بعد أن سادت حالة من الإيجابية أجواء ملف مفاوضات تهدئة غزة “المُعقدة” التي تجري برعاية مصرية وقطرية، بين حركة “حماس” وإسرائيل، وبشرت بقرب التوصل لاتفاق يُنهي الحرب الدامية على قطاع غزة، إلا أن هذه الحالة لم تدم طويلا، وجاءت اشارات صادمة تؤكد أن الاتفاق لا يزال بعيدًا.
التصريحات التي بدأت تخرج خلال الساعات الماضية من المسؤولين الإسرائيليين وكذلك حركة “حماس”، تؤكد أن الاتفاق لا يزال بعيد المنال، وأن هناك الكثير من العقبات تعترض إنجاز وقف إطلاق النار بغزة، الأمر الذي تسبب بتسلل حالة من اليأس لسكان غزة، اللذين ينتظرون على أحر من الجمر إنهاء ويلات هذه الحرب.
ورغم محاولات مصر الكبيرة بدعم الأجواء الإيجابية المحيطة بملف المفاوضات، وتمسكها بالنفس الأخير لإنجاحها، إلا أن حقيقة ما يجري داخل الغرف المغلقة معاكس تمامًا للتصريحات الإعلامية، وكشف مدى حجم التباعد في فرص التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل و”حماس”.
القيادي بحركة “حماس” محمود مرداوي، قال إن “مفاوضي الحركة ذاهبون للمفاوضات في القاهرة بروح إيجابية، معتبرا أن الذي قدم في القاهرة هو مجرد مقترح وليس صيغة اتفاق، مضيفًا “حماس معنية في عودة النازحين وإعادة الإعمار وانسحاب الاحتلال الكامل من غزة”.
وكشف قيادي آخر في “حماس”، أن الحركة لم تُسلم ردها على المقترح المصري حتى اللحظة، مضيفًا أن لدى الحركة استفسارات ستقدمها للوسطاء كي تستوضح عنها.
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، أن ما عرض على وفد الحركة بالقاهرة في هذه الجولة أفضل مما عرض عليها في الجولات السابقة.
وأضاف أن الحركة تتعامل بجدية مع قضية التفاوض وحريصة على التوصل لاتفاق ينهي معاناة شعبنا، مؤكدا أن نتنياهو وحكومته المتطرفة يتعمدون تعطيل التوصل إلى اتفاق هدنة.
وانتهت مساء أمس السبت في العاصمة المصرية القاهرة، جلسة النقاش بين “حماس” والوسطاء دون الوصول إلى نتيجة نهائية.
ومن المقرر أن تُستكمل لقاءات النقاش اليوم الأحد، وستحاول “حماس” في هذه الجلسة الحاسمة الحصول على إجابات واضحة لبعض النقاط التي جاءت في المقترح المصري.
تصريحات المسؤولين في “حماس”، تزامنت مع ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية بأن إسرائيل رفضت إرسال وفدها إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات بشأن صفقة تبادل قبل وصول رد “حماس”، ونقلت عن مسؤول قوله إن إسرائيل لا تريد أن تلتزم بإرسال وفد قبل أن ترى مرونة من حركة “حماس”.
وكانت تقارير عبرية أفادت، بأن فرص التوصل إلى اتفاق خلال المحادثات الدائرة بشأن وقف النار في غزة وتبادل الأسرى، “ضئيلة”، رغم أن الإعلام المصري تحدث منذ الصباح عن تقدم ملحوظ بالمفاوضات.
وقالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية نقلا عن مصدر سياسي قوله إن إسرائيل لن توافق في أي حال من الأحوال على إنهاء الحرب مؤكدا أن الجيش سيدخل إلى مدينة رفح كما قرر المستوى السياسي باتفاق أو بغيره.
يأتي ذلك، بينما وصل مدير الاستخبارات المركزية الامريكية ويليام بيرنز ووفد من حركة حماس إلى مصر لمواصلة المباحثات بشأن اتفاق هدنة مع إسرائيل في قطاع غزة، بحسب ما أكدت قناة القاهرة الاخبارية، التي نقلت عن مصدر مصري رفيع المستوى، قوله إن هناك “تقدما ملحوظا تشهده المفاوضات”، مشيرا إلى أن “الوفد الأمني المصري الذي يتولى التفاوض “وصل إلى صيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخلاف”.
ووصل وفد حركة “حماس” إلى مصر، في وقتٍ سابق السبت، من أجل مناقشة الورقة المقترحة من الجانب الإسرائيلي للاتفاق.
لكن نتنياهو “رفض إرسال وفد إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى قبل وصول رد حماس بشأن مقترح الاتفاق الأخير”، وقام بذلك من دون مشاورة عضوي “كابينت الحرب”، بني غانتس وغادي آيزنكوت.
وفي ذات السياق، أفادت مصادر قيادية في المقاومة الفلسطينية، بأنّ المفاوضات “تواجه عقبة كبيرة بسبب رفض الاحتلال الإسرائيلي التزام وقف إطلاق النار، بصورة دائمة”، وأوضحت المصادر وفق “الميادين”، أنّ حماس “تصرّ على أنّ لا اتفاق من دون نصٍّ صريح على وقف إطلاق النار”.
يأتي ذلك بعد أن أكد مصدر قيادي في الفصائل الفلسطينية أنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وقادة الاحتلال “يُفشلون المفاوضات على الدوام”، لافتاً إلى أنّ “نتنياهو مُتعنّت وغير مهتم بعودة أسراه، ولا بمطالب عائلاتهم، ويتحدى العالم لمواصلة حرب الإبادة الجماعية”.
ولفت إلى أنّ قيادة المقاومة، في المقابل، “تُبدي مرونةً عاليةً في إطار إنجاز اتفاق، يحقق مطالب الشعب الفلسطيني بوقف شامل للعدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، بصورة كاملة”، مضيفًا أنّ “المقاومة تعاملت بإيجابية مع ورقة الإطار، التي قدمها الوسطاء، في إطار الوصول إلى اتفاق وصفقة جادة”.
وأشار إلى أنّ “الاتصالات دائمة بين قيادة المقاومة”، وأنّ المشاورات والمفاوضات “مستمرة مع الوسطاء للوصول إلى اتفاق جاد وحقيقي”.
وتعثرت جهود سابقة للتوصل لوقف لإطلاق النار بسبب مطالبة حماس بتعهد إسرائيلي بإنهاء الحرب، في حين تصر إسرائيل على أن الحرب ستستمر في نهاية المطاف وتهدد باجتياح مدينة رفح، التي تؤوي أكثر من مليون نازح فلسطيني، مما يثير قلق المجتمع الدولي بشأن مصيرهم.
لكن مساعي الوسطاء في قطر ومصر والولايات المتحدة لا تزال متواصلة من أجل إقناع الطرفين باتفاق يضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تمهيدا لإنهاء الحرب على قطاع غزة التي تسببت في أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة وفي استشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فهل سيرضخ نتنياهو لشروط المقاومة؟ أم تستمر الحرب؟