أفادت عدة مصادر إعلامية مؤخرا بأن المغرب سيحظى بامكانية تصنيع طائرات درون على أراضيه، قابلة للاستخدام العسكري، في إطار تعاون مع شركة إسرائيلية رائدة في هذا المجال الذي يعد حكرا على بعض دول العالم. فماهي دلالات وأبعاد هذا التعاون العسكري المرتقب وتبعاته المتوقعة؟ أفادت تقارير إعلامية مؤخرا بأن المغرب وإسرائيل حثا الخطى بشأن تعزيز التعاون العسكري بينهما، وذلك بعد نحو أربع سنوات على توقيع اتفاقات أبراهام أواخر 2020. وقد يتخذ هذا التعاون منحى متصاعدا في المستقبل القريب من خلال تمكين المغرب من تصنيع طائرات مسيرة (درون) عسكرية بالتعاون مع إحدى أبرز الشركات الإسرائيلية المتخصصة في هذا المجال.
خرجت آخر تطورات هذا التعاون إلى العلن خلال تصريح للرئيس التنفيذي لشركة "بلو بيرد إيرو سيستم" الإسرائيلية، رونين نادر، والذي صرح لموقع "زونا ميليتار" الإسباني في مقال نشره هذا الموقع العسكري المتخصص في 13 نيسان/أبريل الماضي، أن شركته الرائدة في مجال إنتاج الطائرات دون طيار ذات الاستخدام العسكري أنشأت فعلا في المغرب وحدة إنتاج خاصة بهذه الصناعة التي تعتمد على التكنولوجيا العسكرية الفائقة.
وستدخل وحدة المغرب مرحلة الإنتاج في "القريب العاجل"، بحسب رونين نادر، مع العلم أن "بلو بيرد إيرو سيستم" تخلت عن 50 بالمئة من أسهمها لشركة الصناعات الفضائية الحكومية الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج أنظمة جوية وعسكرية.
صفقة ضخمة أولى في فبراير 2023
التعاون العسكري المغربي الإسرائيلي ترجمته أيضا صفقة أبرمت في شباط/فبراير 2023 بقيمة 500 مليون دولار لتزويد الرباط بنظام الدفاع الجوي والصاروخي "باراك إم إكس" الذي تصنعه شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية، والذي يعتبر من أعتى أنظمة الدفاع الجوية والذي صمم لمواجهة تهديدات الصواريخ والطائرات ويعمل من على منصات بحرية وبرية.
وقبل ذلك بعامين، اقتنت الرباط من الدول العبرية نظام "سكاي لوك دوم" المضاد للطائرات دون طيار. في يوليو/تموز من عام 2023، أعلن رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، شاي كوهين، أن شركة الدفاع الإسرائيلية "إلبيت سيستمز" تعتزم افتتاح مصنعين لتصنيع طائرات دون طيار إسرائيلية في المغرب يرجح أن يكون أحدهما في الدار البيضاء، بحسب موقع هيسبريس المغربي. وأشار معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن إسرائيل هي اليوم ثالث بلد يصدر الأسلحة إلى المغرب.
أي نوع من الدرون سيُنتج في المغرب؟
نقلت صحيفة لوموند الفرنسية، في مقال عن هذا الموضوع صدر الأحد، عن آشر فريدمان مدير معهد اتفاقات أبراهام من أجل السلام في إسرائيل قوله إن طائرات الدرون المنتظر إنتاجها في المغرب قد تكون من طرازي "واندر- بي" و"ثاندر- بي"..
وهذه الطائرات دون طيار مخصصة بشكل أساسي للاضطلاع بمهام استكشاف واستعلام. وفي عام 2022، تقدم المغرب بطلبية من 150 طائرة درون سيتم إنتاج جزء منها على الأراضي المغربية، وفقا لنفس المصدر.
وتقوم شركة "بلو بيرد سيستم" أيضا بتصنيع طائرة درون "سباي إكس" الانتحارية والتي أثبتت نجاحها في أماكن نزاع كأوكرانيا مثلا، قد تكون أيضا من بين النماذج التي ستصنع في وحدة الإنتاج الجديدة في المغرب.
لماذا يرغب المغرب في الحصول على هذه التقنية العسكرية ؟
استشارت صحيفة لوموند خبيرا مغربيا في المدرسة الحربية الاقتصادية في الرباط، والذي صرح بأن هذه الطائرات المسيرة مغربية الصنع ستكون أداة فعالة لمواجهة قدرات الجزائر المجاورة عسكريا واستباق عمليات جبهة البوليساريو الانفصالية التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية.
وأضاف الخبير المغربي بأن من مزايا تصنيع طائرات دون طيار في المغرب أن الرباط لن تُجبر على شراء معدات جاهزة بل ستقوم بتكييف هذه الطائرات وفقا لاحتياجاتها ووفقا لبيئتها لتكون قادرة على التأقلم مع متطلبات الميدان التي تختلف من دولة لأخرى.
وقال العميد اللبناني ناجي ملاعب الذي اتصلت به فرانس24 إن "الوضع في الصحراء الغربية يؤرق بشكل رئيسي المغرب ويصعد من التوتر بينه وبين الجزائر. وهذا التوتر الذي وصل إلى مرحلة التهديد المباشر بينهما، ربما يكون قد دفع الرباط إلى تعزيز التعاون مع إسرائيل لتأمين نوع من التفوق في المجال العسكري، خصوصا أن الشركة الإسرائيلية تنتج أساسا طائرات قتالية مسيرة. هذه الطائرات كانت في السابق حكرا على أربع دول هي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل، حتى أن ألمانيا حين أرسلت قواتها ضمن حلف الناتو إلى أفغانستان، قامت باستئجار أربع طائرات درون من إسرائيل. إذا التفوق الإسرائيلي في هذا المجال واضح المعالم تماما، قبل أن تحصل دول أخرى على التكنولوجيا الضرورية لتصنيع هذا النوع من الطائرات كروسيا وتركيا وإيران".
ولن يكون المغرب البلد الأفريقي الوحيد الذي سيصبح من مصنعي هذه الطائرات ذات الاستخدام العسكري إذ سبقته مصر ونيجيريا وجنوب أفريقيا.