذهاب إلى مائدة المفاوضات سريعاً، وخاصة بعد تكثيف حماس وبقية الفصائل عملياتها العسكرية ونشاطها الإعلامي، في بث مقاطع العمليات المكثفة، الذي يسبب المزيد من الضغط المتتالي على مجلس الحرب الإسرائيلي أمام الشارع، لوقف الحرب، خاصة مع تحول في مواقف بعض الدول الداعمة لإسرائيل مؤخراً”.
وأمس السبت اجتمع مسؤولون إسرائيليون بنظرائهم القطريين في النرويج، سعياً لإحياء المحادثات حول صفقة تبادل يتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في غزة مقابل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وفقاً لما أوردت القناة الـ13 الإسرائيلية.
وقادت قطر مفاوضات فاعلة في الأسابيع الأخيرة، أفضت إلى اتفاق هدنة لمدة 7 أيام، تم خلالها تبادل عشرات الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، مع إدخال مساعدات إلى مناطق قطاع غزة في ذروة الحرب البرية.
وتشير المعطيات الحالية إلى عقبات كبيرة تعترض استئناف المفاوضات بشأن إبرام صفقة تبادل جديدة، إذ تشترط حركة حماس وقفاً شاملاً للحرب وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة قبل بدء أية مفاوضات جديدة، في حين تطلب حكومة الاحتلال إطلاق سراح النساء الإسرائيليات اللواتي تبقين في غزة قبل بدء محادثات حول صفقة جديدة. وسبق أن ذكرت مصادر في المقاومة الفلسطينية أن النساء اللواتي بقين محتجزات هن مجندات في جيش الاحتلال.
وتأتي محادثات النرويج بعد يوم من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي قتله عن طريق الخطأ ثلاثة محتجزين في غزة، ما أدى إلى تزايد الضغوط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتخاذ خطوات جديدة تجاه صفقة تبادل.
وأمام هذه التطورات الساخنة.. من سينتصر بمعركة “عض الأصابع”؟ وهل صفقة التبادل طوق نجاة لنتنياهو؟ أم للمقاومة رأي آخر؟