إسرائيلي فشلت في غزة.. فذهبت تبحث عن نصرٍ بأي ثمن في لبنان

سبت, 28/09/2024 - 13:35

لم تحقق إسرائيل أهدافها في غزة ، فذهبت تبحث عن نصر بأي ثمن في لبنان.. تصعيد إسرائيلي خطير لا حدود له في الضاحية الجنوبية في بيروت وفي جنوب وشرق لبنان واستمرار القصف الإسرائيلي على المدنيين في غزة واستمرار اجتياحات متعددة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. عدو متوحش متعطش للدماء، ودول عربية، بعضها مغيب عن الصورة تماماً، إلا من رحم ربي، وبعضها الآخر اتخذ منهج الخذلان لأشقائه وأبناء جلدته، والفئة الثالثة من الأنظمة العربية كشفت عن تحالفها الصريح مع العدو ومعاداتها للمقاومة بأشكالها المتعددة بما في ذلك المقاومة السلمية للاحتلال والتي لا يختلف اثنان على اعتبارها مقاومةً مشروعة. أما العدو فهو كالوحش الجريح يحتمي بقوى الاستعمار والاستكبار العالمي ويتحدى القوانين والشرائع الدولية ويمعن في قتل وتشريد الأبرياء من وطنهم ووطن أجدادهم.

 هذا العدو مصمم على توسيع الحرب وتأجيج الصراع في المنطقة لكي يغطي على هزائمه المتكررة أمام مقاومةً لا تملك إلا النذر اليسير مما يمتلك من أسلحةٍ ومعدات ولكنها تملك الإيمان والإرادة والتصميم وتضحي بأرواح أبنائها من أجل إحقاق الحق ودحض الباطل . نتنياهو وشلة المتعصبين الدمويين في حكومته يريدون أن يجروا الولايات المتحدة إلى حرب شاملة في المنطقة لا تريدها واشنطن ، ليس شرفاً منها ، ولكن لأنها منشغلة في الإنتخابات وأمورٍ أخرى .

إصرار نتنياهو والمتعصبين في حكومته جعلهم يرتكبون جرائم بطرق ووسائل كانوا يدخرونها في بنك أهدافهم للمستقبل مثل القتل الجماعي بواسطة البيجرات وأجهزة اللاسلكي المفخخة والتي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فإذا لم يجدوا الرد الفوري المطلوب لجؤوا إلى جرائم أخرى تستفز المقاومة وحاضنتها الشعبية وتستفز شرفاء العرب والعالم قاطبةً ، فإذا جاء الرد من المقاومة على مبدأ “العين بالعين والسن بالسن والباديء أظلم” ، عندها يتدخل العم سام وحلفاؤه من بقايا الاستعمار القديم ويهبوا للدفاع عن “الكيان الصغير المسالم الديمقراطي الذي يتعرض للإبادة والذي له الحق بالدفاع عن نفسه “. هكذا أصبحت الجريمة دفاعاً عن النفس في عرف وثقافة الكاوبوي .

قبل عدة أيام نشرت الواشنطن بوست مقالاً جاء فيه أن إيران تعمل الآن بشكلٍ حثيث على تخصيب المزيد من اليورانيوم الكافي لتجميع عدة قنابل نووية . وثمة خبر آخر نشر قبل عدة أيام عن تعاون روسي إيراني في المسألة النووية . مما تقدم يعتقد بعض المحللين أن إيران لم ترد حتى الآن على اغتيال هنية في قلب عاصمتها ، وقد تكون منعت المقاومة اللبنانية من رد حاسم حتى الآن ، حتى بعد انفجارات البيجرز وبعد هجمات الأيام الثلاثة الأخيرة  التي خلفت مئات الشهداء والجرحى نصفهم من النساء والأطفال .

وعليه فهل صمت إيران يعني أنها تخبيء مفاجأة ؟ ، وهل ستفاجيء العالم فعلاً بالإعلان عن إجراء تجربة نووية ناجحة في باطن الأرض ؟ وهل ذلك يضمن لها عدم مهاجمة أمريكا لمنشآتها النووية . لا أحد يعلم ولكن المستقبل القريب سيكشف ذلك .

