قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير أعده ديون نيسباوم وسمر سعيد أن إعلان إسرائيل عن مقتل الرجل الثالث في قطاع غزة مروان عيسى لا يمثل ضربة قاصمة للحركة التي يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تدميرها ومواصلة الحرب عليها في رفح.
ولفتت الصحيفة الإنتباه إلى أن ملاحقة عيسى استمرت خمسة أشهر ضد الرجل الذي يعرف برجل الظل نظرا لدوره الذي يلعبه من وراء الستار في عمليات حماس، ونجا أكثر من محاولة إسرائيلية لقتله.
وفي بداية شهر رمضان وصلت إليه إسرائيل بغارة جوية حسبما قال البيت الأبيض. وكانت هذه المرة ومنذ خمسة أشهر التي استطاعت فيها إسرائيل الوصول إلى واحد من أهدافها الرئيسية في قطاع غزة: قتل قادة حماس البارزين المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وربما أعاق غياب عيسى عن الساحة قدرة حماس على القتال في مرحلة حرجة من مسيرتها لكن المحللين لا يرون في مقتله ضربة حاسمة.
وقال طارق كيني- شوا، المسؤول عن السياسة الأمريكية في المركز الفلسطيني “الشبكة” ومقره نيويورك إن مقتل عيسى “قد يساهم في الضعف المستمر لقدرات حماس كقوة متماسكة وقدرتهم على التنسيق للعمليات ضد العمليات الإسرائيلية في غزة على المدى القريب”. ولكن حماس عادة ما استعادت قوتها من حملات الإغتيال التي قتلت قادة الجماعة وعلى مدى العقدين الماضيين.
وقال كيني- شوا إن “مقتل عيسى لن يغير إلا القليل في حملة حرب العصابات والتي ستتوجه ضد القوات الإسرائيلية وعلى مدى الشهور والسنين المقبلة”.
وقال البيت الأبيض يوم الإثنين إن عيىسى قد قتل إلا أن حماس وإسرائيل لم تؤكدا الأخبار. وقال المسؤولون المصريون إنهم لم يسمعوا من عيسى الذي كان يلعب دور حامل الرسائل بشأن الأسرى الإسرائيليين في غزة وقبل أيام من الغارة التي قالت إسرائيل إنها شنتها. وقالت إسرائيل إنها استهدفت عيسى هذا الشهر بغارة جوية ضربت وسط مخيم للاجئين في وسط قطاع غزة، وكجزء من حملتها لقتل أي شخص له علاقة بهجمات تشرين الأول/أكتوبر. وقال المسؤولون الأمريكيون إن الغارة ضربت الهدف. وأعلن المسؤولون الإسرائيليون الذين يحتفظون برسم بياني لقادة حماس عن قتل عدد من قيادات الوسط في الحملة الحالية، إلا أن عيسى سيكون الشخصية الأبرز التي وصلت إليها في غزة.
ولد في عام 1965 في مخيم للاجئين لوالدين أجبرا على ترك بيتهما في عام 1948، وكان يعرف “بالكوماندو الفلسطيني”، وهو لقب حصل عليه عندما كان يلعب كرة السلة وهو صغير
لكن إسرائيل لم تصل بعد إلى أبرز قياديين في الحركة وهما يحيى السنوار ومحمد الضيف، على أمل أن توجه ضربة حاسمة للحركة، بحسب مارك ريغيف الذي عمل حتى وقت قريب كمتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. وقال إيال حالوطا، مستشارالأمن القومي السابق إن مقتل صالح العاروري أرسل رسالة واضحة ولكن الوصول إلى السنوار “جوهري لوقف الحرب”. وقال “الرموز مهمة” و “العاروي وهو [عيسى] قتلا والتالي هما السنوار والضيف”. ويقول مايكل ميليشتين، المسؤول السابق للشؤون الفلسطينية في الإستخبارات العسكرية، إن غياب عيسى سيؤثر على قدرة الحركة المتشددة المتراجعة لتنظيم دفاع فعال ضد الحملة العسكرية في غزة، وقال إن “وفاته ستتسبب بضرر ولكنها لن تقوض موقف حماس بشكل دراماتيكي أو تجعل من انهيار نظامها أمرا محتملا”.
وعمل عيسى كذراع ايمن لقائد الجناح العسكري لحماس، الضيف. وكان أيضا عضوا في المكتب السياسي المكلف باتخاذ قرارات الحركة المهمة، بما فيها تنازلات بشأن الأسرى الـ 130، والذين مات معظمهم. وكان عيسى جزءا من مفاوضات الهدنة التي استمرت أسبوعا وأفرجت فيها حماس عن 105 أسيرا من بين 240 مقابل240 سجينا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية. وربط مسؤولون مصريون عودة حماس للمفاوضات في قطر بمقتل عيسى.
وولد الرجل الثالث في عام 1965 في مخيم للاجئين لوالدين أجبرا على ترك بيتهما في عام 1948، وكان يعرف “بالكوماندو الفلسطيني”، وهو لقب حصل عليه عندما كان يلعب كرة السلة وهو صغير لنادي المخيم الرياضي. وانضم للجناح العسكري لحماس وهو في الـ 19 من عمره واعتقلته إسرائيل عام 1987، وقضى خمس سنوات في المعتقل. وفي عام 1996 اعتقلته السلطة الوطنية وقضى أربع سنوات أخرى في السجن. وحاولت إسرائيل اغتياله أكثر من مرة، حيث دمر الطيران الإسرائيلي بيته في عام 2014 وفي 2020 وقتل شقيقه. وفي كانون الأول/ديسمبر قتل ابنه محمد. وفي مقابلة نادرة مع الجزيرة أجرتها معه عام 2021 قال فيها إنه جرح في واحد من الهجومين “لقد دفعنا ولا زلنا ندفع الثمن الباهظ”.
ولعب عيسى دورا في الظل حيث شارك في المفاوضات التي أفرج فيها عن المجند جلعاد شاليط عام 2011، مقابل أكثر من ألف سجين فلسطيني.
ويقول خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية والإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن إن وفاة عيسى ليست ضربة لحماس “لا مجال للشك أن حماس أضعفت ولكن ليس بالقدر الكافي لكي نقول بشكل قاطع إنها هزمت”. وقال الجندي إن النصر النفسي لا أهمية له لأن إسرائيل لم تقتل واحدا من القادة الرئيسيين إلا بعد خمسة أشهر. وقد أدت الحملة في غزة إلى مقتل أكثر من 31,000 شخصا معظمهم من النساء والأطفال. وأضاف:”لو حدث هذا في الأسابيع الأولى من الحرب لكشف عن قدرة الوصول إلى القيادة في البداية وعندها لترك هذا أثرا نفسيا مختلفا” و “كانت الحملة الضخمة من التدمير ستطال في النهاية أهدافا ثمينة لحماس، وانظر كم مضى من الوقت وبأي ثمن