تحت عنوان: “بين الجزائر والمغرب وتونس.. بدأت معركة الزليج” ، وهو فن عريق من بلاط فسيفسائي من أشكال فخارية هندسية مدقوقة قطعة بقطعة مركّبة في لوحة من الجبس. وحول تسجيله كتراث قالت مجلة “جون أفريك” إن التراث المادي وغير المادي، أو حتى ذاكرة العالم، كلها سجلات تفتحها اليونسكو لحماية المعرفة الإنسانية.
لكن التراث لا يلبي بالضرورة معايير التقسيمات الإقليمية والحدود. هذه المسألة، التي تمت مشاركتها وإعادة تفسيرها ورفضها من قبل البشر، موجودة مسبقا في المسائل السياسية. وبين التنافس والخلاف، يؤدي ذلك أحياناً إلى تجاوزات وإنكار لا يمكن تبريره إلا بنوع من الاستفزاز.
وقد كان هذا هو الحال بالفعل مع الكسكسي، الذي قدمته الجزائر سنة 2018 على أنه إنتاج محلي، قبل أن تضطر في مواجهة سخط جيرانها، إلى أن تصبح رائدة الملف المدعوم في 2020 من قبل جميع البلدان المغاربية، بما في ذلك موريتانيا وليبيا.
لقد استغرق الأمر مفاوضات طويلة حتى قبلت بلدان المغرب العربي أخيرا فكرة أن الكسكسي هو تراث مشترك، ثم اجتمعت لتقديم طلب لتصنيف مشترك. في الأصل، في عام 2016، قررت الجزائر المضي قدما بمفردها من خلال الإعلان عن عزمها تقديم طلب لإدراج الكسكسي ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو. وحالما تم الإعلان عن المشروع، أثار استهجان الجارة المغربية التي قالت أيضاً إنها صاحبة هذا الطبق البربري.
كان من الممكن أيضا أن تطالب صقلية وسردينيا بملكية الكسكسي. يوضح الشيف الصقلي أنتونينو غراماتيكو، الذي يتذكر أن الكسكسي هو أحد أطباق الفقراء التي يتم تناولها، بأشكال مختلفة، في كل منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، تضيف “جون أفريك”.
وتعني هذه الصعوبات أن اليونسكو في المناطق المرتبطة ارتباطا وثيقا بتلك الموجودة في المغرب العربي، تقترح الآن القيام بشكل جماعي بأي تسجيل في سجلاتها. وهي طريقة لتجنب المواجهات والمشاحنات بين الدول، كما كان الحال بين المغرب وتونس بشأن كتاب العبر لعبد الرحمن بن خلدون (1332- 1406).
وكانت المملكة المغربية قد سجلت منذ 2011 -العام الذي انشغلت فيه تونس بثورتها- المجلدَ الخامس من كتاب العبر في سجل ذاكرة العالم، بحجة أن المخطوطة كانت بحوزتها. وهذا ليس بغريب، فالعالم التونسي الأصل، أمضى فترة طويلة في مدينة فاس المغربية، حيث أكمل تدريبه على يد أستاذه العبدلي. والحقيقة أن مفهوم الحدود كما هو قائم اليوم، لم يكن موجوداً.