إذا تأخرت المفاجأة وتأخر رد إيران أيضاً فمن المتوقع أن تقوم إسرائيل بعملية اجتياح بري للبنان من أجل استفزاز رد كبير من إيران ومن حزب الله ضاربةً بعرض الحائط الخسائر البشرية الهائلة التي ستتكبدها ، الأمر الذي سيقود المنطقة إلى الحرب الإقليمية الشاملة التي ستجبر أمريكا على التدخل ، وبذلك يتحقق أهم هدف لنتنياهو وهو محاربة إيران بجيوش وأساطيل وطائرات حلفائها وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا .

والآن وبعد كل هذه الهجمات الوحشية على القرى والبلدات اللبنانية وبعد كل الإغتيالات وبعد اجتماع مجلس الأمن يوم الأربعاء بهذا الخصوص وبعد الخطب الرنانة في مستهل الدورة التاسعة والسبعين الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة يصدر بيان عن مجموعة كبيرة من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية تضم الولايات المتحدة ومعظم حلفائها الغربيين بالإضافة إلى ثلاث دول عربية هي قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة . يؤكد البيان على وقف إطلاق النار فوراً ولكن بشكلٍ مؤقت لمدة 21 يوما فقط عبر الحدود “اللبنانية – الإسرائيلية” دون ذكرٍ لوقف إطلاق النار في غزة ودون أن يلاحظ البيان الأحوال الإنسانية المزرية والمجاعة وتدهور الأوضاع الصحية وانتشار الأمراض والأوبئة في القطاع المنكوب . بل لا يشير البيان إلى أي رابط بين حرب الإبادة على غزة وبين الاشتباكات المستمرة بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية . وهنا لا بد من التأكيد على أمرين أولهما أن الدول العربية التي لم تشارك في البيان المذكور قد أحسنت صنعاً ومن بينها الأردن ومصر المعنيتين أكثر من غيرهما بتداعيات حرب الإبادة والتهجير الجارية في قطاع غزة والضفة الغربية . أما الأمر الثاني فهو أن البيان المشترك يشير إشارةً خجولة إلى أن وقف إطلاق النار المؤقت سيتيح المجال للدبلوماسية بأن تبحث في وقفٍ دائم لإطلاق النار في كلٍ من لبنان وقطاع غزة .

أخيراً وليس آخراً لابد من الإشارة إلى أن البيان المذكور بكل ما فيه من مثالب ونقاط ضعف وتجاهل لحرب الإبادة في غزة إلا أن نتنياهو قد رفضه بعد أن كان مكتبه قد أصدر قبلها بيوم واحد فقط تصريحات واضحة للعيان أن أسرائيل تسعى إلى اتفاق تهدئة بينها وبين المقاومة اللبنانية ، الأمر الذي شجع الأدارة الأمريكية على إقناع حلفائها على إصدار البيان المشار إليه . وقد أصبحت تلك ظاهرة مكررة أن تنصاع واشنطن لما يريده نتنياهو وبعد أن تتخذ عدة خطوات نحو تحقيق ما يريد ، يعيد نتنياهو النظر ويرفض ما طلبه ووافق عليه سابقاً ، في مناورةٍ لا يعلم كنهها إلا الراسخون في علم العلاقة بين البيت الأبيض وتل أبيب .

لكن في النهاية لن يصح إلا الصحيح وسينتصر الحق على الباطل وستهزم قوى الاستعمار والطغيان وستقف شعوب العالم الحرة مع الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعوب العربية وسينهار النظام العالمي الظالم المستبد المجحف أحادي القطبية الذي تتزعمه واشنطن ، ويقوم مكانه نظام متعدد الأقطاب أكثر إنصافاً ، ديدنه إحقاق الحق ودحض الباطل . “إن الباطل كان زهوقا” والله من وراء القصد .

باحث في العلاقات الدولية والدراسات الدبلوماسية