هل فقدنا المعاييرالاخلاقية المطلوبة في آداب الإختلاف؟/ الياس محمد

سبت, 04/01/2025 - 19:26

قصة مرض ولد عبد العزيز من عد مها مسألة اخلاقية يجب التعاطي معها انطلاقا من حقيقتها دون مزايدة .فقد شهد ت الساحة الوطنية هذه الايام مهاترات كثيرة  مرتبطة بهذه القضية وكانت المهاترات بعيدة كل البعد عن  الأداء السياسي والإجتماعي والإنساني والثقافي، لأن مستوى الخطاب المتبادل بات لا يحترم المعايير الأخلاقية المطلوبة، والكلام سقط إلي مستوي الحضيض وسقطت معه مفاهيم  أخلاقية وأدبية كثيرة لم تكن موجودة سابقا في مجتمعنا..

تحت شعار حرية التعبيرعن الرأي، بتنا نسمع ونرى مزيدا من التعدي اللفظي المنتشرعلى صفحات التواصل الإجتماعي، وعلى المنابر. يمكننا أن نطلق عليه “ قلة أدب” وحتى في الحوا ربين الفرقاء السياسيين لم يعد هناك من حدود في النقد والإختلاف ، إننا نعيش تشويشا، يجعلنا لا نميزالفرق بين نقل الواقع بشكل صحيح وبين جعله صادما ومقززا، لقد فقدنا الحد الفاصل بين النقد والتعدي علي الحرمات. .

لا أحد ينكر ان حرية الرأي والتعبيرعن قناعتنا الفكرية والأديولوجية وآرائنا الصحفية، تعتبر أمرا مطلوبا وحيويا، بل وحاجة ضرورية كون التنوع هو الذي يثمر التطور في كثير من الأفكار التي تحتاج تحديثا يتوافق مع مقتضيات الحياة العصرية. في جولة عامة على المهاترات في وجهات النظر المختلفة، التي أصبحت أبعد ما تكون عن الموضوعية نجد أن الأمور تحدث بلا رقيب يحد من “فلتان” المفاهيم، اذا نحن في زمن الهجوم بالشخصي واطلاق النعوت المهينة على الآخر فقط لأنه يملك فكرا ورؤية مختلفة..

كتب أحد الداعمين للريئس السابق ولد عبد العزيز ردا على فكرة كُتِبت: “انتم قطيع يردد ماع كالغنم” استوقفتني هذه الجملة كثيرا، واستدعت التأمل، لأن كاتبها يظن أنه جريء وحكيم، اكتشف ان التبعية حالة مهينة فأراد ان ينتقد آداء البعض من وجهة نظره، لكن هذا التعليق لا يوصف بالجرأة بل بالوقاحة والتدني المعرفي والاخلاقي والسياسي، إنه كان بإمكانه ان يقول فكرته بطريقة أكثر رقيا وأقوى في تأثيرها، كأن يقول: “التبعية لا تنتج حرية “ أو أي تعبير آخر مؤدب، لكنه وقع في فخ حماسه، ليبدو فاهما وواعيا لحالة سائدة في مجتمعه.

المهاترات فعل طائش لا يدل على نضج في أدبيات الإختلاف، كلنا يدرك أن الإختلاف حق مشروع، لكن الجدل العقيم حتما لا يفضي الى نتائج مرضية لأحد، وقد يقع كثر في هذا الخلل في فن التواصل ويضع نفسه في موقف لا يحسد عليه ويمارس رعونة المغامر في قضيته الذي يسبق لسانه عقله، فيقلب الأمر لضده ويفقد الحق لينعت بالباطل.

الإحترام هو السحر الذهبي في أدبيات الحوار وثقافة التواصل، أي أمر لا يمكن حصره بوجهة نظر واحدة، لأن العقلية البشرية متنوعة ومتناقضة ومتعارضة مع بعضها البعض، وهذا الإختلاف لا يعني عدائية، الحقيقة لا أحد يملكها ولا أحد قادر على تثبيتها في زاوية معينة كونها نسبية ومتغيرة ولا تخضع لقانون بعينه، ونحن مهما بلغ مستوى معرفتنا، لا يمكننا التباهي به، لأن المعرفة لا تختزل ولا تُعلّب او توضع في قوالب عقائدية اوثقافية،.

لا يحق لأحد ان يتناول مجتمع او فرد بالشخصي أو ينعته بصفات مهينة أو يستخدم لغة التعالي والتحقير ليميز نفسه أو يعري خصوصيات غيره، الإختلاف لا يعني حملة تدميرية تنال من كرامة الآخر وحقه الإنساني أو تؤسس للتحريض ضده او حتى تهميشه .